الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

وأخيراً، سمع الأميركيون حقيقة إيران

فيصل ج. عباس
فيصل ج. عباس
بومبيو. (الصورة عن "أ.ف.ب").
بومبيو. (الصورة عن "أ.ف.ب").
A+ A-
وأخيراً، أخبر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو شعبه بما كان يجب أن يسمعوه من فترة بعيدة عن النظام الخبيث في طهران. وبات الأميركيون يعلمون الآن الحقيقة التي لطالما حاول حلفاء واشنطن في المنطقة جاهدين أن يوضحوها: إيران و"القاعدة" صديقان حميمان منذ فترةٍ بعيدة.
 
استهزأ كثيرون في الولايات المتحدة ودول غربية أخرى بادئ الأمر بمحاولات دبلوماسيين وباحثين سعوديين قول الحقيقة عن العلاقة بين إيران و"القاعدة"، وتم رفض مقترحاتنا والتشكيك بها. اتُهمنا بمحاولة تشويه صورة إيران وإسقاط مشكلاتنا عليها. وبدا المنطق والعقل في صف المشككين: كيف يمكن لمنظمة إرهابية سنية متطرفة ونظام شيعي متطرف العمل معاً؟ لكنهم نسوا مبدأ "عدو عدوي صديقي". فقد أصبحت إيران و"القاعدة" صديقتين تسهّلان الإرهاب وتضطلعان به معاً لأن لديهما عدواً مشتركاً: الغرب والسعودية بإسلامها المعتدل. ويذكّرنا تفجير "القاعدة" المجمّعات السكنية في المملكة بعد 11 أيلول (سبتمبر) بأن السعودية والولايات المتحدة كانتا في مرمى "القاعدة" وإيران.
 
يدّعي البعض أنهم دهشوا بإعلان بومبيو، لكنه في الحقيقة ليس بجديد. كانت الإدارات الأميركية السابقة، لا سيما إدارة باراك أوباما، على علمٍ بالتفاصيل الدموية والشريرة، ولكنها أرادت ربما أن تمنح طهران فرصةً أخرى. وقبل أعوام، قدّمت وزارتا الخزانة والخارجية الأميركيتان تقارير عن دعم إيران "القاعدة" عبر إيواء أعضائها وتمويل أنشطتها، ولا عجب في هذا نظراً الى مليارات الدولارات التي تعهدت إيران تقديمها لدعم الجماعات الإرهابية في المنطقة.
 
ومع ذلك، أبرمت إدارة أوباما "اتفاقاً مع الشيطان" في شكل خطة عمل شاملة مشتركة، تمنح طهران الترخيص والأموال للقتل والنهب واحتجاز الجميع رهائن لأعمالها الإرهابية في البر والبحر والجو.
 
هل السعودية بريئة من أي علاقات بالقاعدة؟ بالطبع لا، إذ لا يملّ أعداء المملكة من التذكير بأنّ مؤسس تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن كان سعودياً. كما يذكّرون أيضاً بأن 15 شخصاً من الذين تورّطوا في هجمات 11 أيلول (سبتمبر)، وبلغ عددهم الإجمالي 19، كانوا سعوديين. لكن الفارق الجوهري بين الرياض وطهران، هو أن المملكة العربية السعودية، كدولة ذات سيادة، كانت ولا تزال ضد الإرهاب، ولاحقت أسامة بن لادن أينما ذهب، وبذلت كل ما في وسعها لإحضاره من السودان وأفغانستان. وعندما فشلت في كلّ ذلك، جرّدته من جنسيته السعودية. كما هزمت المملكة "القاعدة" بالزج بالإرهابيين في السجن أو بإعدامهم. أما إيران، فهي الدولة ذات السيادة التي وفرت لهم الملاذ الآمن والسلاح، واستعرضتهم علناً ومجّدتهم كشهداء ومنحتهم الوسائل لإحداث الفوضى والدمار في الشرق الأوسط والعالم بأسره.
 
استخدم النظام الإيراني المسلحين السنة والشيعة على حدٍ سواء، فرعي حركة "طالبان" السنية المتطرفة في أفغانستان وحركة "حماس" في فلسطين والمرتزقة الشيعة في لبنان واليمن وسوريا والعراق لتحقيق هدفه الوحيد، وهو القتل والتدمير. هذا هو النظام الذي أمدّ "القاعدة" بالأوكسجين عندما كانت تلتقط أنفاسها.
 
تُعدّ كلمات وداع بومبيو وهو يترك منصبه تذكيراً مهماً لمن قد يرغب في الإدارة القادمة بإحياء الاتفاق النووي مع إيران، والذي كانت إدارة أوباما أبرمته سابقاً. إنّ تخليص إيران من طموحاتها النووية أمرٌ مرحّب به، لكن يجب عدم تكرار أخطاء الماضي. تُعد تهديدات إيران غير النووية خطراً واضحاً وقائماً، ودعمها للإرهاب بكل أشكاله لن ينتهي. وبرغم أن أوباما مدّ غصن الزيتونٍ لإيران، إلا أنها أثناء فترة ولايته، هاجمت البحرية الأميركية ثلاث مرات من خلال عملائها الحوثيين في اليمن. هؤلاء الحوثيون هم أنفسهم الذين صنفتهم إدارة ترامب هذا الأسبوع "جماعة إرهابية".
 
قدّم بومبيو للعالم، لا سيما للشعب الأميركي، خدمةً عظيمة عندما أخبر الملأ بحقيقة نظام طهران. والأمر الآن متروكٌ لقادة العالم لفهم إيران على حقيقتها: دولة راعية للإرهاب ومركز للتطرف ومتنمّرة هائجة. نأمل أن تكون استراتيجية الاسترضاء والاعتماد على النيات الحسنة قد ولّت منذ زمن، ونأمل أن تعمل الإدارة الأميركية الجديدة مع حلفائها الإقليميين على تحييد كل التهديدات التي تشكّلها إيران، وليس فقط التهديدات النووية.
 
 
*رئيس تحرير "عرب نيوز"
 
@FaisalJAbbas
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم