السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

نحن على أبواب أزمة تمثيل جديدة في مجلس النواب

إعلانات انتخابية على الطرقات اللبنانية (أ ف ب).
إعلانات انتخابية على الطرقات اللبنانية (أ ف ب).
A+ A-
كريمة شبّو- ناشطة حقوقية
 
لِمَ هي كذلك؟
 
قبل الخوض في توجيه النداء للمساهمة في إحداث التغيير يوم 15 أيار المقبل، لا بُدّ لنا من رصد بعض الوقائع التي ترسم توقّعاتنا، بعيداً من رصفّ الشّعارات التي تصبغ رؤيتنا للعمليّة الانتخابيّة بدءاً من قانون الانتخاب، ثمّ اللوائح وتغييب مشاركة النساء، وصولاً إلى الحاصل من توحّد قوى السلطة بوجه تشرذم وتعدّد اللوائح التغييريّة.
 
بداية، لا بدّ لنا من الإشارة إلى أن لبنان كان أوّل دولة عربيّة منحت النساء حق الاقتراع في العام 1952، من دون أن يضمن هذا الحق على مرّ السّنوات التمثيل الصحيح للنساء في المجلس النيابي، كما أن لبنان الذي أعطى الحق للنساء بالاقتراع والترشّح لم يضع أيّ سياسات أو تدابير أو قوانين تضمن وصول ومشاركة النساء في الحياة السياسيّة. وفي ظلّ غياب تحقيق إلزاميّة التمثيل المتوازي للنساء في البرلمان نجد أنفسنا أمام تخبّط بوجه السياسات المنقوصة، التي تمسّ ببديهيات العمليّة التمثيليّة. ففي حين يحقّ للمرأة المشاركة في جميع الانتخابات أسوة بالرجل، من دون أيّ تمييز، لم تصل نسبة مشاركة النساء إلى أكثر من 6% في كلّ الدورات الانتخابيّة.
 
وفي حين لم يبلغ عدد المرشّحات نسبة الـ15%، نتساءل عن عدد المرشّحات اللواتي سيصلن إلى الندوة البرلمانيّة!
 
فكيف لن نكون أمام أزمة تمثيل في المجلس؟
 
هناك لوائح لا تضمّ أيّ مرشّحة، وهذا ليس محصوراً بلوائح السّلطة فقط، بل نجد غياب النساء متحقّقاً في لوائح العديد من القوى التغييريّة، حيث يُبرّر البعض الوضع إمّا باعتذارٍ أو بأن التشكيلات المناطقيّة استدعت ذلك، في حين أنّنا لم نصل في المجلس الحالي إلى نسبة الـ5% من النائبات، ولم نخرج بشيء يُذكر حول تشريع قوانين تُلغي التمييز ضدّ النساء وتحقّق المساواة. فكيف لا نكون أمام أزمة، ونحن في مناطق تمثّل فيها النساء معظم القوى الناخبة، فيما لا يوجد أيّ مرشّحة تمثّل خياراتهن.
 
كذلك، لا يُمكننا التغاضي عن القانون الانتخابيّ الحالي، الذي فُصّل على مقاس المنظومة السياسيّة بما يضمن استمراريّة وجودها وحماية مصالحها ومكتسباتها السياسيّة، من دون أن نتطرّق بالتفصيل إلى العوائق، التي يفرضها هذا القانون على الأحرار أو غير التابعين/ات للأحزاب من المشاركة والترشّح، وما يفرضه من إلزاميّة التحالف والتشكّل ضمن لوائح مناطقيّة وطائفيّة وغيرها من القيود. فلذلك، نحن أمام أزمة تمثيل قبل الحديث عن التوقّعات.
 
وقبل الخوض في التطلّعات التي ننتظرها بعد 15 أيار، لا بدّ لنا من رفع ما سقط منّا من توقّعات حتى اليوم... إذ لم نكن نتخيّل إلا أن يكون هناك طرفان، أوّلهما السّلطة والآخر المعارضة، أي القوى المنتفضة ضدّ سلطة الفساد. ولكنّنا استيقظنا على المشهد المتكرّر للسلطة من اصطفاف طائفي وشدّ العصب الحزبيّ وغيره بوجه طفرة في اللوائح التغييرية التي بدأ بعضها التقاذف فيما بينه، في حين كنّا ننتظر أن يكون توجّهنا إلى الصناديق بخيار واحد هو التصويت للائحة موحّدة ضدّ المنظومة السياسيّة الفاسدة فقط.
 
 
صورة الاغتراب تدعونا إلى أن لا نعلّي سقف التوقّعات
والمشهد الآخر هو ما تابعناه من كَثَب في دول الاغتراب. وهنا، علينا أوّلاً التعامل مع توقّعاتنا بواقعية من حيث الصورة الصّادمة التي ظهرت بسبب الضياع بين مصطلحات ومفاهيم وتعويل على المغترب، وتحميله كلّ التطلّعات التي نرنو إليها، في حين أن المشهد كان مضحكاً مبكياً، وقد ظهر كأنّه جاء ليشكّل خضّة للكثيرين قبل الانتقال إلى الداخل ليمهّد لنا لرؤية ما ينتظرنا من أزمة تمثيل في المجلس النيابي المقبل....والحديث يطول.
 
وأخيراً وليس آخراً، وهذا ما على المرشّحين/ات والناخبين/ات أن يعوه أنّ من مهام مجلس النواب تولّي السلطة التشريعية، وممارسة الرقابة الشاملة على سياسة الحكومة وأعمالها، ومن صلاحياته إقرار القوانين، وانتخاب رئيس الجمهورية.
 
وعليه، فالمحاسبة والمساءلة تكون لا بعدد الوظائف ولا بوعودٍ بكراتين معونات أو تزفيت طرقات، ولا بخطابات مناطقيّة لابن المنطقة، بل بعدد القوانين التي تمّ إقرارها أو سيتمّ إقرارها؟ وكم عدد التعديلات التشريعيّة والقانونيّة من أجل إلغاء التمييز وتكريس المساواة بين جميع المواطنين والمواطنات، وكيفية محاسبة ومراقبة ومساءلة الحكومة وسياساتها؟
 
فمهمة النائب هي التشريع على مستوى الدولة لصالح المواطنين/ات على امتداد الوطن، وتضمن حقوق كلّ مقيم ومقيمة وكلّ إنسان.
المعركة لا تقتصر على المشاريع الانتخابية ومقترحات القوانين بل تتعداها إلى قلب المجلس.
 
ولكي لا تبقى حقوقنا مجرّد عناوين على برامج المرشحين/ات الانتخابية، ولكي لا تندحر وتتلبّد مقترحات القوانين في أدراج مجلس النواب، فلا تصل إلى التشريع والإقرار، أحسنوا الاختيار، واختاروا مَن يُمكنه أن يخوض المعركة في داخل مجلس النواب بنَفَس ينتفض به على كلّ تشريع ظالم تمييزيّ أو مجحف، ينتهك أيّ حقّ مِن حقوق الإنسان؛ مَن يُمكن أن يكون حرصه/ا ليس فقط على تقديم مقترحات القوانين بل وضعها على جدول الأعمال والعمل على إقرارها والضغط من دون ملل أو كلل، بشفافية وتضافر مع المجتمع المدني، والمناصرة المواكِبة من أجل رفع كلّ العقبات التي يمكن أن تعرقل تغيير وتنزيه القوانين؛ وذلك انطلاقاً من خبرتنا في الانتخابات السابقة. فبعد أن تبنى عددٌ من النواب مطلب النساء في حملة "جنسيتي حقّ لي ولأسرتي"، وتقديم عددٍ من النواب مشروعَي تعديل قانون إلى المجلس، لم يكن ذلك كافياً، فلم يبصرا النور، بالرّغم من كلّ الضغوطات.
 
لذلك، نحن بحاجة إلى نواب يمثلون قضايانا حقّاً قولاً وفعلاً وعملاً، ومسؤوليتنا جميعاً أن نصوّت لمن سيخوض المعركة من أجل حقوقنا من دون أيّ توانٍ. ولكي لا يبقى الفساد يتحكّم بنا، ولكي نكون مسؤولين عمّا سنصحو عليه، وما ينتظرنا في الـ16 من أيار، علينا ممارسة حقنا بكلّ مسؤوليّة وضمير من دون أيّ تهاون أو محسوبيّة وبعيداً من الزبائنية.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم