الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أنقذوا العام الدراسي قبل فوات الأوان

المصدر: النهار
التعليم في زمن كورونا. (تعبيرية. عن "أ.ف.ب").
التعليم في زمن كورونا. (تعبيرية. عن "أ.ف.ب").
A+ A-
محمود عيسى*
 
مع انقضاء النصف الأول من العام الدّراسيّ 2020/2021، وفي ظلّ تردي الوضع الصحي الناجم عن انتشار فيروس covid 19 من جهة، والضّائقة المادّية والاقتصاديّة من جهةٍ ثانية، زد على ذلك الاضطرابات والمشاكل الأخرى التي يشهدها بلدنا، تولّد قلق كبير لدى الأهل والمعلم والمتعلّم على حدٍّ سواء، وزادت المسؤولية الملقاة على عواتق التربويين؛ إذ بات يتحتم عليهم المواءمة بين إنهاء العام الدراسي في مواعيده المقررة من جهة، وتحسين المكتسبات لدى المتعلمين من جهة أخرى، إضافة إلى مراعاة الحالة النفسية للمعلم وللمتعلم من جهة ثانية.
 
وعليه؛ ومن أجل تحقيق هذا التوازن، توجّب على القيادات التربوية تحمّل مسؤولياتها كاملة، والابتعاد من التخبط أو إدعاء السرية في التخطيط؛ لأننا أمام مسؤولية وطنية لا تتحمّل عنصر المفاجأة، والوضع النفسي لا يحتمل المزيد من التأزيم، خصوصاً أنه بات من غير المتاح التحكم بعامل الوقت، وبالتالي تجنب الوصول لساعة الصفر من دون إيجاد حلول منطقية مسبقاً.
 
لذا بات من اللازم وضع خارطة طريق تربوية لاستكمال العام الدراسي 2020-2021، والذي حسب رأينا، لا يمكن إنقاذه إلا إذا انطلقنا من قناعة أنه لدى المتعلمين (للأسف) ثقافة إهمال كل جوانب المعرفة التي لن تخضع للتقويم، ويعود السبب في ذلك إلى تنشئة المتعلم على مبدأ التفوق بالعلامات. وإذا ذهبنا أبعد من ذلك لوجدنا أيضاً أن أداء المعلم ومتابعته في كثير من الأحيان يتأثران بعملية وجود امتحانات رسمية في نهاية العام أو عدمها. لذا لا بد من وضع خطة شاملة لإجراء الامتحانات الرسمية، خطة تلحظ مسار التعليم خلال هذا العام الذي تأرجح بين التعليم من بعد بشكل شبه كامل والمدمج، ولم يعد بالمقدور إلا تقديم المعرفة أو المادة التعليمية للمتعلم بتقنيات ووسائل جديدة ومستحدثة قسرًا.
 
بناء على ذلك؛ فإننا نصرّ على إجراء امتحانات رسمية وفق رؤية تربوية مسبقة واضحة المعالم وقابلة للتنفيذ والمتابعة على الأرض؛ لأن مجرد الإصرار على إجرائها من دون التخطيط المنهجي المسبق لها، في ظل كل هذه المتغيرات، لن يكون سهلاً، ولن يحقق النتائج المرجوة؛ لأنه لا يمكننا أن نترك الأمور كما يقال بالعامية "ربّانية" في ظل شعور الجميع إدارات-معلمين-متعلمين-أولياء أمور، بأنه من الصعب إجراء هذه الامتحانات بنفس وتيرة الأعوام السابقة التي تم التعليم فيها حضورياً.
 
نعم، لا بد من اتخاذ خطوات جريئة تراعي جميع جوانب العملية التعليمية ـ التعلمية لهذا العام، حيث يمكننا وضع خطة لإجراء امتحانات رسمية بالمواد الأساسية فقط، أقله في صفوف الترمينال، ضمن إجراءات السلامة العامة حتى لو اضطررنا مرغمين إلى إجراء تقليص إضافي لمناهج هذه المواد حفاظًا على العدالة التربوية "Equity".
 
إن مثل هذا الإجراء كفيل برفع النواتج التعليمية لدى المتعلمين، إذ يدفع جميع مكونات العملية التعليمية-التعلمية من إدارات المدارس والمؤسسات التربوية والمتعلمين والأهل إلى التعاطي بجدية أكبر من جهة، ويساعد على تخفيف التوتر والضغوطات النفسية من جهة أخرى؛ خصوصاً إذا ترافق ذلك مع الإعلان عن رفض إعطاء الإفادات، واعتماد العلامات المدرسية للترفيع في جميع الصفوف الأخرى، مع أخذ العلامات المدرسية للمواد التعلمية التي لم يخضع فيها المتعلم للامتحانات الرسمية بعين الإعتبار كشرط أساس للحصول على الشهادة الرسمية.
 
أخيراً، نحن نعلم أن مثل هذه التغييرات قد تتطلب قوانين تشريعية في مجلس النواب. وانطلاقاً من هنا، ندعو إلى استدراك الأمر حالاً لإنقاذ العام الدراسي؛ حيث بإمكان المجلس النيابي تشريع مثل هذه القوانين بصورة مستعجلة، على غرار ما حدث في ما يتعلق بلقاح الكوفيد 19، كما بإمكانه تشريع التعليم من بعد بصورته الإستثنائية لإنقاذ القطاع التربوي والعام الدراسي الحالي. ولا نغفل هنا عن الإشارة إلى أنه ينبغي الوقوف إلى جانب المعلم في ظل الضغوطات المتراكمة لأنه الركيزة الأساسية لتطبيق ونجاح أي خطة تربوية.

مدرب تربوي وأستاذ تعليم ثانوي

 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم