الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أسعار الذهب إلى مزيد من الارتفاع عالمياً... فهل ينعكس إيجاباً على احتياط لبنان؟

المصدر: "النهار"
الذهب.
الذهب.
A+ A-
يحافظ لبنان على موقعه كصاحب ثاني أكبر احتياط من الذهب في المنطقة العربية بثروة تقدَّر بنحو 286 طناً من المعدن الأصفر وبقيمة قدَّرها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حتى نهاية شباط 2022 بنحو 17,547 مليار دولار. فما اهمية هذا الاحتياط الذهبي امام توجه المصارف المركزية الى تعزيز احتياطاتها من الذهب؟ وهل سيكون للأزمة التي يمر بها العالم حاليا الأثر الايجابي على لبنان؟

عزز التضخم العالمي طلب المصارف المركزية العالمية على شراء الذهب بغية دعم الإحتياطات الدولية الآمنة لديها، اضافة الى ذلك، فان المستثمر حينما يستشعر أن أمواله تفقد قيمتها، يبدأ بالانتقال الى الأصول التي حافظت تقليديا على قيمتها، اي الذهب، تماما كما حصل في لبنان حيث سارع الكثير من اللبنانيين الى شراء الذهب خوفاً من الإنهيار الحاصل في البلاد.

ثمة عوامل دفعت المصارف المركزية باتجاه رفع احتياط الذهب لأسباب تتعلق بالتحوّط ضد الازمات، والخشية المتصاعدة من ركود اقتصادي عالمي قريب ومتوقع الحدوث، ومخاطر التضخم العالمي.

تاريخياً، يعتبر الذهب وسيلة دفع محايدة وهو يشكل أداة للمصارف المركزية لحماية نفسها من أزمة الديون السيادية العالمية، الامر الذي لا يمكن فصله عن حالة عدم اليقين الاقتصادية التي أرخت بظلالها على المشهد العالمي بسبب الحرب الأوكرانية من دون نسيان العوامل التي سبقتها، لا سيما جائحة كورونا، مع اتصال كل ذلك بصعوبة تعدين الذهب الآن، الامر الذي سيشكل ايضا مع مرور الوقت أحد أسباب ارتفاع الأسعار على المدى الطويل.

كل هذه العوامل مجتمعة ساهمت، وفق المتخصص في اجهزة الرقابة القضائية على المصارف المركزية وأجهزة الرقابة التابعة لها المحامي الدكتور باسكال ضاهر في التوجه نحو زيادة احتياط الذهب، لا سيما منها مشتريات المصارف المركزية منه، إذ يلاحظ انه خلال العام الماضي حققت المصارف المركزية زيادة بنحو 12% من الإنتاج الإجمالي للذهب العالمي، مقارنة بـ 8% عام 2020، وقد استمر زخم مشتريات المصارف المركزية من الذهب في السنة الجارية، حيث بلغ مثلا صافي مشتريات المصارف المركزية من الذهب خلال النصف الأول نحو 270 طنا. وكانت النسبة الأعلى من نصيب بنك الاحتياط الهندي، إذ أضاف فقط في تموز الماضي أكثر من 13 طنا من الذهب إلى احتياطاته، يليه مباشرة على المستوى العالمي البنك المركزي التركي الذي رفع احتياطاته الذهبية نحو 12 طنا فقط في الشهر السابق، ليبلغ إجمالي احتياطات الذهب لديه نحو 469 طنا، وهو أعلى مستوى في عامين. وهذا الشراء يعتبر الاعلى في العالم نسبة الى المعدل الشهري قياسا على حجم الاقتصاد. ومع اتجاه الاحتياط الفيديرالي الى تقليص مشتريات الاصول الضخمة التي أنقذت الاقتصاد من الاضطرابات الناجمة عن الجائحة، تتجه الانظار ليس الى التحوط بالذهب فقط بل الى العملات المشفرة ايضا، لا سيما ان المصارف الرائدة في "وول ستريت" تنقسم حول المزايا النسبية للاثنين معا، علما ايضا ان مجلس الذهب العالمي اكد ان صناديق الاستثمار المتداولة عالميا للذهب سجلت تدفقات صادرة بقيمة 95 طناً (5 مليارات دولار) في ايلول، وهو أكبر تدفق شهري منذ آذار 2021.

امام هذه المشهدية، يشير ضاهر لـ"النهار" الى "وجود نوع من العلاقة العكسية بين ارتفاع الدولار وهبوط الذهب، وهذا المسار يُعبَّر عنه بالارتباط العضوي بين كليهما، وقد نشأ منذ ان قررت الولايات المتحدة في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون عام 1971 التخلي منفردة عن ربط العملات الأجنبية بالدولار الذي كان بدوره مربوطا بكمية ثابتة من الذهب، علما ان اول مصرف قد قوَّم العملة الورقية بالذهب هو البنك السويدي في استوكهولم منذ العام 1660 ثم المصرف المركزي البريطاني في العام 1821 والولايات المتحدة الأميركية في العام 1879، ومنذ 1971 اصبحت ديناميات السوق الحرة هي التي تحدد اسعار الذهب بالنظر إلى قوة الدولار وضعفه من جهة، واتصال ذلك بإرادة المستثمرين اللجوء الى نقل الاصول لاستثمار آمن في المعدن الاصفر. اضافة الى هذا العنصر المهم، يدخل في تسعير الذهب تباعا أداء أسواق الأسهم العالمية، اي تحرك أسعار الفائدة صعودا او هبوطا، عامل التضخم وعوائد السندات الأميركية"، وفق ما يوضح ضاهر.

مؤشر ثقة المستهلك؟

عامل النمو، وأسعار النفط الخام والغاز المقوَّمة بالدولار، يجعلان من الذهب أداة للتحوط من التضخم. وفيما يتوقع عدد من المحللين ارتفاع سعره قريبا، إلا أنه لا يدرّ عائدا، لذلك فهو حساس لأسعار الفائدة وعائدات سندات الخزانة الأميركية. وعلى كل ذلك تدخل المعادلة الاساسية الجديدة التي وضعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي تتمحور حول عدد من النقاط، وهي الدفع بالروبل، ونظام "مير" الروسي للتحويل بدلا من "سويفت"، ووحدة التسعير بين النفط والغاز والروبل هي الذهب بمعدل كل غرام يساوي 600 روبل، وتصدر أسعار النفط والغاز بنشرة يومية في موسكو مقابل الذهب. وهذا يعني برأي ضاهر أن "على الدول الراغبة في شراء النفط والغاز من روسيا ان تشتري يومياً بهذه القيمة ذهباً تودعه لدى المركزي الروسي. وهذا يفيد ان الخطة المتبعة ليست التحايل وعكس العقوبات فقط بل انشاء نظام عالمي جديد يعيده الى فترة قبل بريتن وودز، اي تقويم العملة على اساس الذهب، اي إزاحة الدولار عن مكانته مع ربط ذلك بكون روسيا مع مجموعة بريكس وتحديدا الصين وجنوب افريقيا تحوز أضخم مستودعات العالم للذهب، ومصادر الإنتاج الجاهز للتداول في أسواقه. وضمن هذا الإطار يجب ألّا نغفل عن سعي البنوك المركزية لدى كل من الصين وروسيا وتركيا لزيادة مخزونها من الذهب بشكل حثيث ومستمر".

امام هذا الواقع يُطرح سؤال عن مدى انعكاس ما يحصل على صعيد الداخل اللبناني، لا سيما ان مخزونه من الذهب يعدّ ضخما على الصعيد العالمي؟ ينصح ضاهر بوجوب "عدم التفكير الا بكيفية زيادة هذا المخزون وتحصينه لانه امام ما يحصل من تقلبات دولية متصلة بنيّة الاقتصادات الدولية المؤثرة لاعادة العمل بنظام تقويم العملة بالذهب، وزيادة احتياطاتها منه لنصل الى نتيجة منفردة وهي أن على لبنان عدم التفريط بهذه الثروة اطلاقا، ليس هذا فحسب بل قد يكون من الاجدى وامام الازمة المرتقبة لبنك credit suisse ان يتم تنويع الاحتياطات ولا ضير من تنويع الاستثمارات الاحتياطية".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم