الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"صعوبات في التنفس".... آسيا تعاني للتخلّص من الفحم رغم حالة الطوارئ المناخية

المصدر: "أ ف ب"
تلوث (تعبيرية- أ ف ب).
تلوث (تعبيرية- أ ف ب).
A+ A-
تعدّ محطة الطاقة الكبيرة التي تعمل بالفحم في سورالايا في إندونيسيا والأبخرة السامة الكثيفة المتصاعدة منها مثالاً على الصعوبات التي تواجه بلدان آسيا التي ما زالت اقتصاداتها تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري لتحقيق التحول إلى مصادر نظيفة للطاقة الضروري لإنقاذ المناخ.

وتستهلك منطقة آسيا والمحيط الهادئ ثلاثة أرباع الفحم المُنتج عالمياً فيما تتعرض المنطقة بشكل خاص لتأثير تغير المناخ مع مستويات من التلوث تسبب وفيات في الهند وحرائق غابات في أوستراليا. 

يقول الخبراء إنّ الوعود التي قطعتها الصين ودول أخرى بتحقيق حياد الكربون تثير الآمال في مستقبل أنظف، لكن المنطقة شرعت في انتقال بطيء جدّاً نحو مصادر الطاقة المتجددة. 

ويشرح تاتا موستاسيا من منظمة السلام الأخضر الإندونيسية "نحن نتحرّك أبطأ بكثير من تأثير تغير المناخ. الوقت ينفد".

ويبدو أنّ إحداث تغيير أمرّ شاق بشكل خاص في المنطقة وهي واحدة من آخر معاقل الفحم، مصدر الطاقة الأكثر تلويثاً. إذ يفيد تقرير نشرته مبادرة تعقب الكربون Carbon Tracker أنّ خمس دول آسيوية هي الصين والهند واليابان وإندونيسيا وفيتنام تنفذ 80 في المئة من مشاريع محطات الطاقة الجديدة التي تعمل بالفحم في جميع أنحاء العالم.

ولا يبدو أنّ الوعود الأخيرة بوقف إنشاء وتمويل محطات جديدة ستؤثّر على العديد من المشاريع الجاري تنفيذها. 

تشكّل محطة الطاقة العملاقة التي تعمل بالفحم في سورالايا، في جزيرة جاوة الإندونيسية، وهي واحدة من أكبر محطات الطاقة في جنوب شرق آسيا، مثالاً واضحاً على هذا التحدي. 

وتستهدف إندونيسيا تحقيق الحياد الكربوني في عام 2060 وتريد التوقف عن بناء محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم اعتباراً من عام 2023. لكن مشروع توسعة محطة الطاقة هذه الذي تبلغ قيمته 3,5 مليار دولار قائم.
 
 
"صعوبات في التنفس"
يساهم الفحم بنسبة كبيرة في انبعاثات الكربون في العالم ما يجعله تهديداً كبيراً لجهود الحدّ من ارتفاع درجة الحرارة بنحو 1,5 درجة، وهو الهدف الذي حددته اتفاقيات باريس عام 2015. كما أنّ له أيضاً تأثيراً كبيراً على الصحة العامة. 

في قرية تقع بالقرب من محطة توليد الكهرباء في سورالايا، يتراكم غبار الفحم في أكثر الأحيان على المنازل ويشكو السكان من أمراض مختلفة.

يقول مسنان أمرالله، وهو عضو جمعية محلية لمكافحة التلوث، إنّ "السعال وصعوبة التنفس هما من المشكلات المسجلة في المنطقة...  كما يشتكي الناس من تهيج العين عندما يعملون في الحقول". 

ويشدد إيدي سوريانا الذي توفيت قريبة له في عام 2010 بسبب مرض في الرئة لوكالة فرانس برس أنّها "تعرّضت لغبار الفحم عندما كانت تعمل في متجرها الصغير على بعد 20 إلى 50 متراً من مكان إلقاء الرماد" الصادر عن المحطة.

من دون الحصول على تأكيد رسمي من الأطباء، تعتقد الأسرة أنّها كانت ضحية للتلوث. 


مياه سامة
أمّا سويرو وهو صياد من المنطقة، فيتهم المصنع بالتسبب في انخفاض عدد ونوعية الأسماك في السنوات الأخيرة. 

يوضح سويرو البالغ من العمر 60 عاماً "كنت أصيد 100 كيلوغرام من الأسماك في كلّ مرّة أخرج فيها إلى البحر. لكن منذ أن صارت المنطقة ملوثة جدّاً، نشعر بالسعادة عندما نصيد 10 كيلوغرامات". ويحمل سويرو اسماً واحداً مثل العديد من الإندونيسيين. 

يستفيد مشروع توسعة محطة سورالايا من 1,9 مليار دولار من التمويل العام الكوري الجنوبي والدعم من شركة الكهرباء الكورية الجنوبية العملاقة كيبكو، وفقاً لمنظمة الحلول المناخية غير الحكومية (SFOC)، وهذا على الرغم من تعهد سيول بوقف تمويل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم خارج البلاد. 

ويقول متحدث باسم كيبكو لـ"وكالة فرانس برس" إنّ المشروع، المقرر الانتهاء منه في عام 2024 ويُفترض أن يعمل طيلة عقود، لم يتأثر بالحظر لأنّه بدأ قبل ذلك.

ويشير سيجونغ يون من منظمة الحلول المناخية الكورية الجنوبية إلى أنّ الحكومات "التزمت بعدم تعميق المشكلة، لكن ليس لديها بالفعل خطة تتيح لها الخروج" منها.


"عرض حلول"
تهدف الصين، أكبر منتج للانبعاثات في العالم، إلى بلوغ الحياد الكربوني في عام 2060، وأعلنت الشهر الماضي أنّها ستتوقف عن تمويل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في الخارج، من دون تحديد مصير المشاريع الجارية. 

لكن ما يقرب من 60 في المئة من اقتصادها يغذيه الوقود الأحفوري، وطلبت السلطات للتو من المناجم زيادة إنتاجها في مواجهة أزمة الطاقة. 

كما وعدت اليابان بتعزيز الضوابط على تمويل محطات الطاقة في الخارج، لكن من دون التخلي التام عنها.

تطالب البلدان النامية بمزيد من المساعدات لتقليل انبعاثاتها بينما لم تحافظ الدول الغنية على التزامها بتقديم 100 مليار دولار سنوياً من أجل التحول في مجال الطاقة. 

ومع اقتراب قمة المناخ "كوب26"، تطلب الهند، ثاني أكبر مستهلك للفحم في العالم، مزيداً من التمويل لتطوير الطاقات المتجددة ومعالجة تغير المناخ. 

وترفض نيودلهي حتى الآن تحديد موعد نهائي لتحقيق حياد الكربون وتريد مواصلة الاستثمار في مناجم الفحم. 

يشرح  كبير المحللين في وكالة الطاقة الدولية كارلوس فرنانديز ألفاريز أنّه للمضي قدماً، يجب على الدول المتقدمة تبني نهج بنّاء مع الدول الفقيرة. 

ويضيف في تصريح لـ"وكالة فرانس برس" أنّ "المسألة ليست مجرّد أن يقال لهذه البلدان: أغلقي محطاتك التي تعمل بالفحم. بل علينا أن نقدّم لها الحلول. نحن بحاجة إلى سياسات وتمويل وتقنيات". 

ولكن، وعلى الرغم من الصعوبات، هناك بوادر إيجابية مثل إعلان العديد من المؤسسات المالية في آسيا إنهاء الاستثمار في الفحم. 

ومن ثم تخطط الصين لزيادة حصة الوقود غير الأحفوري في استهلاكها من 16 في المئة حالياً إلى 20 في المئة في عام 2025. 

كما تعهّدت الهند بمضاعفة قدرتها في مجال الطاقة المتجددة أربع مرّات بحلول عام 2030، وفقاً لتقارير وكالة الطاقة الدولية. 

لكن نشطاء المناخ يطالبون بتحرّك أسرع. ويقول تاتا موستاسيا من منظمة السلام الأخضر إنّ "الكوارث الطبيعية المتعلقة بالمناخ تحدث منذ الآن في كل مكان في آسيا".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم