الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

وسط بيروت التجاري مقفر وحزين... في انتظار الحلّ السياسي وتعويضات شركات التأمين

المصدر: "النهار"
كميل بو روفايل
كميل بو روفايل
وسط بيروت التجاري مقفر (تصوير نبيل إسماعيل).
وسط بيروت التجاري مقفر (تصوير نبيل إسماعيل).
A+ A-
وقت تصدّر الهموم المعيشية وأبرزها أزمة المحروقات والدواء والخبز أولويات اهتمام اللبنانيين، كان وسط بيروت يودّع علامات تجارية عريقة ومحالاً تجارية أقفلت أبوابها بالجملة. مشهد حزين. قلب المدينة ينوء في الوحشة والصمت.  تحوّل الوسط التجاري  مدينة أشباح تلقّت ثلاث ضربات. من الأزمة الاقتصادية فكورونا وصولاً إلى انفجار المرفأ. لم يبقَ من المحال التجارية في قلب العاصمة إلّا نحو 15 في المئة من تلك التي كانت موجودة قبل اشتداد الأزمات.

الواجهات فارغة والأبواب مقفلة، الحركة معدومة، فنادق العاصمة تحتاج إلى ترميم وتصليحات، والحال ينسحب على المحال التجارية والمطاعم. بدت بيروت، وتحديداً وسطها التجاري، خلال الموسم السياحي هذا الصيف أضعف مدن لبنان، فإذا كان السيّاح والمغتربون قد فضّلوا الاصطياف في القرى بعيداً من الاكتظاظ جرّاء كورونا وأزمة البنزين وانقطاع الكهرباء، فإنّ شوارع العاصمة لم تستقبل روّادها على النحو المعتاد الذي يليق بها.

تضمّ بيروت الكبرى 2103 مطاعم تأذّى منها 1408 مطاعم، كانت الأضرار بنسبة 100 في المئة في الأشرفية ومار مخايل والصيفي، وبنسبة 90 في المئة في الجميزة، و87 في المئة في وسط بيروت، أمّا الحمرا فكانت أضرار مطاعمها بنسبة 44 في المئة، وفردان 41 في المئة.

المحال التجارية تنتظر التعويضات من شركات التأمين، وأكّد رئيس جمعية تجّار بيروت نقولا الشماس لـ"النهار" أنّه "جرّاء الانهيار المالي والنقدي وبسبب الإقفالات المتعددة التي نتجت عن تفشي كورونا، وجرّاء انفجار مرفأ بيروت وندرة توافر السيولة بالدولار الأميركي لإعادة البناء والترميم والتي يترتب على الدولة اللبنانية وشركات التأمين دفعها، هناك عجز تام لدى معظم التجّار عن ترميم محالهم والعودة إلى العمل بشكل طبيعي". يحتاج الوسط التجاري إلى ما يزيد عن الـ250 مليون دولار كتعويضات بعد انفجار المرفأ. أمّا العاصمة فتقديرات شركات التأمين تشير إلى ملبغ يتراوح بين مليار و200 مليون دولار أميركي ومليار و500 مليون. لم تدفع شركات التأمين حتى الآن إلّا 10 في المئة من مبلغ التأمين. وأشار الشماس لـ"النهار" إلى أنّ المبالغ توزّعت بين الدفعات النقدية والشيكات المصرفية (لولار) والدولار المدفوع وفق سعر الصرف الرسمي (أي 1507،5 ليرات للدولار الواحد). تتجاوز تقديرات الأضرار التي وضعتها جمعية تجار بيروت تلك التي احتسبتها شركات التأمين، لكن بالإضافة إلى الأضرار التي تركها انفجار مرفأ بيروت فإنّ خسائر الوسط التجاري لا تقف هنا، لأنّ الإقفالات المتعددة وتوقف العمليات كلها أكلاف قد تعادل بقيمتها الخسارة المادية التي طاولت البنية التحتية لوسط بيروت.

تُحَمّل أضرار انفجار مرفأ بيروت وزر إقفال محال الوسط التجاري، لكن تأخّر صدور الحكم القضائي الذي يحدد طبيعة الانفجار وتالياً الجهة التي ستغطي كلفة أضرار الانفجار أخّر العودة والترميم. من هذا المنطلق لا يرى أمين صندوق نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان عارف سعادة أنّه يمكن للمطاعم الموجودة في الوسط التجاري مطالبة شركات التأمين بأيّ تعويض إضافي من دون الحكم القضائي، وإذا كان الشماس يستبعد عودة الشركات والمؤسسات من دون الحصول على تعويض وبالدولار النقدي كي تتمكن من تغطية أكلاف التصليح والأضرار المختلفة، فإنّ مطاعم الوسط التجاري عادت بمعظمها لكنّ أزمات الكهرباء والمازوت والبنزين فرملت الانطلاقة.

من جهة ثانية، أشار الشماس إلى بقاء نحو 15 في المئة من مجموع المؤسسات التي كانت تعمل قبل العام 2011 (أي قبل بدء الأزمة في سوريا)، ويرى في هذه الأرقام "واقعاً مرعباً"، وفضلاً عن ذلك فإنّ رقم الأعمال تراجع بنسبة 85 في المئة. أبرز ما يجذب المواطنين والسياح إلى قلب العاصمة هو كثرة المؤسسات وتنوعها، لذلك يرى الشماس في هذه الإقفالات "ظاهرة تصحّر" لا تعطي أي حافز لزيارة الوسط التجاري.

من جهة مقابلة، وفي ظلّ الانهيار الحادّ لليرة اللبنانية في السوق السوداء وتدهور القدرة الشرائية، لم يعد لدى المستهلك اللبناني رفاهية التجول في بيروت وارتياد مطاعمها أو زيارة محالها التجارية، فراتب الموظف لا يكفي بدلات نقل وتأمين أبسط الحاجات الأساسية. لكنّ الموسم السياحي الذي بدأ حافلاً، لم يعكس أي إيجابية في وسط بيروت، وما لبث أن تلقى ضربة موجعة من سوق المحروقات وانقطاع البزين وتقنين ساعات تغذية المولّدات الخاصة ومؤسسة كهرباء لبنان.

واقع حال مطاعم الوسط التجاري، التي تضررت بنسبة 87 في المئة من انفجار المرفأ، مختلف عن المحال التجارية. وحسب سعادة، يعمل منها حالياً 100 معطم من أصل 115 مطعماً كانوا موجودين قبل الأزمة. ولفت سعادة إلى أنّ "وتيرة العمل متقطعة، فالمطاعم تفتح عندما تتمكن من تأمين الكهرباء والبزين للموظفين". تتبع هذه المطاعم بمعظمها لسلسلة تسعى للمحافظة عليها، لذلك تدعمها في سبيل البقاء. وكي تستمر وتحافظ على اسمها، تعمل مطاعم بيروت على إعطاء "فرانشيز" في دول عربية مختلفة، وقسم آخر انتقل خلال الموسم إلى البترون وجبيل، حسب ما أفاد سعادة "النهار". أمّا بالنسبة إلى الشماس فإنّ الخيار الآخر في انتظار تعويضات الشركات الضامنة هو الطلب من الدولة اللبنانية لدى الحصول على أموال "سيدر" بصيانة البنية التحتية في وسط بيروت.
 
("النهار"- تصوير نبيل إسماعيل)
("النهار"- تصوير نبيل إسماعيل)
("النهار"- تصوير نبيل إسماعيل)
("النهار"- تصوير نبيل إسماعيل)
("النهار"- تصوير نبيل إسماعيل)
("النهار"- تصوير نبيل إسماعيل)
("النهار"- تصوير نبيل إسماعيل)
("النهار"- تصوير نبيل إسماعيل)
("النهار"- تصوير نبيل إسماعيل)
("النهار"- تصوير نبيل إسماعيل)
("النهار"- تصوير نبيل إسماعيل)
("النهار"- تصوير نبيل إسماعيل)
("النهار"- تصوير نبيل إسماعيل)
("النهار"- تصوير نبيل إسماعيل)
("النهار"- تصوير نبيل إسماعيل)
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم