السبت - 27 تموز 2024
close menu

إعلان

لجنة الإدارة ردّت اقتراح قانون تحويل الأسهم التفضيلية إلى ودائع... عدوان لـ"النهار": يخالف قانونَي النقد والتسليف والتجارة البرية

المصدر: "النهار"
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
كثيرة هي مشاريع القوانين المقدَّمة من نواب سابقين وحاليين، عالقة في جوارير المجلس منذ سنوات، ولم يُصر إلى مناقشتها بعد على رغم تناولها جوانب مختلفة تهدف إلى إيجاد حلول ولو "ترقيعية" لأزمات باتت تحتاج إلى حل شامل وجذري ينهض بالوضع الراهن. وفي إطار مشاريع القوانين المالية والمصرفية الرامية إلى إعادة النظر في هيكلة المصارف واعادة حقوق المودعين، برز الى الواجهة إقتراح قانون يرمي إلى تحويل الأسهم التفضيلية إلى ودائع. لكن لجنة الادارة والعدل النيابية ردته على اعتبار أن إقرار الإقتراح سينتج عنه تخفيض رأس مال المصرف، في حين أن إجراءً كهذا منظمٌ بقانون التجارة البرية (المادة 105) الذي ينص على صلاحية الجمعية العمومية غير العادية، إضافة إلى دمج رأس المال بالودائع، علما أن لرأس المال دورا أساسيا في حماية الودائع.

فما هو هذا القانون وما الهدف منه؟ رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان أوضح لـ"النهار" أن القانون كان قد أُرسل من النائب السابق محمد الحجار وتبنّاه عضو اللجنة النائب بلال عبدالله، فدرسته اللجنة حرصاً منها على متابعة القوانين المالية والمصرفية المقدمة في هذا الإطار، وعدم ترك القوانين المطروحة موضوعة في الجوارير.

تنص المادة الأولى من القانون الآنف الذكر على حق المكتتب بالأسهم التفضيلية التي لا تزيد قيمتها عن 300 ألف دولار في إلزام المصرف بتحويل قيمة هذه الأسهم المكتتب بها، مضافا إليها جميع الفوائد المستحقة، إلى وديعة لمصلحته، خلال مهلة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ صدور هذا القانون.

أما الأسباب الموجبة لاقتراح القانون إياه فتأتي على خلفية عرض المصارف على عدد من المودعين لديها تحويل جزء من ودائعهم لشراء أسهم تفضيلية تُجمَّد لثلاث سنوات وبفائدة سنوية لا تقل عن 6%، توضع في حسابهم في شهر أيار من كل عام. ولدى الإستفسار عما إذا كان بالإمكان فسخ التجميد، أوهمت المصارف هؤلاء بأن ذلك ممكن في أي وقت، زاعمةً أن هذه الأسهم "ما هي إلا وديعة إنما بفائدة أعلى من السوق". وبررت المصارف الامر بأن التجميد يتم لفترة ثلاث سنوات، إلا أنها أعلمت المودعين بمعزل عن موافقتهم عند استحقاق هذه الودائع بدءا من العام 2016، بتجديد الودائع لثلاث سنوات أخرى بمردود أعلى، كما استعدادها لتحرير الودائع بدءا من العام 2019 بمجرد طلب المودعين. وبما أن الودائع لم تُحرر كما لم تُحرر ودائع مشابهة لأسهم تفضيلية أخرى، جرى شراؤها بعد العام 2016 ولم تُدفع الفوائد المستحقة عليها من العام 2019، الأمر الذي يتعارض مع تعاميم مصرف لبنان ذات الصلة. كذلك لم يتم الدفع عن السنوات المالية التي تلت. وبما أن من مفاعيل الأسهم التفضيلية في حال لم يتم دفع كامل الفوائد المستحقة عن 3 سنوات مالية، أن يكتسب أصحابها حقا بالتصويت في الجمعيات العمومية مساويا لحقّ سائر المساهمين، على أن يبقى الحقّ قائماً لغاية انقضاء السنة المالية التي يتم فيها دفع كامل المستحقات التي سبق ذكرها. ومن الاسباب الموجبة للقانون أيضا، أن عدداً لا بأس به من هؤلاء الذين اكتتبوا في هذه الأسهم هم من صغار المودعين الذين جذبتهم قيمة الفوائد المعروضة وأغرتهم وطمأنتهم للتوظيف فيها إدارات بعض المصارف فوضعوا فيها جنى أعمارهم. إلا أن ما حصل كان بمثابة وضع اليد على أموال المودعين خلافاً للأصول وبطرق ملتوية.

وأوضح عدوان ان رد اللجنة للقانون المقترح سببه مخالفته قوانين عدة، أهمها قانون النقد والتسليف، لافتا الى ان موضوع الأسهم التفضيلية مرتبط بقانونَي التوازن المالي وقانون إعادة هيكلة المصارف، لكن بعيداً من إطار تحويل تلك الأسهم إلى ودائع وفق ما جاء في اقتراح القانون.

المحامي المتخصص بالشؤون المصرفية الدولية الدكتور علي زبيب يؤكد لـ"النهار" مخالفة القانون المقترح للدستور والقانون ولقانون التجارة البرية، ولا سيما مخالفته لقانون الموجبات والعقود. ويشير من الناحية القانونية النظرية، الى ضرورة التمييز بين مَن قام بشراء الأسهم التفضيلية وبين من قام بإيداع وديعته كمبلغ من المال. أما من الناحية العملية، فيؤكد زبيب أن "السهم التفضيلي هو بمثابة ملكية تعود الى صاحبها في المصرف، فيما تشكل الوديعة مبلغاً دفترياً من المال، وتاليا لا يشكل اقتراح القانون جرماً تجارياً ومدنياً فحسب، بل جرماً جزائياً".

توازيا، يعتبر زبيب أن إصدار مصرف لبنان تعميماً عام 2020 يحمل الرقم 156 هو "خطوة جيدة، كونه يعترف بموجبه بمخالفة المصارف الأصول في تسويق الأسهم التفضيلية الصادرة عنها على أساس أنها مضمونة الفوائد من دون الإفصاح للمودعين بوضوح عن المخاطر المرتبطة بهذه الأسهم، كما يلزم المصارف في المادة الأولى منه بتسديد نسب الأرباح العائدة للأسهم التفضيلية عن العام 2019 وما يليه". بَيد أن الخطورة برأيه هي في تخيير المصرف المركزي المصارف التي لا تتقيد بأحكام المادة الأولى من التعميم بإمكان تكوين مؤونة خاصة بعملة إصدار هذه الأسهم توازي قيمتها 3 أضعاف مجموع الأرباح غير المدفوعة العائدة للأسهم التفضيلية المسوّقة بشكل مخالف للأصول. أما الخيار الثاني، فكان السماح للمصارف بتقييم العقارات المرهونة وإيداعها لدى "المركزي". وفي كلا الحالين، يؤكد زبيب "الخدعة المرتكبة بحق المستثمرين، ويطرح علامة استفهام حول كيفية حصولهم على مستحقاتهم".

من جهته، يشير القاضي السابق والمحامي فرنسوا الضاهر لـ"النهار"، الى أن الأسهم التفضيلية تُعتبر جزءاً من رأس مال المصرف وهي ضمانة للمودعين، تمنح شاريها إمتيازاً باستيفائها أنصبة الأرباح بالأفضلية، مع التشديد على حق حامل السند التفضيلي في رد السند للمصرف واسترداد حقوقه .

ويرى الضاهر في اقتراح القانون الرامي إلى تحويل الأسهم التفضيلية إلى ودائع، تقليصاً لضمان الحصول على الودائع لأنها لم تعد ضمانة للمودعين، وباتت بدورها وديعة مما يجعلها خاضعة لمصير بقية الودائع المحجوزة في المصارف.

الى ذلك، يشير الضاهر الى أن لا حاجة لإقرار قانون يحفظ حقوق المودعين في وقت تنص قوانين عدة على تلك الحقوق كقانون التجارة، قانون الموجبات والعقود، قانون النقد والتسليف، وخصوصاً الدستور اللبناني الذي ينص في المادة الخامسة عشرة منه على ضمان ملكية الوديعة للمودع. من هنا يشدد الضاهر على الحاجة الملحّة اليوم الى اقتراح وإقرار قانون إيفاء الودائع، مؤكدا غياب النص الذي يضمن إيفاء الودائع في القوانين الحالية المطروحة والمناقشة في المجلس النيابي، أي في قوانين "الكابيتال كونترول"، إعادة هيكلة المصارف وإعادة الإنتظام المالي. وفي السياق، يرى الضاهر أن هذا الإجراء خطوة تضمن حيالها الدولة سداد ديونها للمصارف ما يسمح للأخيرة بسداد ودائع المودعين.

أما عن الآلية الواجب اتباعها لنجاح هذا الإجراء، فيلفت الضاهر إلى ضرورة ان تنشىء الدولة صندوقاً سيادياً يضم أصولها وممتلكاتها عبر تشغيل تلك الأصول وجباية إيرادات ستعود بدورها لإيفاء ديون الدولة للمصارف وإيفاء الأخيرة مستحقاتها للمودعين.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم