الاحتفالات التراثية بالنصف من شعبان... طقوس شعبية موروثة عبر الأزمان

زياد سامي عيتاني يحتفل المسلمون في الرابع عشر من شهر شعبان بليلة النصف من شعبان، وهي من الليالي المباركة التي إختصها الله بالفضائل والتكريم، حيث إختارها لتحويل قبلة المسلمين نحو المسجد الحرام إلى آخر الزمان... لذلك فليلة النصف من شعبان التي تسبق شهر رمضان الكريم بحوالى خمسة عشريوماً، وهي ليلة فضلى عند المسلمين قاطبة. جرت العادة قديماً في سائر البلدان الإسلامية ومدنها أن تقام الشعائر الدينية في المساجد، التي كان أبرزها على الإطلاق الاحتفالات الدينية التي كان أهل مكة المكرمة يقيمونها في الحرم الشريف كل عام، إذ كانوا يفرشون السجاجيد ويضيئون الشموع والمصابيح والمشاعل في الحرم الشريف ويجتمعون للصلاة سواء جماعة أو فرادى، ويطوفون بالكعبة ويعتمر بعضهم ويصلي البعض الآخر في الحجر الشريف. ¶ الإحتفالات التراثية:الإحتفال بليلة النصف من شعبان لم يقتصر على الجانب الديني، بل كان يشمل أيضاً بعداً اجتماعياً وتراثياً، تكريساً وترسيخاً لمبدأ التكافل والتعاضد بين الناس، وإدخال السرور والمحبة إلى النفوس... ومن العادات التي سادت في العصور الإسلامية القديمة لمناسبة ليلة النصف من شعبان، إقامة "الأسمطة"- المآدب- من قبل الحكام والأثرياء سواء في مقرات الدولة الرسمية أو في المساجد والساحات العامة، وتُخصص لعامة الناس، حيث يقدم لها ما لذ وطاب من المأكولات والحلويات والأطايب، كما أن بعض الحكام والسلاطينن والأمراء كانوا يوزعون عليهم الصدقات في شكل "صرر" من النقود... ¶ الاحتفال الأول بنكهة مصرية:تشير المصادر التاريخية إلى أن أول إحتفال رسمي بليلة النصف من شعبان يعود إلى مصر في العصر الفاطمي وبقي الاهتمام به قائماً في عهد المماليك ومن ثم ولاية العثمانيين. ¶ الإحتفال الرسمي:الاحتفال الرسمي كان يبدأ بعد صلاة الظهر بخروج قاضي القضاة في موكب كبير إلى مكان جلوس الخليفة، وتكون قد سُدت ورُشت بالرمل في الوقت الذي يكون قد اصطف فيه جنود الوالي على جانبي الطريق. وعاد الاهتمام في هذه المناسبة في عصر المماليك، وذلك بالاحتفال بها في حوش القلعة الكبيرة، وإقامة الزينات والولائم وتوزيع الصدقات على الفقراء، حيث تسير المواكب وتنشد الأناشيد، وكانت تضرب خيمة عظيمة في حوش القلعة، ويبدأ الاحتفال بقراءة القرآن ثم يأتي الوعاظ...