السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

من نتفليكس- ظاهرة "Squid Game" الفيروسيّة... كيف نفسّر شعبية المسلسل الكوريّ؟

المصدر: "النهار"
شربل بكاسيني
شربل بكاسيني
لقطة من مسلسل "Squid Game" (نتفليكس/يونجكيو بارك).
لقطة من مسلسل "Squid Game" (نتفليكس/يونجكيو بارك).
A+ A-
يوم ظهر المسلسل الكوريّ "Squid Game" (لعبة الحبّار) على "نتفليكس" منتصف أيلول، استُقبل بحفاوة خجولة وشجب مُطبق. واجه صنّاع العمل نقداً شرساً مثلّث الأضلع، صوّب على ما اعتُبر مسلسلاً بشخصيات مبتذلة وحبكة غير مُقنعة وعنف غير مبرّر. بدا المسلسل توأماً تائهاً لفيلم "Battle Royale" (المعركة الملكية) اليابانيّ، كما لو أنّه، كتابة وتمثيلاً وإخراجاً، لم يحرّر الدراما الكورية من الدمغة الآسيوية لفرط ما أوَىَ كليشيهات سرديّة.
 
 
يتتبّع "Squid Game" الذي اشتقّ اسمه من لعبة مدارس كورية، مجموعة من "معتّرين" مثقلين بالديون، من ضمنهم مدمن ميسر عاطل عن العمل ولاجئ كوريّ شمالي وعامل مهاجر باكستاني. بملابس رياضية خضراء مُشابهة للتي يرتديها التلامذة الكوريون في حصص الرياضة، تخضع الشخصيات لرقابة حازمة من قبل مشرفين غامضين يرتدون أقنعة سوداء وبدلات "جمبسوت" وردية، ويقاتلون من أجل جائزة تقارب 40 مليون دولار وحياتهم، في نسخة عنيفة من ألعاب الأطفال الكورية التقليدية.
 
يُعيدنا المسلسل إلى روما، يوم كان القتال على حلبة الكولوسيوم وافتراس الأسود للمضطهدين ملهاة للأباطرة والأرستقراطيين. "Squid Gameقصة رمزية عن الرأسمالية الحديثة. في صالة كبار القوم التي تعجّ بمظاهر الأناقة الكريستالية المُبالغ بها، يُعاين المتفرّجون الأثرياء بثيابهم المطرّزة اللعبة الدموية.
 
 
"أضخم العروض على الإطلاق"
بُثّ "Squid Game" في 17 أيلول على "نتفليكس"، وبعد 9 أيام خرج الرئيس التنفيذي المشارك للمنصة تيد ساراندوس ليؤكّد أنّ "الفرصة سانحة أمام المسلسل كي يصبح أكبر عروض الشركة على الإطلاق"، في وقت أشاد مؤسّس "أمازون" جيف بيزوس بأقطاب إدارة "نتفليكس" الصائبة، معتبراً أنّ "استراتيجية التدويل الخاصة بهم مثيرة للإعجاب وملهمة وغير سهلة".
 
 
كيف نفسّر شعبية "Squid Game
انتقل العمل من صيغة مقتضبة محصورة بشريط فيلم إلى مسلسل من 9  حلقات ليناسب الغرض الذي ابتُكر من أجله بشكل أفضل، قبل أن يُشكّل مادّة إدمان خارجة من فضاء جغرافيّ بعيد نسبيّاً عن إنتاجات "نتفليكس".
 
في السياق، اعتبر أستاذ المحتوى الثقافي العالمي في جامعة Sangmyung ، أن ثمّة سبباً قوياً وراء الرابط الذي كوّنه المشاهدون مع المسلسل. وفي حديث لـ"هيئة الإذاعة البريطانية" (BBC) رجّح كيم أن تكون "معاناة جيل الشباب - على وجه التحديد - مع الاغتراب والاستياء في الحياة الواقعية"، هي التي جعلتهم يتعاطفون مع الشخصيات.
 
 
لا شيء يضمن شعبية مسلسل وانتشاره كما النار في الهشيم مثل ما يفعل تناوله سلباً أم إيجاباً على مواقع التواصل الاجتماعي. "التَهَم" المشاهدون العرض بشراهة، وشاركوا أجزاء أعجبتهم بشكل واسع على تطبيقَي "تويتر" و"إنستغرام"، قبل أن يدخل "Squid Game" موجة التحدّيات الرائجة على "تيك توك". وبالنظر إلى النوع القاتم الذي ينتمي إليه العرض، ثمّة نقاط كثيرة يُفترض إظهار مشاعر الحزن والأسف أمامها مقارنة بما يُجيز عرضه الاحتفاء به، غير أنّ فكرة العرض مثيرة للاهتمام بما يكفي لإثارة ضجة كبيرة لم تكُن متوقّعة.
 
 
يواسي بعض روّاد المنصات الإلكترونية أنفسهم بحقائق بديلة صنعوها من خلال العرض، في ما يُمكن اعتباره تدفّقاً لفنّ الإعجاب وتجسيداً لـ"التنفيس الوجداني" (Catharsis) والتماهي مع الشخصيات، بينما يعجز آخرون عن تقبّل مصائرها.
 
سبب وجيه آخر لانتشار "Squid Game" بهذه الطريق هو أنه يعيدنا إلى الأساس: غريزة البقاء والصراع مع الفناء. وما مشاهدو المسلسل سوى مجموعة ناجين من وباء فتّاك، لذا فإنّ مشاهدة نسخة مبالغ فيها من تكتيكات البقاء على قيد الحياة، تتعارض تماماً مع تكتيك البقاء على قيد الحياة القائم على الحجر والانعزال أمر مريح بشكل قويّ وغريب.
 
 
من جانبه، يعزو مخرج وكاتب المسلسل "الفيروسيّ" هوانغ-دونغ هيوك النجاح الهائل لـ"Squid Game" إلى بساطته، معتبراً أنّه "يمكن للمشاهدين التركيز أكثر على تعقيدات الشخصيات والاندماج التامّ في القصة عندما تكون قواعد اللعبة بسيطة". ويرى أنّ "الإنسان ينجذب إلى المفارقة المخيفة المتمثّلة في أنّ أشخاصاً بالغين يخاطرون بحياتهم لكسب المال لسداد ديونهم من خلال ممارسة ألعاب طفولية".
 
 
 
بيد أنّ التحقّق من أرقام البثّ لـ"نتفليكس" بشكل مستقلّ صعب، أفاد موقع "Flix Patrol" الذي يتتبّع تدفّق الإحصائيات لأهمّ المنصات حول العالم، أنّ "Squid Game" يحتلّ المرتبة الأولى في 78 بلداً، وفق أحدث تعديل نُشر مساء أمس، بما في ذلك لبنان والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكوريا الجنوبية.

من جانبها، اكتفت المحللة الاستراتيجية في شركة Parrot Analytics للإحصاءات ودراسة تفاعل الجمهور، جوليا ألكسندر، بكلمتَي "غير مسبوق" لوصف مدى نجاح مسلسل "نتفليكس".

يُعدّ نجاح "Squid Game" مكافأة رائعة لقرار "نتفليكس" استثمار 500 مليون دولار في الدراما الكورية، ما أدّى إلى ازدهار أسهم الشركة. قد يكون الأمر مثيراً للسخرية إلى حدّ ما نظراً لأنّ المسلسل يدور حول الانقسامات الاجتماعية والاقتصادية، واستغلال الأغنياء للفقراء، ويأس الطبقة المعدمة مالياً.
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم