الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

حطام وأحلام مسروقة في منزل الطفولة، ومع ذلك...

المصدر: "النهار"
المنحوتات وقد انحنت.
المنحوتات وقد انحنت.
A+ A-
 
كتبت هنادي الديري
 
 
ذات مساء، "مش من زمان"، الحياة تبدّلت "لا ع البال ولا ع الخاطر". ومنزل الطفولة المحفوف بالذكريات طارت أوراق ذكرياته، والمنحوتات التي نحتها الصبا المغرور انحنت بما يُشبه الرقّة. والحياة تبدّلت "لا ع البال ولا ع الخاطر". ومنزل الطفولة الذي تترنّحت في أرجائه الضحكات والمؤامرات المُحبّبة ضد هذا الفرد وذاك في العائلة الكبيرة، تفتتت ذكرياته، "بدّكن تقولوا" تفسّخت أصداء جمالها البهيّ. فجأة، تدخّل الواقع ليذكّر بحضوره المهيب. والمنحوتات الذي نحتها الفنان والأستاذ الجامعي رالف الحاج، ذات زمن عَبَر في دفاتر الصبا، "أفسحت الطريق" للزجاج وكتلة الحجارة الصخريّة التي أخذت مكان الضحكات والمؤامرات المُحبّبة، "ودق الليخة"، ومواجهات الشقيقات القويّات، شارلوت وتيريز وفريدة وغلوريا ومارلين مع الأعداء غير المنظورين. ومع ذلك، هو مصرّ على أنّ الخلق لم يتوقّف. على الرغم من ذاك "الدويّ" الذي ينساب مساء بما يُشبه الحنان العابر ليتحوّل كوابيس وغصّة. بعضهم يصمت لفترة طويلة بحثاً عن جواب لما حصل.
 
 
أمّا هو، فيكمل رحلته "الضارية" مع الخلق. لا بدّ من الخلق لفهم ما حصل. لمعالجته. والذي حصل، لم يكن في الحسبان. وها هي الضحكات غير المكبوحة، ومواجهات الشقيقات القويّات مع الأعداء غير المنظورين، تنساب بما يُشبه الرقة مع المنحوتات التي انحنت أمام هول الذي حصل. وقد حصل الكثير. طرق عدة تُسعفه في معالجة ما حصل ذات مساء، "مش من زمان". أحدها السرد ورواية القصص المُعلّقة بين الزجاج المحطّم والمنحوتات التي أخذت معها رنين الصبا. إعادة تشكيل الواقع من خلال سرد القصص؟ فكرة جميلة. يُعيد "ترتيب" الحوادث ليتمكّن من مواجهتها بشكل أفضل. وهل أفضل من سرد القصص، لتختلط الفسحة المدمّرة بالكامل التي جمعت عائلة رائعة ومجنونة في آن في المناسبات الكبرى والأخرى "ياللي ما بتنذكر"، مع المنحوتات التي شنّ الحقد غضبه على أحلامها؟
 
قرّر أن يروي ماذا حصل ذات مساء من صيف الـ2020، من وجهة نظر محددة نكتشفها في الأسابيع المقبلة مع إنجازه جنونه الخلاق الذي سينبثق بفعل ذاك الصراخ الجماعي الذي وحّد البلد واختلط بشعطة عائلة تعشق الضحك والمؤامرات المحببة ضد هذا الفرد وذاك. سيبتعد عن القصص الـ"كليشيه" أو تلك السهلة في ما يتعلّق بالسرد. لن يخوض معركة واضحة مع الذي حصل: "هيدا اللون بيرمز للدم وهيداك للزجاج المحطّم". أعماله الفنيّة التي ستنبثق في الأسابيع المقبلة من ذاك الحدث الذي حطّم منحوتات الصبا وأخذ بدربه المناسبات العائليّة المحفوفة بوهم الأمان، ستكون أكثر تعقيداً. الواقع يطلب من الفنان رالف الحاج مواجهة تعقيد الواقع الذي يفرض أن الحياة "مش هلقد سهلة". كما أنّ الحياة مليئة بالشرّ. وأفضل طريقة للهجوم على هذا الواقع، يبقى من خلال الفن. وبعض عدوانيّة "فنيّة" ضد هذا الواقع، "ما بتشكي من شي".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم