السبت - 18 أيار 2024

إعلان

"إيكونوميست": نتنياهو الرجل الخطأ في المكان الخطأ

المصدر: "النهار"
بنيامين نتنياهو.
بنيامين نتنياهو.
A+ A-
بعد مرور خمسة أيام على الغزو البرّي الإسرائيلي لغزة، عزّزت القوات الإسرائيلية وجودها في القطاعين الشمالي والأوسط من القطاع، مع تكبّد الفلسطينيين خسائر بشرية ضخمة.
 
وتستمرّ الوفيات بين المدنيين في الارتفاع إلى مستويات مروّعة، مع ورود أنباء عن مقتل عدد كبير من الفلسطينيين جرّاء قصف مبانٍ عدّة في جباليا، شمال مدينة غزة.
 
وبحسب "إيكونوميست"، تدّعي إسرائيل أنها قتلت 50 مسلحاً في الموقع نفسه، بما في ذلك إبراهيم بياري، أحد قادة هجوم حماس في 7 تشرين الأول.
 
وتقول الصحيفة إنّ داخل إسرائيل تدور معركة سياسية حول إدارة الحرب، وتداعياتها، ومن يتخذ القرارات. وفي قلبها يكمن بنيامين نتنياهو أو "بيبي" كما سمّته، الشخصية المهيمنة في السياسة الإسرائيلية لأكثر من عقدين من الزمن، والذي قد يكون الآن الرجل الخطأ في المكان الخطأ والوقت الخطأ.
 
ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه فقد ثقة الجمهور الإسرائيلي ويكافح من أجل إدارة حكومة حرب بشكل فعّال. ومن ناحية أخرى، يحمّله الرأي العام المسؤولية عن الإخفاقات التي أدّت إلى هجوم "حماس"، وعلى الرغم من اللوم الذي يقع على عاتق قادة الجيش والمخابرات، إلّا أنّهم ما زالوا يتمتعون بشعبية أكبر منه بكثير. ووفقاً لأحد الاستطلاعات التي أجريت مؤخّراً، فإنّ نصف الإسرائيليين يثقون في قادة قوات الدفاع الإسرائيليين لقيادة البلاد في الحرب، بينما يثق خمسهم فقط برئيس الوزراء والجنرالات بالتساوي. مجرّد أقلية صغيرة تثق بنتنياهو أكثر.

وقد أثار الأمر غضب نتنياهو، ما أدى إلى تفاقم المشكلة الثانية، وهي الانقسامات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي. ووصف المسؤولون الحاضرون في اجتماعاتها الأجواء بأنّها "صادمة". لقد اعتاد نتنياهو على مهاجمة جنرالاته علناً: ففي اليوم التالي لدخول القوات البرية إلى غزة، لجأ إلى منصّة "أكس"، وألقى باللوم على رؤساء المخابرات العسكرية وجهاز الأمن العام شين بيت لإجراء تقييم قبل هجمات 7 تشرين الأول مفاده أنّه "تمّ ردع حماس وطلبت التسوية". وقام بحذف المنشور بعد انتقادات علنية من أعضاء حكومة الحرب.
وتشير "إيكونوميست" إلى أنّ هذه الانقسامات تؤثر على عملية صنع القرار العسكري، وذلك بسبب بقاء جنود جيش الدفاع الإسرائيلي في مناطق التجمّع بالقرب من قطاع غزة لمدة أسبوعين حتى صدور الأمر بالذهاب.
وفي هذا الإطار، يقول أحد كبار المسؤولين: "لقد تلقّى الجيش ضربة موجعة، لكنّه يقف الآن على قدميه، ولا يمكن قول الشيء نفسه بالنسبة إلى بقية الحكومة."
 
وتبقى أهداف إسرائيل المعلنة تتمثل في تدمير قدرات "كتائب القسام" العسكرية والإطاحة بحكومتها في غزة. ولكن إذا تمّ تحقيق ذلك، فيجب على الجنرالات أن يكونوا مستعدّين لفراغ السلطة في اليوم التالي، ويشكو قادة الأمن من أنهم لم يتلقّوا أيّ توجيهات من الحكومة في هذا الشأن، إذ لدى إسرائيل 360 ألف جندي احتياطي بتكلفة باهظة على الاقتصاد، ويحتاج مخططو الحرب إلى معرفة متى سيتمكّن بعضهم من العودة إلى الحياة المدنية.
 
وربما تكون المشكلة الثالثة هي أكبر نقطة ضعف لدى نتنياهو: فقد أصبح رمزاً لعداء حلّ الدولتين، في وقت تلتزم إسرائيل بمخطط معين، وذلك من أجل الحفاظ على الدعم الأميركي واستدامة الاتفاقات التي أقامت علاقات دبلوماسية مع مجموعة من الدول العربية. وفي غياب توجيه حكومي واضح، تقوم مؤسسة الدفاع الإسرائيلية بكلّ التخطيط. لكنّ بعض أعضاء اليمين المتشدّد في ائتلاف نتنياهو يعارضون بشدة أيّ تعاون مع السلطة الفلسطينية، وفي 30 تشرين الأول أعلن سموتريش أنّه سيجمّد تحويل عائدات الضرائب التي تجمعها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية بسبب ما زُعم أنّه دعم من شخصيات رفيعة هناك لهجوم حماس.

إلى متى يستطيع نتنياهو البقاء على قيد الحياة؟ وقد اندلعت احتجاجات واسعة النطاق ضد الحكومة وأجندتها التشريعية غير الليبرالية لعدة أشهر قبل هجمات 7 تشرين الأول. ولا تشكّل التحركات المتمردة من داخلها تهديداً بعد، لأن الإطاحة بنتنياهو ستتطلب أغلبية في الكنيست لاختيار رئيس وزراء بديل.
 
وفي ظلّ النظام السياسي الإسرائيلي الممزق، لا يمكن لأيّ مرشح آخر أن يحظى بمثل هذا الدعم في الوقت الحاضر. وتضمّ حكومة الحرب بيني غانتس، الذي يقود ثاني أكبر حزب في المعارضة. ويقول المقرّبون من غانتس إنّه لا يظهر إحباطه "من أجل المصلحة الوطنية". وفي الوقت الراهن، لا يزال نتنياهو ممسّكاً بالموقف. فإسرائيل قادرة على خوض حرب في غزة، بل وربما تنجح في الإطاحة بحماس بحسب صحيفة "إيكونوميست"، ولكن في واحدة من أكثر اللحظات اختباراً في تاريخ إسرائيل، لا يملك الرجل المسؤول إجابات عمّا سيحدث بعد ذلك.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم