الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"حرّية التعبير والتدريس"... آلاف يتجمعون في باريس تكريماً لذكرى مدرّس قتِل بقطع الرأس

المصدر: "أ ف ب"
تظاهرات في باريس (أ ف ب).
تظاهرات في باريس (أ ف ب).
A+ A-
تجمّع الآلاف، أمس الأحد، في كلّ أنحاء فرنسا، تكريماً للمدرّس صامويل باتي الذي قُتل الجمعة لعرضه رسوماً كاريكاتوريّة للنبي محمّد على تلاميذه في الصف، في جريمة أثارت حزناً شديداً في البلاد ووُضع على خلفيّتها عشرة أشخاص قيد الحبس الاحتياطي.

في باريس، تجمّع متظاهرون في ساحة الجمهوريّة التي انطلقت منها مسيرة حاشدة في 11 كانون الثاني 2015 عقب الهجمات التي شنّها جهاديّون على مقرّ صحيفة شارلي إيبدو.

وهتف المجتمعون في المكان "أنا صمويل" و"حرّية التعبير وحرّية التدريس"، وسط تصفيق طويل بين حين وآخر.

وشاركت في التجمّع شخصيّات سياسيّة عدّة من كلّ التوجّهات، بينها رئيس الوزراء جان كاستكس ورئيسة بلديّة باريس الاشتراكيّة آن هيدالغو والرئيس اليميني لمنطقة إيل دو فرانس التي تضمّ باريس، فاليري بيكريس، وزعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون.

وانضمّ الرئيس السابق الاشتراكي فرانسوا هولاند إلى التجمّع.

وكتب رئيس الوزراء عبر "تويتر": "أنتم لا تُخيفوننا. نحن لسنا خائفين. لن تفرّقونا. نحن فرنسا!".

وحمل متظاهرون لافتات عليها رسوم كاريكاتورية للنبي محمد نشرتها الأسبوعيّة الساخرة شارلي إيبدو. كما أدّى الحاضرون النشيد الوطني.

كذلك، نُظّمت تجمّعات أخرى في مدن فرنسيّة كبيرة، خصوصاً في ليون (شرق) وليل (شمال) ونيس (جنوب شرق).

 تكريم وطني
 
 
جاءت غيجاني (34 عاماً) التي تعمل مشرفة اجتماعية وثقافية في منطقة باريس وهي تحمل على كتفها ابنها الذي يبلغ 4 أعوام، لتكريم صمويل باتي وتلتعبير عن "السخط حيال هذا العمل البغيض والمخيف".

وقالت: "يجب ألا يترسّخ هذا العنف ويتحول إلى جزء من حياتنا اليومية أو أن نعتاد عليه".

بعد ظهر الجمعة، قُطع رأس باتي، وهو ربّ عائلة يبلغ 47 عاماً، قرب مدرسة كان يدرّس فيها التاريخ والجغرافيا في حيّ هادئ في منطقة كونفلان سانت -أونورين، في الضاحية الغربية لباريس. وأردت الشرطة منفذ الجريمة وهو عبدالله أنزوف، لاجئ روسي من أصل شيشاني يبلغ 18 عاماً.

ويأتي الهجوم على المدرّس، بعد ثلاثة أسابيع من اعتداء إسلامي نفذه شاب باكستاني بساطور أمام المقرّ القديم لـ"شارلي إيبدو" وأسفر عن إصابة شخصين بجروح بالغة وفي خضمّ جدل أثاره الرئيس الفرنسي بعد كشفه عن خطة للدفاع عن قيَم فرنسا العلمانية.

في كونفلان سانت-أونورين حيث حصلت الجريمة، تجمّع حوالى ألف شخص هم أهالي تلاميذ ومسؤولون ومواطنون، بحزن شديد أمام المدرسة التي كان باتي يدرّس فيها.
ورفع كثيرون لافتات كُتب عليها "أنا استاذ"، ما يعيد إلى الذاكرة شعارات "أنا شارلي" التي رفعت حول العالم بعد الهجوم على مقر "شارلي إيبدو".

وتأثر أيضاً التلامذة كثيراً على غرار ماري، وهي في الصف الثانوي الأول، وقد جاءت إلى أمام مدرستها القديمة لتضع وروداً "تكريماً لأستاذها السابق".

وقالت الشابة المذهولة: "أتذكّر درسه عن حرّية التعبير. لقد تحدّثنا عن شارلي (إيبدو)، ورسمنا رسوماً لا تزال معلّقة في المدرسة".

وسيُنّظم تكريم وطني للضحية، الأربعاء، بالتنسيق مع عائلة المدرّس، وفق ما أعلنت رئاسة الجمهورية الفرنسية من دون تحديد المكان.

وبحسب العناصر التي كشفها النائب العام لمكافحة الإرهاب جان-فرانسوا ريكار، نظم أستاذ التاريخ مع تلاميذه نقاشاً في إطار صفوف التربية المدنية، عرض خلاله رسوماً كاريكاتورية للنبي محمد. واقترح على التلاميذ الذين لا يرغبون برؤية بعض هذه الرسوم، بعدم النظر إليها.

مراقبة

وأعرب والد تلميذ موضوع في الحبس الاحتياطي حالياً، عن استيائه من هذا الدرس في مقاطع فيديو ناشراً بذلك على الانترنت اسم الأستاذ وعنوان المدرسة، كما التقى مديرة المدرسة للمطالبة بطرده. وتلقّى الأستاذ بعدها اتّصالات تهديد عدّة.

ولدى عبدالله أ. سوابق في القانون العام وهو معروف لدى الاستخبارات لسلوكه الراديكالي. وقال ريكار إنّ عبدالله أ. قام بعد ظهر الجمعة بعمليات مراقبة قرب المدرسة.

وعُثر في هاتف المهاجم على رسالة موجّهة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "زعيم الكفّار" تتضمن رغبته في الانتقام من الشخص الذي "تجرّأ على التقليل من شأن محمد" إضافة إلى صورة الضحية مقطوع الرأس. وكانت قد نُشرت الرسالة والصورة عبر "تويتر".

وتحدّث جيرانه عن شاب "كتوم" و"غارق في الدين" منذ نحو ثلاث سنوات.

إجراءات "ملموسة"
 
وقرّر #ماكرون، الأحد، تعزيز أمن المدارس ومراقبة الدعاية الإسلاميّة المتطرّفة على الإنترنت، بعد مقتل مدرّس التاريخ في ضاحية باريس.

وقالت الرئاسة الفرنسيّة إنّ ماكرون أمر بعد اجتماع حضره ستّة وزراء والمدّعي العام لمكافحة الإرهاب جان-فرنسوا ريكار، باتّخاذ "إجراءات ملموسة" سريعة ضدّ الدعاية الإسلاميّة المتطرّفة على الإنترنت، مطالباً باتّخاذ خطوات سريعة "وبعدم منح أيّ مجال لأولئك الذين يُنظّمون أنفسهم بغية الوقوف بوَجه النظام الجمهوري".

ويريد ماكرون تعزيز أمن المدارس ومحيطها قبل بدء العام الدراسي في 2 تشرين الثاني، من خلال تدابير يُفترض أن تستمرّ أسبوعين.

وأشارت الرئاسة إلى أنّ وزيرَي الداخليّة والعدل، جيرالد دارمانان وإريك دوبون موريتي، قدّما "خطّة عمل ستُنفّذ خلال الأسبوع" وستُتّخذ بموجبها "إجراءات ملموسة" ضدّ أيّ مجموعات وأشخاص قريبين من "الدوائر المتطرفة" ينشرون دعوات كراهية يمكن أن تُشجّع على تنفيذ هجمات.

من جهتها، شدّدت موسكو من خلال سفارتها لدى باريس على أنّ جريمة قتل المدرّس "لا تخصّ روسيا بشيء" إذ إنّ الشاب غادر البلاد عندما كان قاصراً.

وأوقف 11 شخصاً في القضية ووُضعوا قيد الحبس الاحتياطي منذ مساء الجمعة، خصوصاً أقرباء المهاجم إضافة إلى بعض الأشخاص الذين شجّعوا على الانتقام من الأستاذ.

وفي المجمل، تسببت موجهة الاعتداءات الجهادية غير المسبوقة التي بدأت عام 2015 في فرنسا، بمقتل 259 شخصاً.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم