الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

خرق سيبيرانيّ هائل... لماذا فاز "الدب الدافئ" على "أينشتاين"؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
رئيس الوزراء الروسي آنذاك فلاديمير بوتين مستقبلاً نائب الرئيس الأميركي حينها جو بايدن، آذار 2011 - "أ ب" اتُّهمت روسيا مؤخراً بشنّ هجوم سيبيرانيّ واسع النطاق دام تسعة أشهر ضد وزارات أميركيّة. وأطلق بايدن تحذيراً بأنّه لن يقف مكتوف الأيديد
رئيس الوزراء الروسي آنذاك فلاديمير بوتين مستقبلاً نائب الرئيس الأميركي حينها جو بايدن، آذار 2011 - "أ ب" اتُّهمت روسيا مؤخراً بشنّ هجوم سيبيرانيّ واسع النطاق دام تسعة أشهر ضد وزارات أميركيّة. وأطلق بايدن تحذيراً بأنّه لن يقف مكتوف الأيديد
A+ A-
قبيل توجيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تهنئته للرئيس المنتخب جو بايدن لفوزه بتصويت المجمع الانتخابيّ، كانت الولايات المتحدة على موعد مع كشف قرصنة إلكترونية بارزة لحواسيب وزارتي الخزانة والتجارة ومؤسّسات أخرى، قامت بها مجموعة تسلّل مدعومة من حكومة أجنبية. تمكّنت المجموعة من سرقة معلومات هامّة فيما تبيّن أنّ الاختراق كان خطيراً لدرجة انعقاد مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض يوم السبت.
 

ويعتقد المسؤولون الأميركيّون وفقاً ما نقلت عنهم الصحف الأميركيّة أنّ روسيا تقف خلف الخرق، بينما حذّر الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف من اتّهام موسكو بالعمليّة. وأدلت وزارة الخارجيّة الروسيّة بتعليقات مشابهة. وبينما ظلّ الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب مركّزاً على مناقشة مدى شرعيّة الانتخابات، كان بايدن أوّل من أصدر تهديداً بالرّد على من يقفون خلف الهجوم.
 

فقد ذكر في بيان أصدره الخميس أنّ على الولايات المتحدة عرقلة وردع أعدائها عن إطلاق هجمات سيبيرانيّة في المقام الأوّل. وأضاف: "على أعدائنا أن يعلموا أنّني، كرئيس، لن أقف مكتوف اليدين في مواجهة اعتداءات سيبيرانيّة على دولتنا". وتشير عبارة "مكتوف اليدين" إلى اتّهام ضمنيّ بأنّ ترامب لم يتحرّك. وتعهّد بايدن أن يتحمّل أعداء واشنطن "أكلافاً جوهريّة" مقابل شنّهم هكذا عمليّات خلال تولّيه الرئاسة.
 

من جهته، قارن السيناتور الجمهوريّ ميت رومني هذا الاختراق بتحليق قاذفات قنابل روسيّة فوق كامل الأراضي الأميركيّة من دون أن تتمكّن الولايات المتحدة من كشفها. أمّا السيناتور الديموقراطيّ البارز في مجلس الشيوخ ديك دوربن فوجد أنّ الهجوم يرقى إلى "إعلان حرب افتراضيّ".


إحراج
تسلّمت لجنتا الاستخبارات في الكونغرس منذ يومين أوّل الإحاطات عن الحدث من ممثّلين عن مكتب مدير الاستخبارات الوطنية ووكالة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الفيديراليّ ووزارة الأمن الداخلي. وسرت الأحد تقارير أميركيّة عن أنّ وحدة استخبارات روسيّة تدعى "الدب الدافئ" تقف خلف الهجوم الأخير، وقد اتّهمتها الاستخبارات الأميركيّة بالوقوف خلف هجمات سابقة ضدّ أهداف أميركيّة في 2018 و 2016. والوكالة متّهمة أيضاً بمحاولة قرصنة أبحاث حول لقاحات "كوفيد-19".
 

وفي إشارة إلى حجم الاختراق الأمنيّ الهائل، قالت وكالة الأمن السيبيرانيّ وأمن البنية التحتيّة إنّ الأمر قد يتطلّب أسابيع إن لم يكن أشهراً من أجل معرفة العدد الكامل للوكالات المتأثّرة بالهجوم وحجم البيانات والمعلومات الحسّاسة التي تعرّضت للاختراق.
 

بحسب ما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مصادر أمنيّة، يمكن أن يكون الروس قد اخترقوا شركة "فاير آي" للأمن السيبيرانيّ وسرقوا أدوات قرصنة تستخدمها الشركة لاختبارات دفاعات حواسيب زبائنها. وتعرّض خادم نظام إدارة شركة "سولار ويندس" للقرصنة، وهي شركة لديها أكثر من 300 ألف زبون حول العالم من بينهم الجيش الأميركيّ ووزارات الدفاع والخارجية والعدل ووكالة "ناسا" والمكتب التنفيذي للرئيس ووكالة الأمن القوميّ.
 

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمس" التي تستخدم أيضاً منتجات نظام "سولار ويندس" كيف بدأ الاختراق حين قام حوالي 18 ألف مستخدم خاص وحكوميّ بتنزيل برنامج تحديث روسيّ ملوّث ممّا أدّى إلى الاختراق الذي طال أيضاً وزارتي الخارجيّة والأمن القوميّ وأجزاء من البنتاغون.
 

وأضافت أيضاً أنّ مختبر "لوس ألاموس الوطنيّ" الذي يُجري أبحاثاً نوويّة وشركات دفاعيّة كبيرة مثل "بوينغ" تستخدم هذه المنتجات لكنّها رفضت مناقشة الموضوع. وأوضحت أنّ الحكومات يمكن أن تكون على بيّنة من ضعف "سولار ويندس" وأبقت على ذلك سرّاً من أجل تطوير أسلحة سيبيرانيّة هجوميّة. ومع ذلك، تبقى القدرة على استهداف البنتاغون ووزارة الأمن القوميّ "محرجة" بحسب توصيف الصحيفة.


كي لا يخسر "أينشتاين" مجدّداً
كانت صحيفة "ذا تايمس" البريطانيّة قد أشارت إلى أنّ الولايات المتّحدة استثمرت المليارات في مكافحة التجسّس والوقاية منه ضمن برنامج يُدعى "أينشتاين". لكنّ البرنامج أخفق في كشف القرصنة بما أنّ شركة "فاير آي" هي التي أبلغت الإدارة بوجود الخرق الذي قد يكون ذلك مكلفاً جدّاً بالنسبة إلى الأميركيّين. فبحسب حديث مدير مبادرة السياسة السيبيرانيّة في "مركز سكوكروفت للأمن والاستراتيجيّة" تراي هير إلى "المجلس الأطلسيّ"، يفرض الخرق تحدّياً خطيراً جدّاً على واشنطن، بما أنّه يوفّر اطّلاعاً على "صناعة القرار الاستراتيجيّة" و"التحذير المسبق من العقوبات" ومعلومات حسّاسة أخرى. وتوقّع أن تسيطر جهود تعزيز الأمن السيبيرانيّ الأميركيّ على إدارة بايدن لما لا يقلّ عن السنتين الأوليين من عهدها.
 

وفي حديث إلى وكالة "أسوشييتد برس" تقول السفيرة الأميركية السابقة إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتّحدة ساره مندلسون إنّ الرد الأميركيّ قد لا يكون بالضرورة على طريقة العين بالعين والسنّ بالسنّ، بمعنى أنّ الولايات المتّحدة قد لا تنتقم بشنّ هجوم سيبيرانيّ ضدّ روسيا. وأضافت أنّ الأمر هو "أنّنا سنستهدف ما تهتمّ به حقاً، وما تهتمّ به حقاً هو الأموال المخبّاة، وكشف الشبكة الأكبر وكيفيّة ارتباطها بالكرملين". لكنّ ذلك لا يعني أنّ الهجوم الأميركيّ السيبيرانيّ مستبعد. يقول الأكاديميّ المتخصّص في النزاعات السيبيرانية في جامعة كولومبيا جايسون هيلي: "بإمكاننا تذويب شبكاتهم المنزليّة بشكل كامل".
 

تتمتّع الولايات المتّحدة بقدرة سيبيرانيّة بالغة التطوّر، إلى درجة أنّ كلمة "تذويب" لا تحمل معنى "إلكترونيّاً" أو "رمزيّاً" وحسب. منذ أشهر، قال مسؤول أمنيّ لموقع "ياهو" إنّ الهجمات التي سمحت بها واشنطن ضدّ مواقع وشركات مرتبطة بالحكومات الروسيّة والصينيّة والإيرانيّة والكوريّة الشماليّة لا تنحصر في سرقة البيانات كما تفعل وكالة "الدب الدافئ". لقد كانت عبارة أيضاً عن تدمير وإشعال وتفجير بعض الأهداف. لكنّ ذلك لا يعني أنّ الاستراتيجيّة الأمنيّة السيبيريّة فعّالة أو متوازنة.
 

نبّهت الباحثة في مؤسّسة الرأي الأميركيّة "ديفنس برايوريتيز" بونّي كريستيان من أنّ هذه السياسة قد تعرّض المؤسّسات أو الأشخاص المحايدين إلى الإيذاء. ومن ناحية ثانية، تذكّر في موقع "ديفنس وان" بأنّ 90% من الإنفاق الأميركيّ على جميع البرامج السيبيرانيّة مخصّص للجهود الهجوميّة لا الدفاعيّة. ولهذا السبب، لا تتعجّب الباحثة من كون البنية التحتيّة الأميركيّة تتعرّض مراراً لهذا الكمّ من الهجمات. 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم