الإثنين - 13 أيار 2024

إعلان

"نهاية حقبة"... بريطانيا تراجع برنامجاً حكومياً سمح بتدفق الأموال الروسيّة لعقود

المصدر: أ ف ب
جونسون جلس في مركز قيادة المدمرة HMS Dauntless خلال زيارته حوض بناء السفن كاميل ليرد في ميرسيسايد (10 آذار 2022، أ ف ب).
جونسون جلس في مركز قيادة المدمرة HMS Dauntless خلال زيارته حوض بناء السفن كاميل ليرد في ميرسيسايد (10 آذار 2022، أ ف ب).
A+ A-
دفع الغزو الروسي لأوكرانيا الحكومة البريطانية لمراجعة برنامج حكومي اجتذب على مدى عقود أموالا روسية بعضها مشبوه إلى المملكة المتحدة، مع فرض عقوبات على الأوليغارش ووضع حد لنظام "التأشيرات الذهبية" وإصدار قانون لمكافحة الإجرام الاقتصادي.

يقول المحامي والرئيس السابق للجنة برلمانية دومينيك غريف لوكالة فرانس برس "إنها نهاية حقبة"، وهو كان ندد عام 2020 في تقرير بتهاون لندن في التدقيق بمصدر المبالغ الروسية الهائلة المستثمرة في البلاد.

كثيرا ما يشير نشطاء مكافحة غسل الأموال إلى الدور التسهيلي الذي يؤديه القطاع المالي البريطاني القوي وجيوش المحامين والمحاسبين وغيرهم من وكلاء العقارات في لندن.

كما يحملون المسؤولية لحكومة المحافظين التي يتهمونها بعدم الكفاءة وحتى التقاعس في مكافحة الأموال المشكوك فيها التي تدفقت على الاقتصاد البريطاني.

وبحسب غريف، تعزز حضور المواطنين الروس الأثرياء منذ عام 2008 من خلال إنشاء نظام "التأشيرات الذهبية" التي مُنحت مقابل استثمارات تصل إلى ملايين الجنيهات الاسترلينية.

لكن التصعيد في أوكرانيا أجبر الحكومة على التحرك.

- مركز جذب -
يضيف دومينيك غريف أنه بسبب تلك التأشيرات "صارت لندن والمملكة المتحدة مركز جذب" خصوصا "لرجال الأعمال الروس الذين كسبوا الكثير من المال في ظل ظروف مشبوهة للغاية في كثير من الأحيان اثر تفكك الاتحاد السوفياتي".

ويتابع أنهم رأوا المملكة المتحدة على أنها "مكان رائع للتجارة... وفي كثير من الحالات للعيش وتعليم أطفالهم".

وضعت منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية قائمة عقارات مملوكة لروس متهمين بالفساد أو بالارتباط بالكرملين في مناطق راقية في لندن تناهز قيمتها 1,5 مليار جنيه استرليني (1,8 مليار يورو). 

كما استُخدمت أكثر من 2000 شركة مسجلة في بريطانيا في قضايا غسل أموال أو فساد شملت 82 مليار جنيه استرليني (98,5 مليار يورو) من الأموال الروسية، وفق المنظمة التي تشير إلى دور للبنوك البريطانية وشركات المحاماة والمحاسبين في ذلك.

وأعلنت لندن منتصف شباط إنهاء نظام "التأشيرات الذهبية"، قبل أن توسع قائمة الأشخاص المستهدفين بالعقوبات لقربهم من نظام فلاديمير بوتين.

وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الإثنين إنه "لا يزال هناك ما يمكن القيام به" في ما يتعلق بالعقوبات الفردية. كما يُعرض على البرلمان مشروع قانون لمنع غسل الأموال عن طريق الأملاك العقارية من خلال إقرار إلزامية الكشف عن هوية المالكين النهائيين حتى لا "يتخفّوا" وراء أسماء شركات.

يعتقد دومينيك غريف أنه "كان واضحا" أن العديد من الأوليغارش الروس في المملكة المتحدة "حافظوا على علاقات وثيقة جدا مع الدولة الروسية"، ما يشكل خطرا على أمن البلاد.

- في خدمة الأوليغارش -
ويوضح المحامي أن مدينة لندن "ستتأثر بشدة" بالعقوبات التي تستهدف الأوليغارش، مثل تجميد أصولهم أو حظر السفر عليهم "لكن المملكة المتحدة تجتذب استثمارات نقدية من أنحاء العالم" و"ذلك لا يعني إفلاس" القطاع. 

كان العاملون في القطاع المالي البريطاني يخضعون أصلا لقوانين تهدف إلى التحكم في تدفق الأموال الفاسدة، لكنها لم تطبق بصرامة حتى الآن، لا سيما بسبب النقص الشديد في الامكانيات الذي تعانيه الأجهزة الحكومية المكلفة مكافحة الجرائم المالية.

وقال مسؤول التحقيقات في منظمة الشفافية الدولية في بريطانيا بن كاودوك "من المحتمل أن تكون الحزمة التدابير الجديدة فعالة للغاية" لا سيما في تسليط الضوء على "مالكي ما يقرب من 90 ألف عقار" ثمة شبهات حول هوية أصحابها. 

لكنه نبه الى أن "هذه التدابير يجب أن تُوفر لها الوسائل الكافية حتى تُنفّذ بشكل فعال".

ووفق مسح أجرته منظمة الشفافية الدولية عام 2019، جاء قسم كبير من الثروات المستثمرة في المملكة من روسيا بالتأكيد، ولكن أيضا من أوكرانيا والصين ونيجيريا وغيرها.

يؤكد أوليفر بولو مؤلف كتاب حول الموضوع يصدر هذا الأسبوع أنه "منذ نهاية الإمبراطورية (البريطانية)، كرست بريطانيا نفسها لخدمة أغنى الأشخاص والشركات في العالم" وليس فقط الروس.

ويضيف الكاتب في تصريح لفرانس برس أنه رغم التصريحات الحكومية الأخيرة "يبدو أنه لا يوجد وعي إلى ضرورة عدم قبول الأموال المشكوك فيها" من حيث مصدرها. 

ويشدد على أنه بدون موارد إضافية، ستكون التدابير البريطانية الجديدة "مخيبة جدا للآمال".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم