الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

جيرينوفسكي... من هو "ترامب الروسي" الذي ودعته روسيا أمس؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
النائب الروسي فلاديمير جيرينوفسكي إلى جانب الرئيس فلاديمير بوتين خلال حفل تكريم في الكرملين، 2016 - "أ ب"
النائب الروسي فلاديمير جيرينوفسكي إلى جانب الرئيس فلاديمير بوتين خلال حفل تكريم في الكرملين، 2016 - "أ ب"
A+ A-

توفي أمس السياسي الروسي والنائب فلاديمير جيرينوفسكي عن عمر ناهز 75 عاماً بسبب مضاعفات فيروس "كورونا" على الرغم من قوله إنّه تلقى ثماني جرعات من اللقاح المضاد للفيروس وفقاً لما نقلته صحيفة "موسكو تايمس".

عُرف عن جيرينوفسكي إطلاق انتقادات حادة ضد الغرب بلغت ذروتها مع دعوته الروس في كانون الثاني إلى غزو أوكرانيا. ساهم جيرينوفسكي في تأسيس "الحزب الليبيرالي الديموقراطي الروسي" الذي "لا يشبه الليبيرالية أو الديموقراطية بشيء" وفقاً لتوصيفات غربيين.

 

"ترامب روسيا"

أطلِق على جيرينوفسكي لقب "ترامب روسيا" بسبب شعبويته وآرائه المتطرفة مثل الدعوة إلى إعادة احتلال الجمهوريات السوفياتية السابقة وضرب اليابان وبريطانيا والشيشان بأسلحة نووية. بالفعل، حضّ جيرينوفسكي الأميركيين على انتخاب دونالد ترامب وإلّا ستقود منافسته هيلاري كلينتون الولايات المتحدة إلى حروب جديدة على مستوى "هيروشيما وناغازاكي".

كما دعا إلى السيطرة على ألاسكا (باعتها روسيا إلى الولايات المتحدة سنة 1859) وإلى توسيع حدود روسيا إلى درجة يتمكن جنودها من "غسل أحذيتهم في المياه الدافئة للمحيط الهندي". ودعا إلى "محو" بولندا عن الخريطة وإلى إغراق دول البلطيق بالنفايات النووية.

بحسب وكالة "رويترز"، أصبح حزب جيرينوفسكي معارضة من داخل النظام إذ كان يوفّر تنافساً مع الحزب الحاكم لكنّه كان يدعم سياساته المفصلية، كما فعل عندما أيّد ضمّ القرم سنة 2014.

 

كره الشيوعية

ولد جيرينوفسكي لأب يهودي وأم روسية في قازاقستان سنة 1946. في سيرته الذاتية، يخبر جيرينوفسكي كيف قالت له والدته وهي على فراش الموت: "فولوديا، لا شيء لتذكره (من الحقبة السوفياتية)، لا يوم سعيداً واحداً"، كما نقلت "موسكو تايمس".

جيرينوفسكي (اسم عائلته يعود إلى زوج أمه الأول بعدما هجرهما والده في وقت مبكر) تبنى أفكاراً قومية روسية فوصل به الأمر أحياناً إلى اعتناق اللاسامية والاستياء من القوميات الروسية الأقلوية. ودعا إلى طرد الصينيين واليابانيين من روسيا. وتخرّج من جامعة موسكو للدراسات الشرقية حائزاً على شهادة في الأدب واللغة التركيين.

بعد أربعة أعوام على تأسيسه، تمكّن "الحزب الليبيرالي الديموقراطي الروسي" من الفوز بقرابة 23% من الأصوات في الانتخابات التشريعية ممّا جعله الحزب الأقوى في الدوما. لكنّ الحزب لم يستطع المحافظة على هذه الشعبية، فتمكّن الحزب الشيوعيّ الذي كان جيرينوفسكي يعمل على تقييده، من تحقيق عودة قوية في وقت لاحق.

صنّف جيرينوفسكي نفسه على أنّه "قوة ثالثة" بين شيوعيّ غورباتشيف وإصلاحيي يلتسين. منذ مطلع التسعينات، ترشّح جيرينوفسكي إلى جميع الانتخابات الرئاسية من دون استثناء.

 

"نجح في توقّعاته"

في رثاء لجيرينوفسكي، كتب رئيس مجلس الدوما فياشسلاف فولودين على قناة "تيليغرام" أنه "من دونه يصعب تخيل تاريخ تطور النظام السياسي لروسيا الحديثة". وأضاف أنّ جيرينوفسكي كان "رجلاً فهم بعمق كيف يعمل العالم" وأنّه نجح في توقع الكثير من أحداثه.

ذكرت مجلّة "بوليتيكو" أنّ جيرينوفسكي توقّع بدقّة الغزو الروسي لأوكرانيا عندما كتب في كانون الأول أنّه "عند الرابعة فجراً من 22 شباط، ستشعرون (بسياسة روسية جديدة)". وبدأ الغزو في 24 شباط. وقال أيضاً إنّ 2022 ستكون "سنة غير سلمية، سنة حين تصبح روسيا عظيمة مجدداً".

لا يمكن الجزم في ما إذا كان حديث جيرينوفسكي عبارة عن توقّعات أو معلومات. لقد بدأ الحشد العسكريّ الروسيّ على الحدود مع أوكرانيا في شباط قبل أن يتراجع في نيسان. لكنّ روسيا أعادت بناءها العسكري في خريف 2021. كان ذلك كافياً لزيادة احتمالات حدوث الغزو.

توّج البناء العسكريّ تصريحاتٍ ومقالات لكبار القادة الروس (الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس السابق دميتري مدفيديف مثلاً) عن أهمية أوكرانيا التاريخية والثقافية لروسيا. كان توقّعُ هجوم روسيّ على أوكرانيا في 2022، خصوصاً من قبل مقرّب من بوتين، غير تعجيزيّ إلى هذا الحدّ.

بالمقابل، لم يكن جيرينوفسكي متأكداً دوماً من حصول الحرب في شباط. خلال كلمة له في مجلس الدوما بداية السنة الحالية، تحدّث عن "فرصة ذهبية" من أجل الفوز بـ"معركتنا النهائية والحاسمة في ربيع 2022". وتابع: "قد يكون ذلك في نيسان أو أيار – يمكن أن يتم ذلك هذه السنة وعندها فقط سنحل مشاكلنا الاقتصادية. عندها ستعود كلّ الأموال إلى هنا، من جميع حسابات الأوفشور... النصر لروسيا في هذه الحرب الجديدة!".

 

النظرة نفسها إلى أوكرانيا

في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" سنة 2018، قال جيرينوفسكي إنّ روسيا تريد من الغرب احتراماً. عندما طالبه المراسل ستيف روزنبرغ بتوضيح كيفية اكتساب روسيا لهذا الاحترام بعد الاعتداءات في أوروبا وسلوكها في أوكرانيا وتسميمها الجاسوس المزدوج السابق سيرغي سكريبال على الأراضي البريطانية، ردّ جيرينوفسكي: "أي اعتداءات؟ سكريبال؟ ليس اعتداء. أوكرانيا؟ ليس اعتداء". وأضاف: "في أوكرانيا، يجب أن تعلموا أنّها أرضنا، أنها شعبنا. وعليكم أن تنسوا أوكرانيا... إنّها جزء من أرضنا كما أنّ اسكتلندا جزء من بريطانيا العظمى... أوكرانيا، بيلاروسيا، دول البلطيق... هي منطقة نفوذنا".

يظهر أنّ هنالك تناغماً كبيراً بين أفكار بوتين وجيرينوفسكي تجاه أوكرانيا وإن كان كلّ منهما يعبّر عنها بحسب طريقته. ورثا بوتين جيرينوفسكي باعتباره رجلاً "دافع دوماً عن الموقف الوطني ومصالح روسيا". 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم