السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

على ضوء انتخابات 2020... غور وكلينتون والصدفة العشوائية

المصدر: "بوليتيكو"
المرشحان الديموقراطيان اللذان كادا يدخلان البيت الأبيض هيلاري كلينتون وآل غور - "آ ب"
المرشحان الديموقراطيان اللذان كادا يدخلان البيت الأبيض هيلاري كلينتون وآل غور - "آ ب"
A+ A-
 "النهار"
 
خلال انتظاره نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، حاول الناشر المؤسس لمجلة "بوليتيكو" جون هاريس أن يملأ فراغه بتمارين ذهنيّة تتعلّق برسم مسار آخر لبعض الأحداث "العشوائيّة" التي طبعت التاريخ الحديث. يسرد هاريس كيف تعرّض الزعيم البريطاني ونستون تشرشل لحادث صدم في مدينة نيويورك ذات يوم من كانون الأول 1931. تساءل الكاتب عمّا كان ليكون مصير العالم خلال السنوات العشرين التالية لو كانت السيارة التي صدمت تشرشل تسير بشكل أسرع بقليل.

انطلاقاً من هذه الفرضيّة، تساءل هاريس أيضاً عن الوضع الذي كان سيصل إليه العالم اليوم لو فاز آل غور وهيلاري كلينتون بالرئاسة الأميركية التي كانت في متناولهما. لكلتا الشخصيتين حدودهما، كما أنهما اعترفتا بارتكابهما أخطاء في حملتيهما. لكنّهما فازتا في التصويت الشعبي ولولا الظروف الغريبة لكانتا وصلتا إلى البيت الأبيض أيضاً.

عوضاً عن ذلك، تحطّمت طموحات غور وكلينتون نحو الرئاسة، بعدما أمضيا حياتهما المهنية في محاولة لتعزيزها. حين وصل بيل كلينتون إلى نهاية رئاسته، اقترب كثيراً من تطبيع العلاقات مع كوريا الشمالية في مقابل إنهاء النظام مسعاه للحصول على أسلحة نووية. لكنّ جورج بوش الابن، وبعد حكم المحكمة العليا بغالبية 5 إلى 4 لصالحه في السباق الرئاسي سنة 2000، أنهى تلك الديبلوماسية. اليوم، تتمتع كوريا الشمالية بعشرات القنابل النووية وتبقى واحدة من أخطر دول العالم.

بعد هجمات 11 أيلول، عارض غور الحرب الوقائية ضد العراق. وهذا أمر أمكنه أن يحيّد العالم عن كارثة استراتيجية استمرت سنوات. كلّ هذا كان ليحصل لو كسب بضع مئات من الأصوات في ولاية فلوريدا التي صوّت فيها 6 ملايين شخص.

يتوقّع هاريس في تمرينه الذهنيّ، حصول تغيّر كبير لو فازت كلينتون بانتخابات 2016. فهي كانت ستتصرّف بطريقة مغايرة عن تلك التي اعتمدها ترامب في مواجهة "كورونا" الذي خلّف 231 ألف وفاة. كلّ ما كان يتطلّبه الأمر 80 ألف صوت من أصل 130 مليوناً على المستوى الوطني، على أن يتمّ توجيهها إلى ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن.

يُنظر إلى بيل كلينتون اليوم على نطاق واسع بأنه مؤدٍّ سياسيّ موهوب لكنْ ذو عيوب، وينتمي إلى عصر التسعينات الذي عفا عنه الزمن. لو عاش بايدن في عالم آخر، لكان مؤسساً رئيسياً لتيار "الخط الثالث" الذي تمتد أفكاره وشخصياته إلى جيلين.

يضيف الكاتب السياسي نفسه أن غور وهيلاري كانا شخصيتين مركّبتين يصعب أحياناً على المحيطين بهما العمل معهما وعلى الصحافيين أن يغطّوا تحرّكاتهما.

كان غور وهيلاري أكثر تطلباً وقتالية ودفاعاً عن القيم وأحياناً أكثر راديكالية في طباعهما الشخصية والعامة، وهي صفات لما روّج لها علناً المعتدلون التقليديون. والشخصيات الأكثر تعقيداً تنتج سياسيين أقل فعالية. كان هنالك احتمال في ألّا يدخل غور وهيلاري عالم السياسة لو لم يكونا على صلة بذاك العالم في عائلتيهما، الأوّل لجهة والده، والثانية لجهة زوجها.

اليوم، تقدّم انتخابات 2020 مرشّحين هما دونالد ترامب وجو بايدن واللذان لا يلمّحان إلى وجود فارق شاسع بين شخصيتيهما العامة والخاصة. في حالة ترامب، هنالك شك في أنه ألغى التمييز نهائياً.

بالنسبة إلى الكاتب، تدفع خسارة غور وهيلاري الانتخابات التحليل النفسي إلى الواجهة. أمكنهما الفوز بالرئاسة لو أظهرا طبيعتيهما الحقيقيتين للهرب من الأنماط القديمة التي جعلتهما في موقف دفاعي ودفعتهما إلى إظهار نسخة عن نفسيهما أصغر مما هي عليه في الواقع. ويضيف هاريس أن هذه الحدود لم تكن كافية وحدها لمنعهما من الرئاسة. فمع غور، استلزم الأمر بطاقات اقتراع قديمة ومثيرة للالتباس إضافة إلى أمر من المحكمة العليا لوقف إعادة الفرز. أمّا في مسألة هيلاري كلينتون، تطلب الأمر دعاية سياسية روسية صارمة وتدخلاً متردداً ومشكوكاً به أخلاقياً من قبل مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي حينها جايمس كومي.

ويذكّر هاريس في الختام بأنّ التاريخ لا يتحرّك دوماً بناء على هدف واضح. في بعض الأحيان، يترنّح بفعل صدفة عشوائية.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم