الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أربع سنوات عاصفة في البيت الأبيض: ترامب المشاكس تحوّل ظاهرة سياسيّة فريدة

المصدر: رويترز
ترامب يرقص في ختام تجمع انتخابي في توكسون بأريزونا (19 ت1 2020، أ ف ب).
ترامب يرقص في ختام تجمع انتخابي في توكسون بأريزونا (19 ت1 2020، أ ف ب).
A+ A-
روّج دونالد ترامب، رجل الأعمال الذي اشتغل بالسياسة لشعار "أميركا أولا"، وقاوم محاولة لعزله وتعرض شخصيا للإصابة بفيروس كورونا، وأخذ مواقف كانت محل خلاف تتعلق بالهجرة وقضايا عرقية خلال فترة رئاسة عاصفة يقول معارضوه إنها خالفت الأعراف الديموقراطية الأميركية.

فبعد سنوات، نال فيها شهرة بوصفه مطورا عقاريا متهورا محبا للظهور في وسائل الإعلام، ثم نجما من نجوم تلفزيون الواقع، سعى ترامب صاحب الشخصية المشاكسة للاستفادة من مشاعر الاستياء السائدة بين كثير من الأميركيين ليتحول ظاهرة سياسية فريدة في تاريخ الدولة على امتداد 244 عاما.

في البداية قوبل ترامب، الذي يسعى للاحتفاظ بالرئاسة في الانتخابات التي يواجه فيها يوم الثلثاء منافسه الديموقراطي جو بايدن، بمقاومة ضارية داخل الحزب الجمهوري. لكنه تمكن من تطويعه على هواه، بل نال ولاء بعض الجمهوريين الذين سبق أن نددوا به.

ومن خلال تويتر، وفي اللقاءات الجماهيرية الصاخبة، لم يترك ترامب فرصة إلا وهاجم فيها الديموقراطيين ووسائل الإعلام الإخبارية، بل بعض الجمهوريين وأعضاء حكومته ومسؤولين آخرين عينهم بنفسه في مناصبهم.

وقال ترامب في لقاء جماهيري في بنسلفانيا يوم 26 أكتوبر تشرين الأول الماضي: "إذا لم يشبه كلامي كلام السياسي العادي في واشنطن، فذلك لأنني لست سياسيا".

تولى ترامب (74 عاما) مقاليد الرئاسة في كانون الثاني 2017 بعد فوزه المفاجيء على المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون في تشرين الثاني 2016.

وقد أسفر فرز الأصوات عن خسارته التصويت الشعبي على مستوى البلاد بفارق ثلاثة ملايين صوت تقريبا لكنه انتصر في الولايات المتأرجحة ذات الأهمية البالغة لتتحقق له الأغلبية في المجمع الانتخابي.

وجعل الانتصار في انتخابات 2016 منه أول رئيس أميركي يتولى الرئاسة دون سابق خبرة سياسية أو عسكرية وهو ينهج نهجا شعبويا يمينيا. وكان صعود نجمه جزءا من موجة شعبوية تمتد من بريطانيا بقرارها الخروج من الاتحاد الأوروبي إلى البرازيل، حيث تم انتخاب جاير بولسونارو، الزعيم الآتي من أقصى اليمين.

وندد ترامب بالعولمة وركز السياسة الخارجية الأميركية حول رؤيته العالمية القائمة على أساس "أميركا أولا".

وجاءت رئاسته في وقت يشهد استقطابا شديدا في الولايات المتحدة وخللا في الأداء السياسي في واشنطن.

في الداخل فرض ترامب قيودا على الهجرة سواء القانونية أو غير القانونية وخفض عدد المسموح لهم بدخول البلاد سواء بصفة لاجئين أو طالبي لجوء، وأجرى تخفيضات ضريبية كاسحة ودفع بالقضاء الاتحادي بل وبالمحكمة الدستورية العليا في اتجاه اليمين بدرجة كبيرة وألغى لوائح بيئية وصفها بأنها عبء على البلاد.

أما في الخارج فقد ساهم في التوسط في اتفاقات بين إسرائيل الحليف الأميركي الوثيق وثلاث دول عربية وتخلى عن اتفاقات دولية صورها على أنها غير منصفة للولايات المتحدة واستعدى حلفاء قدامى وأشاد بزعماء أجانب مستبدين.

كما أبدى ترامب إكبارا لروسيا خصم أميركا القديم ورئيسها فلاديمير بوتين. وخلصت وكالات المخابرات الأميركية إلى أن روسيا استخدمت حملة تسلل إلكتروني ودعاية من خلال الإنترنت لتعزيز فرص نجاح ترامب في انتخابات 2016 وأن موسكو تتدخل مرة أخرى في حملة الدعاية في انتخابات 2020 في محاولة لتشويه سمعة بايدن.

وصوره المنتقدون، بمن فيهم كبار الديموقراطيين وأعضاء سابقون في إدارة ترامب نفسه، باعتباره خطرا على الديموقراطية يميل للحكم الاستبدادي.

وقال بايدن عن ترامب في ولاية أيوا العام الماضي: "أعتقد أن الرئيس يعد حرفيا خطرا وجوديا على أميركا. فهذا شخص يفعل كل شيء لتفريق الناس وتخويفهم. مسألة خوف وكراهية".

وفي حزيران، قال جيم ماتيس، ضابط مشاة البحرية السابق الذي تقاعد برتبة جنرال بأربعة نجوم، وكان أول من شغل منصب وزير الدفاع في حكومة ترامب: "دونالد ترامب هو أول رئيس في حياتي لا يحاول توحيد الشعب الأميركي ولا يتظاهر حتى بأنه يحاول. بل إنه يحاول بدلا من ذلك أن يفرقنا".

غير أن الدعم الحماسي لم يتأثر في ما يبدو من جانب عدد كبير من الأميركيين لا سيما بين البيض والمحافظين المسيحيين وسكان الريف والمتعلمين تعليما غير جامعي، وذلك رغم الجدل المتلاحق الذي لازم الرئيس.

وفي مراسم قبول ترشيح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة قال ترامب "دخلت الساحة السياسية كي لا يتمكن القوي بعد الآن من التعدي على الناس الذين لا يمكنهم الدفاع عن أنفسهم. ولا أحد يعرف النظام أكثر مني، ولهذا السبب أستطيع أنا وحدي أن أصلحه".

واتهم الديموقراطيون ترامب بوضع نفسه فوق القانون وعدم الاكتراث بالقيود الدستورية السارية على السلطات الرئاسية إذ تجاهل قرارات استدعاء من الكونغرس. وشكا من نظام التصويت الأميركي وألصق به تهمة "التزوير" ورفض الالتزام بالانتقال السلمي للسلطة، إذا خسر الانتخابات لصالح بايدن وهاجم شخصيات في مكتب التحقيق الاتحادي ووكالات المخابرات الأميركية.

كما ندد معارضوه به لاستخدامه أكاذيب، ونشرت جهات مسؤولة عن التحقق من صحة ما يقول الآلاف منها خلال فترة رئاسته.

واعترض على الأسئلة التي وُجهت اليه عن حالته النفسية.

وفي 2018 كتب في تغريدة على تويتر يقول: "في الواقع طوال حياتي كان أعظم رصيدين عندي استقراري النفسي وكوني ذكيا جدا". ووصف نفسه بأنه "عبقري في غاية الاستقرار".

وفي لقاءات جماهيرية وقف فيها، بشعره الذهب الشهير المصفف بعناية، مرشحا ورئيسا استمتع ترامب بتملق أنصاره له والذين كان كثيرون منهم يضعون غطاء الرأس الأحمر الشهير للعبة البيسبول وعليه شعار "لنجعل أميركا عظيمة من جديد".

وهلل أنصاره لعباراته التي كان يطلقها تهكما على الديموقراطيين والليبراليين والنخب وكذلك تهجمه على الصحافيين، وإطلاق وصف "أعداء الشعب" عليهم ووصف تقاريرهم بأنها "أخبار زائفة".

- الجائحة والمساءلة -

طرحت جائحة فيروس كورونا تحديا لترامب.

فقد شكك في الكمامات وروج لأدوية لم تثبت فعاليتها وتنبأ باختفاء المرض "مثل معجزة" وكلها أفعال قال كثيرون من خبراء الصحة العامة إن ثمنها كان فقد أرواح وإنها ساهمت في كارثة اقتصادية.

وحتى الآن، توفي نحو 230 ألف أميركي من جراء الإصابة بمرض كوفيد-19 الذي يتسبب به فيروس كورونا.

وفي الثاني من تشرين الأول، كشف ترامب، الذي تجاهل وضع الكمامة ونصائح التباعد الاجتماعي في كثير من الأحيان، أنه أصيب بالفيروس، وأمضى ثلاثة أيام في المستشفى تلقى خلالها أدوية متعددة للعلاج من كوفيد-19 قبل عودته إلى البيت الأبيض.

وحاول الديموقراطيون في الكونغرس دون جدوى عزل ترامب من منصبه بتهمة طلب التدخل الخارجي في الانتخابات الأميركية. وفي العام الماضي طلب ترامب من أوكرانيا الحليف الأميركي الذي واجه عدوانا روسيا إجراء تحقيق في اتهامات بالفساد لا سند لها في تصرفات بايدن وابنه هنتر.

وأصبح ترامب ثالث رئيس أميركي يواجه مساءلة لعزله عندما صوت مجلس النواب الذي يملك الديموقراطيون ناصية الأغلبية فيه بالموافقة على توجيه الاتهام له بإساءة استخدام السلطة وعرقلة تحقيق الكونجرس في المسألة الأوكرانية.

وأبقاه مجلس الشيوخ الذي يقوده الجمهوريون وذلك بتبرئته في محاكمة دارت وقائعها في فبراير شباط الماضي.

وأبدى ترامب غضبه إزاء التحقيقات في دور روسيا في انتخابات 2016. ووثق المحقق الخاص روبرت مولر الذي عينته وزارة العدل التدخل الروسي في الانتخابات لبث الفرقة في الولايات المتحدة وتشويه صورة هيلاري كلينتون ودعم موقف ترامب.

وذكر مولر بالتفصيل اتصالات عديدة بين شخصيات في حملة ترامب وبعض الروس.

ووصف ترامب التحقيق بأنه حملة اضطهاد وأعلن براءته الكاملة بعد أن خلا تقرير المحقق مولر من اتهامه أو اتهام حملته بالمشاركة في مؤامرة إجرامية مع روسيا.

ولم يبريء مولر ترامب من اقتراف جريمة عرقلة العدالة في سعيه لإعاقة التحقيق. لكن وزير العدل وليام بار الذي عينه ترامب في منصبه برأ ساحة الرئيس في ما بعد.

وتحاشي ترامب إدانة موسكو وأعطى صدقية علنا لنفي بوتين التدخل في الانتخابات، وفي الوقت نفسه شكك في استنتاجات المخابرات الأميركية.

وامتدح ترامب بوتين في إطار الثناء الذي أهاله على زعماء مستبدين، بينهم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، والرئيس الفيليبيني رودريغو دوتيرتي.

- المشكلة العرقية في أميركا -

انتشرت الاحتجاجات على العنصرية ووحشية الشرطة في مدن عديدة. وصاحبتها في بعض الأحيان أعمال عنف ونهب، وذلك بعد حوادث مثل مقتل جورج فلويد الأسود في مينابوليس في أيار برصاص الشرطة.

ووصف ترامب المتظاهرين بالبلطجية. ووعد بالحفاظ على "القانون والنظام"، وأمر بنزول قوات اتحادية إلى الشوارع في بعض المدن.

واتهمه منتقدوه باتباع سياسات قائمة على معالجة "مظالم البيض" في دولة يتنامى عدد سكانها من الملونين. بل إن بعض الجمهوريين أبدوا استياءهم من عدم تبرؤ ترامب من أنصار فكرة تفوق العرق الأبيض.

وبعد أن تولى ترامب الرئاسة خلفا لباراك أوباما، أول رئيس أميركي أسود، محا جوانب كثيرة من إرث سلفه الديموقراطي. فانسحب من المعاهدة الدولية الخاصة ببرنامج إيران النووي ومن اتفاق عالمي لمكافحة التغير المناخي وألغى قرارات صدرت بهدف حماية البيئة وأعاد العلاقات مع كوبا إلى سابق عهدها بعد ما شهدته من تحسن.

وكان موقف ترامب المتشدد من الهجرة من العلامات البارزة في فترة رئاسته.

كان ترامب وعد، عندما بدأ خطوات ترشيح نفسه في 2015، ببناء جدار على امتداد الحدود المكسيكية الأميركية تتكفل المكسيك بتكاليف بنائه. ورفضت المكسيك دفع أي أموال.

وكان من السياسات الأولى التي طبقها عقب تولي الرئاسة فرض حظر على السفر من عدة دول ذات غالبية مسلمة إلى الولايات المتحدة. كما طبق سياسة تقوم على فصل بعض أطفال المهاجرين المعتقلين عن آبائهم.

ورسم ترامب لنفسه صورة رجل الأعمال الناجح القادر على إبرام الصفقات وذلك رغم تاريخه الحافل بالخسائر المالية والإفلاسات وفشل الشركات.

فقد أظهرت وثائق ضريبية كشفت عنها صحيفة "نيويورك تايمس" في أيلول الماضي أن ترامب سدد ضرائب دخل اتحادية قيمتها 750 دولارا فحسب في 2016، ومبلغا مماثلا في 2017، وأنه لم يسدد أي ضرائب عن الدخل في عشر من السنوات الخمس عشرة السابقة لأسباب أهمها أنه ذكر في إقراراته أنه خسر أكثر مما ربح.

واتهمت عدد من النساء ترامب بالاعتداء عليهن جنسيا ونفى هو هذه الاتهامات كلها. وكان ترامب تباهى في تسجيل صوتي عام 2005 نشر في 2016 بأن بإمكانه الإمساك بالنساء من أعضائهن التناسلية دون أن يُعاقب على ذلك لأنه نجم مشهور.

واعترف محاميه الخاص مايكل كوهين بصحة اتهامات تتعلق بأموال دفعها قبل انتخابات 2016 لإمرأتين لشراء سكوتهما الأولى ممثلة أفلام إباحية والثانية من عارضات مجلة بلاي بوي. وقالت الاثنتان إنهما كانت لهما لقاءات جنسية قبل سنوات مع ترامب.

ونفى ترامب صحة هذه الاتهامات.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم