أعلنت الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة أنّها تمكّنت من الإفراج عن رهينتَين خلال عمليّة في رفح ليل الأحد الاثنين، كان مقاتلو "حماس" قد خطفوهما في 7 تشرين الأوّل، بينما أعلنت وزارة الصحة في حكومة "حماس" صباح الاثنين أن العملية أدت إلى سقوط "نحو مئة شهيد".
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مواصلة الهجوم العسكري في غزة مؤكداً "وحده الضغط العسكري المتواصل حتى النصر الكامل سيؤدي إلى إطلاق سراح جميع الرهائن".
وقالت الأجهزة الأمنيّة الإسرائيلية في بيان إنّه "خلال عمليّة ليليّة في رفح نفّذها بشكل مشترك كلّ من الجيش والشين بيت (الأمن الداخلي) والشرطة الإسرائيليّة، تمّت استعادة الرهينتين الإسرائيليَّين فرناندو سيمون مارمان (60 عامًا) ولويس هار (70 عامًا) اللذين خطفتهما منظّمة حماس الإرهابيّة في 7 تشرين الأوّل من كيبوتس نير يتسحاق".
وأضاف البيان: "كلاهما في حال صحّية جيّدة، وقد نُقلا لإجراء فحص طبّي في مستشفى شيبا تل هشومير".
ويحمل الرهينتان الجنسيتين الإسرائيلية والأرجنتينية. وفي منشور على موقع أكس، أعرب مكتب الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي عن "امتنانه" للجيش الإسرائيلي لإطلاق سراح الرهائن.
في قطاع غزة، أعلنت وزارة الصحة التابعة لـ"حماس" عن سقوط "نحو مئة شهيد غالبيتهم أطفال ونساء" في الهجوم الليلي للقوات الإسرائيلية على مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة قرب الحدود مع مصر.
وحضّ الرئيس الأميركي جو بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على عدم شنّ عمليّة عسكريّة برّية في رفح "من دون خطّة موثوقة وقابلة للتنفيذ" لحماية المدنيّين، في حين تُحذّر دول عدّة من "كارثة إنسانيّة" إذا شُنّ الهجوم على المدينة المكتظّة.
وحضّ وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون الاثنين إسرائيل على "وقف" عملياتها العسكرية في رفح، بعد القصف الليلي.
وقال كاميرون للصحافيين خلال زيارة إلى اسكتلندا "نشعر بقلق بالغ حيال الوضع ونريد من إسرائيل أن تتوقف وتفكّر بجديّة قبل القيام بأي تحركات إضافية".
وتعهّد نتنياهو توفير "ممر آمن" للمدنيّين قبل تنفيذ عمليّة عسكريّة في رفح، وسط تحذيرات دوليّة من "كارثة إنسانيّة" في حال شنّ هجوم على المدينة.
وحذّر مصدر قيادي في "حماس" الأحد إسرائيل من أنّ أي عمليّة عسكريّة ستؤدّي إلى "نسف مفاوضات" تبادل الرهائن الإسرائيليّين والمعتقلين الفلسطينيّين.
ويحتشد 1,3 مليون فلسطيني، أي أكثر من نصف سكّان القطاع المحاصر، في رفح. وهم في غالبيّتهم العظمى فرّوا من العنف في شمال القطاع ووسطه عقب اندلاع الحرب قبل أكثر من أربعة أشهر.
- "مجرد خطوة" -
وأثار التلويح بعمليّة عسكريّة وشيكة في رفح، قلق بعض الإسرائيليين من تأثير ذلك على الرهائن المحتجزين في القطاع.
ودعا قريب أحد الرهائن الذين أطلق سراحهم خلال الليل من غزة، الإثنين إلى التوصّل إلى اتفاق أوسع بين إسرائيل و"حماس" لضمان إطلاق سراح بقية الرهائن المحتجزين.
وقال عيدات بيجيرانو صهر لويس هار للصحافيين من مستشفى شيبا قرب تل أبيب حيث يخضع الرهينتان لفحوص طبية "كان الكثير من الدموع والعناق الحار، لم يكن هناك الكثير من الكلام".
وأضاف: "نحن كعائلة محظوظون لأنه تم انقاذهما الليلة لكني أقول إن المهمة لم تنته، نحن سعداء اليوم لكننا لم ننتصر".
ورأى أنها "مجرد خطوة نحو إعادة جميع" الرهائن الآخرين.
اندلعت الحرب في 7 تشرين الأول عقب هجوم غير مسبوق شنّته "حماس" على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصًا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة أعدّتها "وكالة فرانس برس" تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.
كذلك، احتُجز في الهجوم نحو 250 رهينة واقتيدوا إلى غزة. وسمحت هدنة في تشرين الثاني بالإفراج عن 105 رهائن في مقابل 240 معتقلاً فلسطينياً من السجون الإسرائيلية. وقبل تحرير الرهينتين الأخيرتين، كانت إسرائيل تقول إنّ نحو 132 بينهم ما زالوا محتجزين في غزّة، و29 منهم على الأقلّ يُعتقد أنّهم قُتلوا، حسب أرقام صادرة عن مكتب نتنياهو.
وردّت إسرائيل بحملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّي واسع في القطاع، ما أسفر عن مقتل 28340 شخصاً غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب أرقام صادرة عن وزارة الصحة التابعة لحركة "حماس" الإثنين .
- ليلة مرعبة في رفح -
وفي الوقت الذي عم الفرح في إسرائيل بتحرير الرهينتين، تحدث أهالي رفح عن ليلة مرعبة.
يقول أبو صهيب الذي كان نائماً في منزل يبعد عشرات الأمتار عن الموقع الذي طاله القصف الإسرائيلي "سمعنا أصوات انفجارات مثل جهنم".
ويضيف: "سمعنا صوت طائرات حربية تطلق النار وشاهدنا مروحية تهبط في المكان".
يقع المنزل الذي كان الرهينتين محتجزتين فيه في مبنى مكون من أربعة طوابق.
وبحسب شهود عيان، فإنّ القصف حول خمسة بنايات ومنازل بجانب المنزل إلى كوم من الركام.
ويشير الشهود إلى أن المنزل خال من السكان، قام سكانه بإخلائه منذ شهرين بعد أن وصلهم تحذير من الجيش بقصفه.
وحذّرت "حماس" الأحد من أنّ عمليّة عسكريّة إسرائيليّة في رفح في أقصى جنوب غزّة حيث لجأ مئات آلاف المدنيّين، ستُقوّض احتمال إطلاق الرهائن المُحتجزين في القطاع الفلسطيني المحاصر.
وتُشكّل رفح، الواقعة عند حدود مصر، الملاذ الأخير للفلسطينيّين الفارّين من القصف الإسرائيلي المستمرّ في أماكن أخرى من قطاع غزّة في إطار حرب إسرائيل المستمرّة منذ أربعة أشهر ضدّ "حماس".
لكنّ الغارات الليليّة على رفح لا يبدو أنّها تُمثّل بداية الهجوم الذي أثار قلق المجتمع الدولي بما في ذلك الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل.
وطالت الغارات الليليّة 14 منزلًا وثلاثة مساجد في مناطق مختلفة برفح، حسب حكومة "حماس". وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنّه "نفّذ سلسلة غارات ضدّ أهداف إرهابيّة في جنوب قطاع غزّة"، مضيفًا أنّ الغارات قد انتهت.
وتسبّبت هذه الغارات التي كانت أكثر كثافة ممّا كانت عليه خلال الأيّام الأخيرة، في تصاعد سحب من الدخان، حسب صحافيّين في "وكالة فرانس برس" وشهود عيان.
وخوفاً من تنفيذ إسرائيل هجوماً برياً على رفح، بدأت عشرات العائلات الإثنين بالنزوح مع أمتعتها القليلة.
ويقول علاء محمد (42 عاماً) والذي يهم بحزم أمتعته تمهيداً للنزوح من رفح نحو دير البلح وسط القطاع "كانت ليلة مرعبة".
ويضيف: "ما حدث الليلة ينذر بحدوث شيء كبير في رفح، يبدو أنّ الجيش الإسرائيلي سيدخل رفح كما أعلنوا".
وبحسب محمد فإنّه "لم ننم منذ الليل، منذ الفجر بدأنا بتوضيب أغراضنا وجمعها" بينما ذهب أخيه وعمه لجلب وسيلة نقل.
ويقول "كثير من العائلات فكت خيامها مثلنا، أتمنى أن نجد سيارة أو شاحنة، اتصلنا بأكثر من سائق نعرفهم لكن جميعهم مشغولون".