إعلان

بيروت... مدينة لها سحرها الخاص في الأغنيات

المصدر: رفقا عطا الله
بيروت
بيروت
A+ A-

لبيروت سحرها الخاص. هذا السحر الذي لا يجعلك تخاطبها على أنها مدينة. في مخاطبتك لها. تأنسنها. تتوجه إليها بكونها أمك، أختك، أبيك، أخيك (بيروت إمي – جان-ماري رياشي). لا يمكن ألا تكون علاقتك بها إلا حميمة. ألمها هو ألمك. وألمك هو ألمها. تسعد لفرحها فتقول "شوف شو حلوة بيروت" (وليد توفيق). وعندما تحزن على وضعها تسألها "هل ذرفت عيونك دمعة؟".

هي بعيونك وبعيون كل من يحبها ست الدنيا. لا مثيل لها. لا بديل عنها. ما إن تشتاق إليها، تتصل بها أم بأي أحد يذكرك بها. يكفي أن تقول "ألو بيروت" لتعلم أخبارها. لا تتردد لحظةً في التعبير عن اشتياقك لها، فتقول لها "اشتقنالك يا بيروت".

من يلحق الأذى بها يلحق الأذى بالوطن أجمع لا بل بالدنيا جمعاء "كل ما يطلبه لبنان"، ممن يدمره يومًا بعد يوم، أن يحبوه قليلًا.

في كل مرة، تهدم بيروت. "نعترف أمام الله الواحد أنا كنا منك نغار وكان جمالك يؤذينا، نعترف الآن بأنا لم ننصفك ولم نرحمك وأهديناك مكان الوردة سكينًا. أنا جرحناك وأتعبناك بأنا حرقناك وأبكيناك وحملناك أيا بيروت معاصينا" (ماجدة الرومي – يا ست الدنيا يا بيروت).

لم ترتبط بيروت إلا بالفرح والحب والأمل. فهي "أجمل صبية" ومن "لا تفارقها الضحكة" ومن كانت لياليها توصف بليالي العمر (أشتقنالك يا بيروت – باسكال صقر). هي الزهرة في غير آوانها محلاها ومحلى زمنها.

لبيروت العديد من الأغنيات التي كتبت لها خصيصًا في فرحها وألمها. ألهمت كبار الشعراء من نزار قباني ومحمود درويش.

فيروز

وقت ألمها، غنت لها السيدة فيروز "لبيروت". تكلمت فيها عن المدينة التي أطفأت قنديلها وأغلقت بابها. سألتها مرة أخرى "بيروت هل ذرفت عيونك دمعة". طالبتها بأن تعود في أغنية "سكروا الشوارع" قائلةً لها "ارجعي يا بيروت بترجع الأيام". خاطبتها السيدة فيروز بزهرة الياقوت التي تزين شاطئ البحر الأبيض المتوسط في أغنية "يا مينا الحبايب".

بيروت الفرح

لم يرافق بيروت في أغنيات (ألو بيروت) الفنانة صباح إلا الفرح. بيروت في أغنيات أحمد قعبور هي عروس الأمير التي تتزين أبوابها بالتوت والعناب. يقول "مرحى مرحى جيبوا الطرحة لبيروت" (بيروت يا بيروت). هي مدينة الفنانين والممثلين والملحنين التي لا تموت أبدًا. هكذا وصفها قعبور في أغنية "مش رح قول يا ضيعانك" التي كانت بمثابة تحية إلى الفنانين الذين جلبوا أحلامهم إلى بيروت وساهموا في رفع مجد المدينة الثقافي. كانت هذه الأغنية بمثابة رد على قصيدة الشاعر عمر الزعني "يا ضيعانك يا بيروت" التي نظمها في فترة الانتداب الفرنسي للبنان. رافضًا بذلك قعبور النظرة المتشائمة تجاه بيروت.

مارسيل خليفة

ارتبطت بيروت بدرس التاريخ في أغنية مارسيل خليفة "توت عبيروت". في أغنية "يا بيروت"، اعتبرها على أنها فتاة ذو شعر أسود. بحضورها تملي عليه الدنيا. وبغيابها يسيطر الضجر. كيف له ألا يحبها وهي بحسب تعبيره "قلعة إن وقعت... ترجع توقف مرفوعة وكتافها الزينة". هو الذي راح في أغنياته يمنحها توصيفات لم يصفها أحدهم بها من قبل سواء من خلال أغنية "بيروت نجمتنا وخيمتنا" أم "بيروت تفاحة والقلب لا يضحك".

أيام العز

لم تغب "أيام العز" في بيروت عن الأغنيات. لترامواي بيروت أغنية قدمها ابراهيم مرعشلي. يستذكر فيها كاتبها "عمر الزعني" الترامواي ذو القلب الكبير، حامل هموم الناس دون تفرقة بين غني وفقير. هو"مجمع القلوب" و"موحد البيوت". بدوره خالد الهبر يستذكر بيروت الستينيات من خلال أغنية "إيام الستين".

خالد الهبر

كان للحرب الذي عاشتها بيروت انعكاسًا في الأغنيات التي تناولتها. إذ إن الدمار الذي لحق بها أفرغها من أبنائها في حرب منتصف السبعينيات. ويصف خالد الهبر هذا الواقع في أغنية "بيروت بكرا". ويقول "متل الصوت اللي طالع لوحده بهالصدى، وقفت بيروت تنادي... ما في حدا".

بيروت المتألمة

الألم لم يفارق بيروت لا في الواقع ولا في الأغنيات. بعد جريمة الرابع من آب، عاد الحزن ليخيم على الأغنيات التي تناولتها. فنانسي عجرم خاطبت عشاق بيروت القدامى  بكلمات الشاعر نزار قباني من خلال أغنية "إلى بيروت الأنثى". هذا ودحرجت بيروت الحجر وقامت لجمع شمل أولادها في أغنية بيروت لنجوى كرم. وفي أغنية "صلوا لبيروت" لجوزيف عطية، إصرار على البقاء في بيروت مهما قست ريح العدوانية تجاهها. أما أغنية "آخ يا بيروت" لسعد رمضان فتؤكد على أن بيروت هي الروح التي لا تموت. والأمر نفسه ينطبق على أغنية هشام الحاج "بيروت ما بتموت". ويدعوها معين شريف إلى أن تقوم وتتألق في أغنية "قومي تزيني". في أغنية ناصيف زيتون، بيروت هي الأم التي لا تضعف. في أوقات الشدة تأتي بالأمل والموت عند حدودها يموت. هي المدينة الجبروت.

لم يغن لبيروت إلا من عشقوها وأحبوها من صميم قلبهم. لا تستطيع فهم العلاقة التي تربطك بها. تحاول فهمها ولكنك لا تنجح. ما سرها؟ يبقى السؤال. في رحم مدينة تجتمع المآسي والأفراح. دمعة في المقلتين تواجهها ابتسامة على الشفتين. ما بيد بيروت حيلة لتزيل الحزن من عيني محبيها. سئمت من الألم الذي لم ينفك عن ملاحقتها. تبحث عن الفرح. أمام واقعها الحالي، كانت لتقول لأبنائها "لا تستسلموا، أعيدوني كما كنت..."

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم