الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

نحو دولة مدنية

المصدر: النهار
Bookmark
 نحو دولة مدنية
نحو دولة مدنية
A+ A-
محمد خواجة حلّت الذكرى المئوية لولادة الكيان، واللبنانيون يئنون تحت وطأة أثقال أزمات استعصائية، زلزلت مناحي حياتهم الخاصة والعامة. مئويةٌ حفلت مطوياتها العقدية بالتوترات والاضطرابات والاحترابات الأهلية، وإن تخللتها هدنٌ من حين لآخر. ولم يكن ينقصهم سوى تفشي جائحة كورونا، والانفجار المدمر الذي ترنحت جراء عصفه بيروت وضواحيها، متسبّباً بخسائر فادحة، وضعت لبنان كياناً ودولة ومجتمعاً على قارعة استجداء النجدات والمساعدات، وشرّعت أبوابه المخلّعة أصلاً، لشتى التدخلات الأجنبية، وإن غُلّفت بعناوين إنسانية. قضى انفجار الرابع من آب على آخر حيويات النظام الطائفي، الحاكم لحياتنا منذ ما قبل عهد المتصرفية،  إذ تكشّف عشية ذاك اليوم الرهيب، قاع جبل جليد الفساد والتسيّب والفشل؛ فشعر اللبنانيون أنهم متروكون لقدرهم. وبين خبايا ذاك النظام ، تفشت ظواهر الفساد والرشى والمحاصّة ونهب المال العام ومدخرات اللبنانيين الذين لامس أغلبهم الأعم خط البطالة والفقر والعوز. ولم يعد ينشد شبابهم سوى الفراق والهجرة سبيلاً للنجاة. كما أسهم النظام الطائفي في تعطيل المؤسسات ومذهبتها، وإضعاف سلطة القانون، والعجز عن محاسبة المرتكبين والفاسدين. وحال طوال مئة عام، دون استيلاد هوية وطنية، بديلة عن الهويات الفرعية للمكونات الطائفية والمذهبية المعقودة الولاء للخارج. مكونات حكمت علاقاتها البينية معادلة زهو الغلبة وغبنها، فمن استشعر منها يوماً بوهم القوة، سعى لصرفها في تحسين الشروط وهكذا دواليك. ما وضع البلاد في حال اهتزاز دائم. تلك المثالب والممارسات الشائنة، فضلاً عن نقاط الضعف البنيوية، كانت ولا تزال تتسبب عند كل منعطف أو استحقاق أكان إقليمياً أم محلياً، بأزمة كيانية تتهدّد لبنان في أساس وجوده.  إن وظيفة النظم السياسية عادةً، تسيير شؤون مجتمعاتها، وضمان الآمان والاستقرار فيها، واجتراح الحلول لتجاوز ما يعترض مساراتها من مطبات وعقبات. ولذا، اتسمت طبيعتها بالمرونة والدينامية والقابلية المستدامة للتطوير والتحديث. هذه السمات لا تنطبق قطعاً، على نظامنا الطائفي الولاّد بطبيعته للأزمات والمعطّل للحياة العامة، بحيث لم يعد اللبنانيون قادرين على تخطي خلافاتهم تجاه أي مسألة، بدءاً من تشكيل حكومة وليس انتهاءً بمأموري أحراج. ورغم موته السريري، وجد من ينافح عنه...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم