ما بعد الخداع الاستراتيجي...

الدكتورة جوسلين البستاني        ثمة في الطبيعة نوعان مختلفان من الحيوانات، آكلات اللّحُوم وآكلات الأعشاب. يُقال إن آكِلَات اللُّحُوم تُجيد كيفية التنكّر لإقناع الحيوانات العاشبة بأنها هي ايضًا من آكلات الأعشاب، وبالتالي لا تُشكّل خطراً عليها. ان تخدع خصمك بشأن نيّاتك واهدافك، هذا هو باختصار تفسير الخداع الاستراتيجي الذي يدخل في صلب التضليل أحد اهمّ ركائز الحرب النفسيّة. لماذا الحرب النفسيّة؟ لأنها تضمّ التكتيكات التي تهدف إلى ضرب معنويات الخصم وإرادته للمواجهة بطُرق غير ملحوظة وصولاً الى رضوخه لواقع لا يستطيع تغييره، او هكذا يجعلونه يعتقد. اضافة الى خداع الخصم وترهيبه، تسعى الحرب النفسية إلى ابقائه في حالة تأهّب دائمة كي يؤدّي ذلك الى إرهاقه واستنفاد عزمه على التصدّي. لهذا يُشكّل الخداع الاستراتيجي الى جانب التضليل والحرب النفسية ثلُاثيّة اُخرى اعتمدها قادة "حزب الله" في زمن السلم بهدف تحقيق مكاسب سياسية من دون اللجوء الى القوّة العسكرية، تماماً كما يحصل حالياً في مُقاربتهم لقضيّة ترشيح سليمان فرنجيّة الى رئاسة الجمهوريّة ومُحاولة فرضه على الفريق المُعارض له. بالنسبة الى طريقة عمل الخداع الاستراتيجي، من المتوافق عليه انه يُطبّق بالتوازي مع التضليل disinformation القائم على المعلومات المُحرّفة (وليس المعلومات الخاطئة misinformation) التي يتمّ تسريبها عن عمد إلى نظام التواصل الخاص بالخصم مع توقّع قبولها كمعلومات صادرة عن مصادر موثوق بها. غالباً ما تُؤثّرهذه المعلومات على عملية صنع القرار أو على الرأي العام، لأنها لا...