الخميس - 16 أيار 2024

إعلان

فلسطين علمانية للعرب واليهود أو يقيم "الله" من حجارتها أولاداً لإبراهيم!

المصدر: "النهار"
Bookmark
رجل يحمل العلم الفلسطينيّ وسط الركام (تعبيرية - أ ف ب).
رجل يحمل العلم الفلسطينيّ وسط الركام (تعبيرية - أ ف ب).
A+ A-
رؤوف قبيسيفي أربعينات القرن الماضي وضع الكاتب اللبناني الراحل عمر فاخوري كتابه الشائق، "أراء غربية في مسائل شرقية". أذكر هذا الكتاب الآن وأذكّر به، شهادة حول ما يحدث اليوم في قطاع غزة، تتصل بالنظرة التي يبديها المسؤولون الإسرائيليون والغربيون إلى "حماس"، والتي هي أقرب إلى أن تكون رأياً غربياً في مسألة هي شرقية وفي غاية التعقيد. هذا ما يستخلصه أي مراقب مدقّق، حين يقرأ ما يُكتب ويسمع ما يُذاع. يقول الإسرائيليون إنهم سيخرجون "حماس" من غزة، كأن "حماس" في نظرهم كرة قدم، أو شجرة يسهل عليهم قطعها ورميها في النار. يجهلون أو يتجاهلون حقيقة مرّة، فحواها أن من المستحيل القضاء على "حماس"، حتى وإن أعدوا لها أكبر قوة على وجه الأرض. وهم إن أدركوا هذه الحقيقة المُرّة، فلن يعلنوها للملأ على أي حال، مخافة أن يظهروا بمظهر من ينجز انتصارات آنية، لكنه يعرف أنه أضعف من أن يحقق الأهداف البعيدة! قد تتمكن إسرائيل من شلّ حركة "حماس"، وإخراجها من غزة، والاجهاز عليها كتنظيم، لكنها لن تقوى عليها كعقيدة دينية متأصلة، ومتجذرة في فلسطين، وفي كل مكان من "أرض الرسل والأنبياء". لهذا السبب، وربما لهذا السبب وحده، سيبقى الصراع الديني في هذا الجزء من العالم مشتعلاً، وستظهر قوى فلسطينية وعربية جديدة، تستلهم المخّيل الديني، وتجّسد ما تمثله "حماس" اليوم، ولو تحت عناوين مختلفة و"أجندات" مختلفة. تعلمنا دروس التاريخ دوماً أخذ العبر، ومن لا يتعظ بحوادث التاريخ كما يقول جورج سَنتيانا، محكوم عليه بتكرارها. في زمن ليس ببعيد، غزا الأميركيون أفغانستان وقتلوا أسامة بن لادن، فما الذي تغير؟ كثيرون ظنوا يومها أن مهمة القضاء على الإرهاب انتهت، أو أوشكت على الانتهاء، فإذا أيمن الظواهري، رفيق بن لادن، وصاحب كتاب "فرسان تحت راية النبي" يظهر على المسرح، وإذا أبو بكر البغدادي يجيء من بعده، ويعلن نفسه خليفة على "المسلمين". اغتال الأميركيون البغدادي، وبقوا في أفغانستان سنوات، إلى أن جاء يوم رحلوا وهم يجرّون أذيال الخيبة، وعادت "القاعدة" إلى قواعدها سالمة في ذلك البلد، كان شيئا لم يكن، وتحت حكم "طالبان"! ساذج هو الحاكم الأرعن في إسرائيل، حين يعتقد أن القضاء على "حماس" سينهي القضية الفلسطينية، وينهي ما تمثله "حماس" في وجدان الفلسطينيين والعرب. كل طفل يقتل في غزة اليوم، سيولد من رحم دمه أطفال كثر، يبثون دما جديداً في الذاكرة التي أوجدتها النكبة قبل 75 عاما، ويسيرون على دروب جُلجلة جديدة، ليعود صراع "الآلهة" في "أرض الرسل والأنبياء"، يجدد نفسه بنفسه، ويستدعي ذات الأسئلة: إلى متى ستبقى الحال على هذا المنوال؟ متى سيفهم قادة إسرائيل، ومن يؤيدهم في الشرق والغرب، أن حروبهم مع العرب لا فائدة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم