السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

بين ضاحية المحرومين وايقونة المظلومين

المصدر: النهار
Bookmark
الضاحية وطرابلس
الضاحية وطرابلس
A+ A-
 طلال خواجة  تربطني علاقة صداقة وقرابة مع عائلة طرابلسية. ابنتهم متزوجة من شاب من الضاحية الجنوبية من آل سليم.وكانت الصبية التي تعمل في بيروت مع الامم المتحدة قد تعرفت على الشاب وتقدم للزواج منها منذ اكثر من سنتين. واذا كان من الطبيعي ان يسأل الأهل عن واقع الشاب الاجتماعي حفاظا على مصلحة ابنتهم كما يرونها عادة، الا ان هذه المرة كثرت الاسئلة وتمددت، ذلك ان المسافة بين الضاحية الجنوبية والحاضرة الشمالية كبرت وكأننا اصبحنا امام عاصمتين لبلدين مختلفين. قد يتفاجأ المرء بحجم الزيجات المختلطة مذهبيا وحتى طائفيا في طرابلس، سواء الزيجات من داخل المدينة ام من خارجها.وهي زيجات لا تقتصر فقط على مرحلة النهوض المدني والديمقراطي والاجتماعي في الستينيات والسبعينيات والتي اخترقت النسيج الطلابي، خصوصا في الجامعة اللبنانية التي تقاطر اليها الشباب والصبايا من كل المحافظات، بل تمتد الى عمق النسيج الطرابلسي بكافة فئاته وطبقاته، وبعض هذه الزيجات ادخلت الى المدينة عددا لا بأس به من السيدات الاوروبيات، مضيفة فسحة ولو صغيرة الى التنوع الطرابلسي الضارب في جذور المدينة المتوسطية العريقة. والمفاجأة ربما تعود بالنظر للصور النمطية التي دأبت بعض الفئات والمنصات الإعلامية على إعطائها للفيحاء، علما ان نزار قباني اطلق عليها لقب قارورة الطيب. والفيحاء دفعت في تاريخها المديد أثمانا مضاعفة منذ ارهاصات لبنان الكبير، مرورا بالاستقلال ولاحقا بالنكبة ومن ثم بالحروب العبثية بنكهاتها اللبنانية والفلسطينية والسورية، بما فيها مرحلة التوحيد الاسلامي الظلامية المدعومة ايرانيا والاطباق السوري الحاقد على طرابلس، وصولا لسيطرة حزب الله على البلد وانعكاساته على المدينة، التي شكلت الخزان الرئيسي لثورة الأرز ضمن شعار لبنان اولا، دون ان تتنازل عن انتمائها العروبي الذي شكل حبل صرتها الرئيسية بعد تفكك الامبراطورية العثمانية.  وطرابلس لعبت في عهد الخلافة العثمانية دورا رئيسيا سياسيا واقتصاديا وثقافيا قبل ان يتصاعد دور بيروت مع التغييرات الجيوسياسية الهائلة منذ القرن التاسع عشر. ومع ان طرابلس خسرت جزءا مهما من تنوعها على مر الأزمات والأحداث، الا انها بقيت تحتفظ بنسبة من الجاذبية، خصوصا لكثير من الاداريين الملحقين الذين فضلوا "التوطن" في المدينة الجميلة والتي نادرا ما تستعمل كلمة غريب، فاتحة ذراعيها لكل محب...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم