الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

آلية تشكيل الحكومة في الدستور والملابسات

المصدر: النهار
Bookmark
دوريات للجيش في بيروت.
دوريات للجيش في بيروت.
A+ A-
 د. خالد قباني  بعيداً عن السجالات السياسية التي تتناول تشكيل الحكومة، وانطلاقاً من أحكام الدستور ونصوصه الواضحة والصريحة، ليس إلاّ، وتاسيساً على المبادئ التي ترعى النظام البرلماني وقواعده، والقائمة على الفصل بين السلطات وتعاونها وتوازنها، كما جاء النص عليه في مقدمة الدستور، نرى أن تشكيل الحكومة في لبنان يمر بأربعة مراحل تتكامل وتترابط بين بعضها البعض وتسير متسقة في سياق واحد، لا أنقطاع فيها ولا يمكن تجزئتها، تلعب كل سلطة من السلطات الدستورية خلالها، دورها الكامل، وفقاً لأحكام الدستور، وتطبيقاً لمبادئ النظام البرلماني، في مناخ من التعاون والاحترام المتبادل، وبهدف تحقيق الخير العام، والالتزام المطلق بالمصلحة العامة، تبدأ أولاً بالاستشارات النيابية الملزمة، وتنتهي بثقة مجلس النواب.  - المرحلة الاولى: الاستشارات النيابية الملزمة:نصت المادة 53 من الدستور ( البند 2) على أن يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلّف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استناداً الى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسمياً على نتائجها. وفي هذه المرحلة تنتهي مهمة النواب بإبداء آرائهم وخياراتهم، وتسمية رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلّف، التزاماً بإرادة الأكثرية من أعضاء مجلس النواب، لكي تبدأ المرحلة الثانية بقيام رئيس الحكومة المكلّف بتشكيل الحكومة. - المرحلة الثانية: وضع مشروع تشكيل الحكومة:نصت المادة 64 من الدستور ( البند 2) على أن رئيس مجلس الوزراء (رئيس الحكومة المكلّف) يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقّع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها.   في هذه المرحلة يبدأ دور رئيس الحكومة المكلّف، فيتواصل مع الكتل النيابية المختلفة ويتداول معها في شأن تشكيل الحكومة، ويطلع على آرائها ويستمع الى مطالبها، ويعمل على التوفيق بين مطالب الكتل المختلفة، وعلى تذليل الصعوبات، ويأخذ بعين الاعتبار هذه المطالب دون أن يكون مقيداً بتفاصيلها نظراً لتعارضها وتضاربها، كما هو الحال اليوم، والا لما امكنه تشكيل الحكومة، لا سيما أن الدستور قد أناط به وبرئيس الجمهورية أمر تشكيل الحكومة. ويبقى الرئيس المكلّف على تواصل مع رئيس الجمهورية، فيطلعه على الأجواء التي تسود الاستشارات، وعلى مطالب الكتل النيابية، والصعوبات التي يواجهها، ويتداول معه في أمر تذليل هذه الصعوبات، لأن رئيس الجمهورية يلعب دور الداعم والمؤازر والمسهل لعمل رئيس الحكومة المكلّف، ولأن تشكيل الحكومة يتم في نهاية الأمر، بالتوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. وعندما ينتهي رئيس الحكومة المكلّف من استشاراته النيابية، يخلو الى نفسه، ويضع، باعتباره رئيساً للحكومة ومسؤولاً عن أعمالها أمام مجلس النواب، تصوراً لتشكيل الحكومة، بما يؤمن الخروج بحكومة منسجمة ومتضامنة وذات فعالية وقادرة على أن تنال ثقة مجلس النواب، ويقترح على رئيس الجمهورية التشكيلة التي انتهى اليها، لكي يصدر رئيس الجمهورية، بالاتفاق معه مرسوم تشكيلها.  هذا الدور الأساسي الذي يضطلع به رئيس الحكومة، يستمده من النصوص والمبادئ الدستورية التالية:- الثقة التي منحته إياها الأكثرية النيابية بناءً على الاستشارات الملزمة التي أجراها رئيس الجمهورية ( م 53 من الدستور) - مسؤولية الحكومة أمام مجلس النواب، لأن مبادئ النظام البرلماني التي يقوم عليها النظام السياسي في لبنان تفرض لقيام الحكومة وبقائها، حيازة ثقة مجلس النواب واستمرار هذه الثقة ( المادة 64 والمادة 66 من الدستور). ولا بد من الإشارة هنا، الى أن رئيس الحكومة المكلّف، وان كان يأخذ بعين الاعتبار حصيلة الاستشارات التي يجريها مع الكتل النيابية، المؤيدة والمعارضة، بما يضمن تشكيل حكومة تحظى بثقة البرلمان، ولا سيما الأكثرية فيه، باعتباره الزعيم المفترض للأكثرية النيابية، إلا أن ذلك لا يعني بالمقابل أن رئيس الحكومة يصبح ملزماً ومقيداً بطلبات هذه الكتل، لأن دوره كمسؤول عن سياسة الحكومة أمام البرلمان، أن يوازن بين المطالب المختلفة، وأن يوفّق في ما بينها، وأن يؤمّن الانسجام والتضامن الوزاري الذي من شأنه أن يشكل الأرضية الصالحة لنجاح الحكومة في مهمتها، وإلا لن يستطيع تشكيلها، ولا سيما وأن الدستور قد أناط برئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أمر تشكيل الحكومة ولم يلزمهما بقيود وشروط معينة، وترك حرية واسعة لمجلس النواب بأن يمنحها ثقته أو يمنعها عنها، وهذا ما يأتلف ويتوافق مع طبيعة ومبادئ النظام البرلماني القائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتعاونها وتوازنها.  الا أن هذه المرحلة من تشكيل الحكومة تطرح مسألة هامة على البحث، وهي المهلة المعطاة للرئيس المكلف لتشكيل الحكومة فنسأل: أولاً هل من مهلة لرئيس الحكومة المكلّف لتشكيل الحكومة؟ وثانياً ما مقدار هذه المهلة، وثالثاً ما هي النتائج التي تترتب على انتهائها أو تجاوزها دون التوصل الى تشكيل الحكومة؟   ما من خلاف على أن الدستور لم يحدد مهلة لرئيس الحكومة المكلّف لتشكيل الحكومة، وهذا شأن معظم الدساتير في العالم. وهذا يعني بنظرنا:1. في الاصل لا يوجد مهلة لتشكيل الحكومة، ولم يحدد الدستور مهلة، لأن المبدأ الذي يحكم تشكيل الحكومات، وكذلك انتخاب رئيس...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم