الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

مهيار الديلمي: شاعر مظلوم لم يسطع اسمه

المصدر: "النهار"
ديوان مهيار الديلمي.
ديوان مهيار الديلمي.
A+ A-

محمّد موسى صالح- الكويت

شعراء عديدون وضعهم التاريخ في الهامش، فلم يطّلع الأدباء على دواوينهم، ولا القرّاء على جميل قصائدهم،  ومن أولئك مهيار الديلمي.

 هو من شعراء القرن الرابع، وقد ذكره ابن بسّام في كتابه "الذخيرة"، مبالغاً في الثناء عليه. كما ذكره محمد مهدي الجواهري في كتابه "ذكرياتي"، وصنّفه والشاعر الأرجاني من الشعراء المظلومين.

 وظنّي أن معنى المظلومية الّتي أشير له الجواهري، هو أنّ مهيار كان جديراً بأن يكون ضمن الصفوف المتقدّمة للشعراء،  وأُجزم أنّ السّبب لا يتعلّق بجودة انتاجه الفكري من الشعر، بل لأسباب تتعلّق بعدم كونه شاعراً للبلاط، وقلّة تردّده إلى أبواب الملوك والأمراء، حيث السّبيل المعتاد  للصيت الذائع  والانتشار السريع والشهرة المطبقة للآفاق. وكان مهيار قد أشار بنفسه لهذا الأمر في إحدى قصائده:

 فما تراني أبواب الملوك مع الزحام

فيها على الأموال والرُّتبِ

 قناعةٌ رَغِبت بي عن زيارة

مسدولِ الستورِ وعن تأميلِ محتجِبِ

 فلهذا الشاعر أنفهٌ وكبرياء يمنعانه عن سؤال الناس، ولا يلجأ إلى المتاجرة بقصائده في مدح الحكّام مقابل المال والجاه كما كان يفعل معظمهم ورائدهم في ذلك المتنبي.

 وأشار مهيار إلى فلسفته هذه في واحدة من قصائده:

 أظمىَ وريِّ في السؤال فلا يفي

حرُّ المذلّةِ لي ببرد الماءِ

 الشامة البيضاءُ تنعَت نفسها

بوضوحها في الجلدة السوداء

 ومن جميل قوله في حوار له مع "ميّ"، وأغلب الظن أنها من عرائس الشعر كما يفعل معظم الشعراء:

 وما حبُّ  ميّ غيرَ بردٍ طويتهُ

على الكُرهِ طيَّ الرثِّ وهو قشيبُ

 رأت شعرات غيّرَ البينُ لونها

فأمسّت بما تُطريه أمسِ تَعيبُ!

 أساءكِ أن قالوا: أخٌ لكِ شائبٌ؟

فأسوأُ منه أن يقالَ: خَضيبُ

 ما كان وجهٌ يوقَدُ الهمُّ تحته

لتُنكرّ فيه شَيبَةٌ وشحوبُ

 ولمهيار أبيات عديدة جديرة بأن تتخذ شكل الأمثال، كما حال شعراء آخرين خلًدتهم لدى العرب مجموعة أبيات.

ومن ذلك قول مهيار: 

 من لم تغيّره الليالي بعدِه

طِوالَ سنيها غَيّرتهُ خطوبها

 إذا سُلّ سيفُ الدهر والمرءُ حاسرٌ

فأهون ما يلقى الرؤوس مَشيبُها 

 مهيار شاعر ذو أصلٍ فارسي، وأراه جديراً بالشهرة أكثر من عمر الخيام و رباعياته التي تُرجمت لمعظم اللغات وطبعت بنسخ فاخرة. وفي هذا السياق، كنت كتبت مقالا في "النهار" حول رأيي في قصة أسباب شهرة عمر الخيام .

 ويذكر أن دار الكتب المصرية أصدرت الطبعة الأولى من ديوان مهيار عام 1925 ضمن 4 أجزاء، وأشارت دار الكتب في الصفحة الخاصة بترجمة الشاعر والتعريف به إلى أن الشاعر حافظ إبراهيم قد شارك في تدقيق بعض قصائد الديوان .

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم