الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

كانّ ٧٤ - شون بن ينبش في حطام الحلم الأميركي

المصدر: "النهار"
هوفيك حبشيان
شون بن خلف الكاميرا وقبالتها.
شون بن خلف الكاميرا وقبالتها.
A+ A-
يعود الأميركي شون بن إلى مهرجان كانّ السينمائي (٦-١٧ الجاري)، بـ"يوم العلَم"، ميلودراما عائلية حصدت آراء متفاوتة، وذلك بعد خمسسنوات على الانتكاسة الكبيرة التي تعرّض لها فيلمه السيئ الذكر "الوجه الأخير". الفيلم عُرض في المسابقة، وهو السادس للممثّل الذيتحوّل إلى الاخراج بعد عشر سنين على بداياته قبالة الكاميرا. سيرته كممثّل طويلة تحتوي على نحو من خمسين فيلماً لكبار المخرجين، نالخلالها جائزتي "أوسكار". أما تاريخه كمخرج فقد لا يعرفه الجمهور العريض جيداً. لكن بعض السينيفيليين عشقوا "التعهد" (٢٠٠١) معجاك نيكلسون - أفلمة لإحدى روايات السويسري فريدريك دورنمات، وأيضاً "في البريّة" (٢٠٠٧) عن جون كروكر.
 
منذ هذين العملين، لم يستطع بن ان يقدّم شيئاً بهذا الرقي. "الوجه الأخير"، كما ذكرتُ آنفاً، جعله "يهرب" من كانّ تحت رصاص النقّادالذين لا يرحمون في هذا المهرجان. لكن الفنّان الملتزم سياسياً لم يستسلم، بل عاد إلى موقع الجريمة - اذا صحّ التعبير. وهذا يتطلب بعضالشجاعة، إن لم يكن الكثير منها. 
"يوم العلَم" يشكّل نهوضاً لشون بن. إن لم يكن نهوضاً كاملاً، فعلى الأقل ليس سقوطاً. انه اقتباس لمذكّرات الصحافية الأميركية جنيفر فوغلالتي نُشرت في العام ٢٠٠٤، وهي عن علاقتها المضطربة بوالدها، رجل عاش حالماً واضحى محتالاً صغيراً. هذا الرجل هو جون فوغل، عُرفبالسرقة وتزوير العملات بالاضافة إلى كونه كاذبًا باتولوجيًّا.
 
ديلان بن في "يوم العَلَم"
 
 
جون فوغل هذا، قرر ان يلعب دوره شون بن بنفسه، في أول مشاركة له في عمل من اخراجه، في حين أسند دور الابنة إلى ابنته في الحياة،ديلان بن، التي أبدعت في التشخيص بشكل استثنائي، ما يضعها في موقع متقدّم بين المرشحات الاخريات لنيل جائزة التمثيل.
 
الأب هذا، هو إنسان يطفح بالأحلام الكبيرة، لكنه لا يقوى على تحقيق أي من هذه الأحلام والطموحات الفضفاضة، لا له ولا لعائلته التيتفككت نتيجة خياراته في الحياة. أنانية جون ودجله لا يمنعانه من ان يكون محباً في بعض الأحيان. حد انه يصعب على المُشاهد ان يحسمموقفه حياله. سيظل ملتبساً. جملة تساؤلات في خصوص الرجل، ستبقى مفتوحة على كل الاحتمالات. ما هو أكيد في شأنه، انه ليس الرجلالذي يليق به تأسيس عائلة وتربية أطفال. في أي حال، هذا ما تؤكده أفعاله، وفي مقدّمها مغادرته المنزل العائلي ما ان تتراكم عليه الديون. سيترك ولديه جنيفر ونيك إلى قدرهما. فضلاً عن الأب، ثمّة مشكلة اخرى عند الولدين المتروكين: الأم السكيرة التي لا تعيرهما اي اهتمام،وهما في أمّس الحاجة إلى الدفء.
 
تترجّح الحكاية بين بداية التسعينات والسبعينات. ذهاباً واياباً بين زمنين، زمن طفولة جنيفر وزمن صباها. بتعليقها الصوتي، يتبنى الفيلموجهة نظرها، ونتابع تفاصيل عيشها التي لا يمكن ان تثير فينا الا التعاطف. ننتقل معها عبر مراحل حياتها المختلفة، المشترك بينها هو هذاالأب الذي يصعب بناء أي علاقة طبيعية واياه.
 
اسلوب شون بن في التصوير والمونتاج والتقطيع لا بد ان يعيد إلى البال سينما ترنس ماليك الذي يجب الا ننسى انه لعب بن تحت ادارته في"الخط الأحمر الرفيع" و"شجرة الحياة"، وعلى الأغلب ترك فيه تأثيراً لا يمكن ان يموت بسهولة. بالتأكيد، شتّان بين شون بن وترنس ماليك. 
 
نقطة القوة في الفيلم هي في تلك العلاقة الغريبة والكيمياء الاستثنائية بين الأب والابنة، لعلها السبب المباشر في اعجابنا إلى حد ما بالفيلم،مع ادراكنا انه ليس أفضل فيلم في المسابقة، وليس حتى من ضمن قائمتنا لأفلامنا الخمسة المفضّلة. حتى عندما يكون فاشلاً، يبقى شونبن صادقاً في ما يقدّمه. هذا الرجل لا يكاد يخوض أي مغامرة سينمائية الا عن اقتناع تام بها. يعرف بن كيف يصوّر أميركا بشغف كبير. مايُريه عن أميركا يختلف جذرياً عن أميركا الهوليوودية. هنا أناس لا تبعث حياتهم التي يعيشونها على الحلم. أميركاه هي أميركا الأفلامالشحيحة الموازنة، حيث ناس يبحثون عن ذواتهم بين حطام الحلم الأميركي و... لا يجدونها.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم