السبت - 27 تموز 2024
close menu

إعلان

مسرح "آبا" في الانتظار... لنتشارك الدندنة الأولى

المصدر: "النهار"
أعضاء فرقة آبا في الستينات
أعضاء فرقة آبا في الستينات
A+ A-
رولا عبد الله
 
احتفلت فرقة الروك السويدية "آبا" ( ABBA) بمرور خمسين عاماً على فوزها بمسابقة الأغنية الأوروبية "يوروفيجين". يوبيل ذهبيّ استحقّ التكريم من ملك السويد كارل السادس عشر غوستاف الذي قلّد أعضاء الفرقة الأربعة أغنيثا فلتسكوغ، وبيورن أولفيوس، وبني أندرسون، وآني فريدا لينغستاد وسام فاسا الأرفع في القصر الملكي في العاصمة ستوكهولم. وبحصول الفرقة على الوسام الذي علّق لخمسة عقود، بات نجومها الأربعة مدرجين ضمن "قادة من الدرجة الأولى" للجهود المتميّزة في الحياة الموسيقية في البلاد، ولاسيما موسيقى الروك.

وعلى الرغم من جذبها مئات الملايين من المتابعين حول العالم، منذ الفوز المفاجئ بأغنية "واترلو" عام 1974، أي بعد عامين من تاريخ تأسيس الفرقة، فإنّ مسيرة الفرقة لم تكن معبّدة بالورود، إذ شهدت على خيبات وانتكاسات وتأرجح بين النجاحات العالمية والخمول إلى حدود انفضاض الشراكة بين الأربعة عام 1982. فما حكاية هذه الفرقة التي تشغل أحلام الأجيال الطالعة كما الحال في الستينيات أيام كانت "معبودة الجماهير"؟
 
ليست كل أغنيات الروك تأخذ إلى الهز والشقلبة. الفرقة السويدية آبا (ABBA) نموذجاً. صحيح أنها مدرجة ضمن ذلك النوع من الموسيقى. روك. ديسكو. لكنّها بذلك الإنسجام الحالم بين "الكوبل" العاشق، الزوجين لاحقاً، المغنّية أغنيثا فلتسكوغ والمؤلف الموسيقي بيورن أولفيوس، والمغنية آني فريدا لينغستاد والمؤلف الموسيقي بني أندرسون، تأخذ إلى النجوم في حلم رومانسي من أيّام الستينيات لفتاة بضفيرتين شقراوين وعينين زرقاوين واقفة على ضفّة النهر بانتظار أن يأتي حبيبها الذي لا تعرفه بعد، يحضر من دون حصان ليشاركها الرقصة الأولى، ومعه تغدو "ملكة الرقص"(عنوان أغنية للفرقة).
 
 
ترقص وترقص وفي داخلها ذلك الإحساس المتداخل بين الحزن والسعادة. إحساس يأخذها إلى التحرر من انفعالات الجسد، لنقل إلى دنيا "الروك"، حيث مسرح "آبا" في الانتظار. المسرح الذي يأخذ الأجيال الهرمة إلى حنين الذكريات، وجيل اليوم إلى الاعتراف بأبدية موسيقى تبقى متجددة مهما أتى عليها الزمن.
 
 
  وصحيح أنّها موسيقى كلاسيكية، لكنها مرنة إلى حدود أن تدخل في تحدي "الهولوغرام"، ثمّ تجرؤ على رفض عرض فني بمليار دولار، لاحقاً تدخل في تحدي الزمن الرقمي لترتدي زي "أفاتار" وتقدم عرضاً رقمياً افتراضياً يظهر أعضاء الفرقة بصوتهم الحالي الذي فقد بعض بريقه لتجاوزهم السبعين، ومع ذلك تطل أشكالهم فتيّة أيّام كانوا "مغرومين".
"آبا". تخطر كثيراً في البال. ثمّ لا تلبث أن تحضر على الشاشة في تكريم "ملكي". نخمّن أنّ التقنيات الرقمية تقرأ أفكارنا. والحال ليس توارد خواطر، وإنما الحنين نفسه بين أجيال لا تصنّف "فيروز" على أنها "موّال قديم"، ولا "آبا" التي وضعت قبل سنوات خاتمة لمسيرتها الفنيّة وانفضاض الشراكة بين الأعضاء الذين سلكوا طريق الطلاق المهني والشخصي.
 
 

حصلت أغنثيا على الطلاق بعد الألبوم السادس عام 1979. وفي شباط من عام 1981، أعلن طلاق بني وفريدا قبيل إصدار الألبوم السادس، ليبقى كتاب الوداع على الموقع الرسمي للفرقة آخر تغريدة عام 2021، وجاء فيه: "نحن الفرقة الّتي تشكّلت عام 1972، نعلن أنه لم يعد لدينا المزيد من الموسيقى لتقديمها إلى الجمهور، لذلك قررنا الانفصال إلى الأبد"، وبذلك يكون ألبوم الفرقة "voyage" (رحلة بحرية) محطة الختام التي تحمل الرقم 9 بعد ألبومات " Ring Ring"، " Waterloo"، "ABBA"، "Arrival"، "The Album"، "Voulez-Vous"، "Super Trouper"، "The Visitors".

 

تباغتنا "آبا". كما صوت "فيروز". إنّه نوستالجيا الحنين، أو تلك الرغبة العارمة للدخول في حالتين متداخلتين مثل الأبيض والأسود، الفرح والحزن، الظل والضوء، فيروز و"آبا". فيروز الستينيات تغني: "أحترف الحزن والانتظار. أرتقب الآتي ولا يأتي. تبددت زنابق الوقت". و"آبا" في الحقبة نفسها تصدح بتقنية الصوت الثالث الذي يجمع بين صوتي فريدا وأغنيثا: "الأحزان في قلوبنا تأتي وتذهب. الجراح يمكن أن تندمل. سنرقص مرة أخرى ويزول الألم".
 
 
في الفيلم الإستعراضي "ماما ميا"(2008)، حضر الأعضاء الأربعة الذين باتوا طاعنين في السن. تبدّلت ملامحهم، لكن البريق في عيونهم يحكي ذلك الشوق إلى الأغنية التي تحمل العنوان نفسه، وقد خرجت إلى الأضواء في أيلول 1975 معلنة إدراج آلة الماريمبا في موسيقى الـ"آبا".
 
قبلها استخدم المؤلفان دمج صوتي المغنيتين في صوت ثالث بما يخدم اللحن والأغنية. كما استخدموا تقنية جدار الصوت التي تقوم على العزف على أربع قيثارات بدل القيثارتين المعتمدتين في موسيقى الروك، وكذلك طبلتين بدلاً من طبلة واحدة. وبالتوليفة المذكورة تلك، تألّقت الفرقة بالجاذبية الموسيقية، لتبيع نحو 370 مليون ألبوم خلال مسيرتها، ولتشجع الفرقة في التسعينيات بعد طول توقّف على إصدار ألبوم ذهبي يضم أجمل الأغنيات. وبالإعلان عن موعد الحفل الذي نظم بتقنية الهولوغرام، نفدت نحو 4 ملايين تذكرة ومن ثم نظمت حفلات قامت على تقنية المؤثرات الصوتية بإشراف الشركة نفسها التي أشرفت على سلسلة " Star Wars" التلفزيونية ليطل النجوم بهيئة "أفاتار"، أشباه النجوم الافتراضيين.
 
 
لكنّ طريق "آبا" لم تكن مزروعة بالورود. وعلى الرغم من أن السويد صدّرت موسيقى الروك إلى العالم، تعرضت الفرقة في بداياتها إلى حملة عنيفة عرضتها للبقاء في الظل على مدى سنوات، إلى أن حالفها الحظ بالفوز في مسابقة "يوروفيجين" عام 1974، أي بعد عام على إطلاق ألبومها الأول.
وكانت أصدرت أغنيات فردية قبل ذلك التاريخ. وفق خبير موسيقي، كانت الفرقة مثل "حب في السر"، يستمع إليها الجميع لكن لا أحد يجرؤ على الإشادة بموسيقاها لزوم عدم المنافسة.
وعلى الرغم من الطابع الملائكي الذي ميّز أعضاء الفرقة، فإنه خلف الوجه الطفولي الذي ظهر به كل من بيني وبيورن، كان هناك رجلا أعمال ينشدان تحصيل ما أمكن من الربح المالي، إنما ليس على حساب جودة الموسيقى.
 
وبجهود الفرقة التي أدرجت الحياة الخاصة في كلمات الأغنيات، من الحب إلى الاشتياق والزواج ومن ثم الدخول في مشاحنات وجلسات صلح وصولاً إلى الطلاق وانفراط العقد، صارت "آبا" الرفيق اليومي الذي دخل كل منزل من السويد إلى أوروبا وأميركا لتحتل ألبوماتها بعد مضي السنين المراكز الأولى ضمن قوائم الغناء.
 
وتصدرت أغاني الفرقة قوائم المبيعات في العديد من الدول الأوروبية وغير الأوروبية، كما أنها اختيرت معظمها في العديد من الأفلام كان أشهرها الفيلم الأسترالي "زواج ميوريل".
 

مضت عقود على أمجاد سطّرتها "آبا"، ليبقى الثابت أن الفرقة دشّنت المدماك الرئيسي في شريعة الموسيقى العالمية. وفي الآونة الأخيرة، الفرقة أكثر شعبية من أي وقت مضى.
"آبا". "فيروز". أي حنين مباغت هذا... يتجدد ولا يهرم.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم