الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

إعتراف لا إراديّ

المصدر: "النهار"
(تعبيريّة).
(تعبيريّة).
A+ A-
جو قارح
 

كان بوسعي أن أسأل الجميع عن اسمي،

أو أن أفتّش في بنطالي عن وصل سدّدته مسرعاً لأتأكّد.

في صغري،

أخبرتني معلّمتي أن اسمي بسيط،

كتابته سهلة وأحرفه قليلة،

لكنّها نسيت أن تذكّرني بصوته،

أشبه بانفجار طفيف يركل الهدوء عن الشّفاه،

ولا يزال يلاحقني ليلاً ويوقظني من سهوات نومي النّادرة.

كان بوسعي أن أكتبه على كفّي،

لن يمحى أبداً لأنني بالكاد أغسل يديّ،

أحبّ تلك الرّوائح المهاجرة العالقة عليها،

أو على علبة دخان فارغة أتركها عادةً معي ذكرى انتظار،

فبعد إشعال كل سجائرها دفعة واحدة،

كان عليّ تأملها وهي تنطفئ،

مثل اسمي تماماً،

بعض الكلمات تبقى مشتعلةً حتّى لو أمطرت فوقها،

أما جملي فينابيع جارية بلّلت ثيابي وأحلامي.

كان بوسعي أن أسمّي نفسي بنفسي،

فلا يناديني أحد،

أو تعرف اسمي متسوّلة من أحد أصدقائي،

قد أضيع ولا توجد لي هوية دقيقة،

صحيح أنّني سأحرم من غزل صباحيّ ناعم،

ومن تنهّدات ترسل موجات سفر من أذن لأخرى،

لكن ثمن النّسيان كبير.

معلّمتي،

ذاك الإسم البسيط أصبح معقّداً،

لم تعد أحرفه تنزل بسهولة على الورق والألسنة،

وذاكرتي تعيد الإنفجار نفسه كل لحظة،

معلّمتي أنا خائف،

وعدتني أنّ اسمي سهل فلماذا يناديني الجميع بماضيَ؟

لماذا ذاك اللّحن الطّفوليّ لا يشفع بي اليوم؟

معلّمتي،

أرجوك أعيديني للوقوف في الزّاوية،

فزوايا العالم كلّها لم يعد فيها مكان لي،

وأنا متعبٌ وأسمي يرفض النّزول عن ظهري،

فأرجوك لا تحرمني لذّة النّوم الهادئ واترك تعليم الكتابة للأيام.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم