الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

زيارة لمقبرة البحر في ميناء بيروت بعد 10 أشهر على التفجير

المصدر: النهار
عقل العويط
عقل العويط
Bookmark
لوحة لزينة عاصي.
لوحة لزينة عاصي.
A+ A-
 مرّت عشرة أشهر على تفجير ميناء بيروت في الساعة السادسة وسبع دقائق من مساء الرابع من آب 2020. كأنّ هذه الأشهر العشرة، هي عشرُ ليالٍ، وكأنّها فقط عشرةُ نهارات. فالمقبرة لا تزال هي المقبرة، وها هو البحر القتيل لا يزال هو البحر القتيل، حدَّ الإحساس بأنّ مصيرهما واحد، وبأنّهما مدموغان باسمٍ واحد. هل يحقّ لأحدٍ، أنْ يجزم قائلًا: سيظلّ مصيرهما موصومًا بالموت الذي لا قيامةَ منه، لاغيًا – تحت همجيّة المشهد الممزوج بدم اليأس القاتل - احتمال أنْ تتدارك المدينةُ ذاتَها، لتستعيد حياتها، وميناءها، وتستعيد البحر؟!  القناديل المضاءة في مقبرة البحر توحي أنّ ثمّة مَن يعيش هناك، وأنّه يستضيء بها في تنقّلاته الليليّة. لكنْ لا أحد في المكان البتّة، إلّا ما يتراءى للمرء أنّه ما يُقال عن عودة الأرواح على هيئة غيومٍ أو نسائم، لتفقّد بيوتها وأجسامها المندثرة. لا أسمع صوتًا في تلك الناحية، ولا حتى مواءً لهررةٍ جائعة، أو عواءً لكلابٍ لاهثة، في بحثها المضني عن جيفةٍ باقية. لا بدّ بين حين وآخر من أنْ تُسمَع تأوّهاتُ الموج، وخصوصًا إذا كان المدّ قويًّا لحظة ارتطامه بوجع السفن المحطّمة. لا مفرّ من ذلك الإحساس، علمًا أنّه تجريدٌ ذهنيٌّ ليس إلّا، ناجمٌ، ولا بدّ، عن رغبةٍ عارمةٍ قد تكون تجرف المرء لدى إستيلاء الوحشة عليه، فيروح يُسقِط على الطبيعة أحوالًا تُوحّدُهُ بها، على طريقة الأرواح المتوأمة والمرايا المتعاكسة. إنّها رومنطيقيّة آخر الأزمنة.***أعدتُ قبل أيّام قراءة "المقبرة البحريّة" لبول فاليري، لستُ أدري لماذا. أغلب الظنّ أنّي فعلتُ ذلك بحثًا عن مقارنةٍ مفترضة بين مقبرة البحر التي استُحدِثت بالعنف العاري هنا، في ميناء بيروت، وبين القصيدة تلك وذرائعها التي ألهمت الشاعر الفرنسيّ كتابة عمله الشعريّ العظيم. علمًا أنّه قد يكون من المفتعل أنْ يبحث المرء عن نقاطٍ مشتركة بين المقبرتين. فالذرائع والمسبّبات والوقائع والأمكنة والأزمنة مختلفة، وإنْ يكن الموت واحدًا. لكنْ، هل الموت هو واحد حقًّا؟ والقبر (المقبرة) هل هو واحدٌ حقًّا؟ "مقبرة" بول فاليري في مسقطه، مدينة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم