الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

تأملات في (ماضي) مستقبل المنطقة 4: الأساطير المؤسِّسة للاستخدام المسلّح للبنان

المصدر: "النهار"
جهاد الزين
جهاد الزين
Bookmark
من تشييع ضحايا اشتباكات الطيونة (أرشيفية، نبيل اسماعيل).
من تشييع ضحايا اشتباكات الطيونة (أرشيفية، نبيل اسماعيل).
A+ A-
يا دماً يتخثّر يجري صحارى كلامْيا دماً ينسج الفجيعةَ أو ينسج الظلامْإنْقرضْ إنْقرضْ سحرُ تاريخك انتهىواعْذري واغْفري يا قرونَ الغزالات يا أعينَ المَها( من مقدمة لتاريخ ملوك الطوائف)أدونيسكان لدى ياسر عرفات خلال إقامته في تونس بعد إرغام الاحتلال الإسرائيلي له على مغادرة بيروت مع الجزء الأكبر من قوات منظمة التحريرالفلسطينية، مكتب متابعة يومي من ضمن هيئة مستشاريه، أحد المستشارين الذين يتقنون اللغة العبرية. كانت مهمة هذا المستشارالاستماع إلى الإذاعات الإسرائيلية وقراءة ما يصل من الصحف الإسرائيلية صباح كل يوم وتزويد ياسر عرفات بتقرير عن الاتجاهات السياسية والعسكرية والاجتماعية في إسرائيل. كان هذا المستشار شخصا محببا وطريفا ولديه في محيط الزعيم الفلسطيني الراحل اصدقاء لاذعون وبودٍّ تجاه شخصه. كانت من جملة التعليقات التي يطلقونها على آرائه، وقد سمعت ذلك لاحقا من أحدهم في باريس، أن"فلان الفلاني يسمع الإذاعة الإسرائيلية ويتأثر بعدد الآراء المتناقضة والمشاحنات والمناقشات بين الإسرائيليين ثم يذهب إلى ياسر عرفات ليقول له صباح كل يوم أن الحرب الأهلية بين اليهود في إسرائيل ستبدأ غدا".علّمتنا التجارب أنه لاشيء يصنع الحس الساخر لدى الشعوب والنخب مثل الهزائم. كانت تلك فترة تستعيد فيها النخب الفلسطينية وبمرارةومن منافيها المتعددة الجديدة يومذاك وبينها باريس، تستعيد تجربتها في لبنان وتضخّها بكمية وافرة من النقد والتهكم. ولكن بقدر عال من التحسر والحب على زمن بيروت. كان المصريون قد سبقوا الفلسطينيين بخمسة عشر عاما عندما أطلقوا النكات الجارحة والظريفة والذكيةبعد حرب حزيران مثل محطة باص نقل الركاب التي سمّوها "محطة المطار السري" تهكّماً على الانكشاف التام للقواعد الجوية المصرية في عام 1967. في حين ستختفي هذه الظاهرة بعد حرب أكتوبر 1973 بسبب الإنجازات الكبرى التي عاد وحقّقها الجيش المصري لاسيماتحطيم خط بارليف الشهير على الضفة الشرقية من قنال السويس ولو لم تكتمل تلك الحرب بانتصار مصري حاسم بسبب المسارعة الأميركيةالضخمة إلى دعم الجيش الإسرائيلي.رؤية الديموقراطية الإسرائيلية على أنها حرب أهلية ونقطة ضعف "جوهرية"(!) في الكيان الإسرائيلي كانت من أخطاء جيل كامل في الصراع العربي الإسرائيلي وليس فقط خطيئة ذلك المستشار الظريف الذي أطلق ذات يوم مقولة "نتائج حرب لم تقع" على أزمة 1978 بين اسرائيل ومنظمة التحرير داخل لبنان والتي توغّل فيها الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان وعاد بعدها ليشدِّد قبضته على ما سيصبح الشريط الحدودي مضافاً إليه معظم منطقة جزين حتى عام 2000.منذ العام 1975 لا يحظى اللبنانيون بفرصة بل فرص إظهار قدراتهم المدنية ثقافةً وإعلاماً وسياسةً واقتصاداً وعلوماً وانتشاراً دياسبورياً في دعم قضية الشعب الفلسطيني، على الأقل بشكل كافٍ عبر انشغالهم وإشغالهم بالصراعات المليئة بالسلاح. بهذا المعنى ومن الزاويةاللبنانية تُشكِّل "محطة" 1975 - 1990 منعطفاً لمسار...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم