"سمعتم أنّه قيل: عينٌ بعينٍ وسنٌّ بسنّ..."

 هذا القول يتعلّق بمعاقبة المجرمين وإحقاق العدالة. وإذا بالسيّد المسيح ينظر إلى الموضوع من ناحية التسامح، فيقول: "سمعتم أنّه قيل: عينٌ بعينٍ وسنٌّ بسنّ. أمّا أنا فأقول لكم: لا تقاوموا الشرّير. بل من لطمكَ على خدّكَ الأيمن فقدّم له الآخر أيضًا. ومن أراد أن يقاضيكَ ليأخذ قباءَك فتخلَّ له عن الرداء أيضًا. ومن سخّركَ لميل واحد فامضِ معه ميلَين" (متى 38:5-41). إنّ مبدأ المعاملة بالمثل يعود إلى شريعة حمّورابي في القرن التاسع عشر قبل المسيح. وقد أخذ به اليهود. فنقرأ في سفر التكوين: "من سفك دم الإنسان سُفِك دمه عن يد الإنسان لأنّه على صورة الله صُنِع الإنسان" (تكوين 6:9)؛ و"كلّ من قتل نفسًا فبشهادة شهود يُقتَل القاتل. فأمّا الشاهد الواحد فلا تُقتَل نفسٌ بشهادته. ولا تأخذوا فديةً عن نفس قاتل استوجب الموت، بل يموت موتًا" (عدد 30:35-31). نبذ يسوع هذه الطريقة البدائيّة، ومنع مقاومة الشرّ بالشرّ، وقدّم ثلاثة نماذج تطبيقيّة لهذا الروح الجديد. لكنّ هذه الأمثلة يجب أن لا تؤخَذَ حرفيًّا، ولا سيّما المثل الأوّل: "من لطمكَ على خدّكَ الأيمن فقدّم له الآخر أيضًا"، وإلاّ بدت المسيحيّة ديانة مستحيلة التطبيق. بل يجب أن تؤخذ بروحها، بحسب قول بولس...