منى السعودي قَمَرُ نحتِها يكتمل مشغوفًا بهندسة الروح ومحروسًا بشمس الموت (1945 – 2022)
18-02-2022 | 00:00
المصدر: "النهار"
ذهبت منى السعودي هذه المرّة (1945 – 2022) ذهابها المرير الأخير، بحثًا عمّا يستكمل لديها ما نقص من مشهد القمر (المكتمل الذي لن يكتمل)، بموادّ، وبأساليب، وبرؤى، قد لا تكون في حاجةٍ بعد الآن إلى الاستعانة بحجرٍ من غرانيت ومرمر، ولا بحجرٍ أرعن، ولا بالبرونز، ولا بالخشب، ولا حتّى باللون والتلوين، أكان هذا الشغل – سيّان - على ورقةٍ أم على قماش. البحث هذا يقتضي من الفنّانة الباحثة، أنْ يكون سفرها مديدًا، وربّما وصولًا إلى ما يرتقي بالهندسة إلى حيث لا رجوع. ذلك أنّ "قمرها المكتمل" لا يكتمل، إلّا مرتويًا بـ"ماء الحياة"، متفاهمًا مع ما يستلزمه "شروق الشمس" من تغيّبٍ وغيبوبةٍ وامحاء، مراودًا "أمزجة الأرض" بشهوات الأرض التي تتوالد من كونها شهواتٍ تستعرض أشكالها وأحجامها، التي تارةً تتجرّد، وطورًا تتصوّف، وفي الحالتين تسبحان في فضاءٍ ينفتح على المدى الأوسع. ولدت منى السعودي في عمّان بالأردن، ودرست في باريس، وعاشت في لبنان، وتوفيت في 16 من الجاري، بعد صراع مع المرض الخبيث، تاركةً وراءها إرثًا وازنًا في عالمَي النحت والرسم. ها هنا، يجدر القول بقوّة إنّه من المجحف إلقاء الضوء على تجربة منى السعودي من دون أن يوجّه أحدنا نظرةً سمحاء إلى نشأتها طفلةً في مساحاتٍ رحبةٍ وعفويّةٍ من الصخور الصلدة والحجار، في قلب النحت الذي تنحته الطبيعة الأمّ، على مقربةٍ من منطقةٍ في العاصمة الأردنيّة عمّان تغصّ بآثارٍ رومانيّة، كان لها الأثر الصلب في تكوين ذائقتها الفنّيّة، وفي تحفيزها على تطلّب العلوم التشكيليّة في مدرسة الفنون الجميلة بباريس في مجال النحت خلال الستّينات من القرن المنصرم. عرضت منى السعوديّ حيث استطاعت في عواصم العالم العربيّ ومدنه الثقافيّة، كما في أوروبا والولايات المتّحدة، لكن...

ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول