الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

لبنان... إلى متى لعبة التدمير الذاتي؟

المصدر: النهار
سميح صعب
سميح صعب
تعبيرية (تصوير مارك فياض)
تعبيرية (تصوير مارك فياض)
A+ A-
 
على رغم أن النزاع الداخلي اللبناني يتقاطع مع تأزم إقليمي عنوانه الأساسي التوتر الأميركي-الإيراني، فإن كثيراً من أسباب الأزمة اللبنانية تبقى ذات طابع محلي يحركه الصراع على السلطة وطبيعة النظام الطائفي والطبقة السياسية التي أفرزها.   
 
ومن هنا قد يستعصي على زعماء أجانب أرادوا التوسط في الحلول، أن يستوعبوا كيف يمكن بلداً ما أن يستمر فترات طويلة، مرة بلا رئيس للجمهورية، ومرة بلا رئيس للحكومة، على رغم تداعيات أزمات مالية واقتصادية واجتماعية وصحية غير مسبوقة.
 
بات نافلاً تعداد الأزمات التي تضرب لبنان. ومع اقتراب كل استحقاق رئاسي يدخل البلد في عنق الزجاجة ويرتفع منسوب التوتر ويبدأ الجميع برصد حركة الرياح الإقليمية لمعرفة في أي اتجاه تهب.   
 
لكن ولا مرة واجه فيها لبنان من أوقات الشدة ما جعل الكثيرين يحذرون من بلوغ نقطة الزوال أو الحديث عن أزمة وجودية كما هو حاصل الآن. وهذا دليل على  ان الأمر هذه المرة يختلف عن سابقاته، وأن المسألة لم تعد مسألة استحقاق رئاسي معتاد.   
 
ويشكل هذا مصدر خوف من قوى الخارج أكثر منه من قوى الداخل الغارقة في صراعات السلطة ومن دون أن تتنبه إلى أن سياساتها هي الأصل في تعريض مجمل الكيان للزوال، بما يؤدي إلى إلحاق لبنان بدول عربية زالت، إما بتدخلات من الخارج، وإما بحروب من الداخل. ولنا في سوريا والعراق واليمن وليبيا أمثلة حية.  لبنان تعدى وصف الدولة الفاشلة، ليدخل في طور الدول الزائلة.
 
مستويات الإنهيار هذه المرة لا قاع لها، وهي تهدد بجرف الجميع من دون استثناء. والطرف الذي يتوهم أنه سيكون رابحاً على أنقاض السقوط،  بينما هو نفسه خاسر، ولن يجد دولة ليحكمها، وسيتربع على أشلاء ما تلبث أن تنهار من تحته.     
 
الحاصل اليوم، يتعدى كل قواعد الصراع على السلطة بالشكل التقليدي أو المتعارف عليه حتى في دول أخرى، وكثيرون من المنخرطين في النزاع يعرفون أن المرحلة لم تعد تتحمل شروطاً وشروطاً مضادة، لأن أساسيات الدولة قد انهار معظمها وما تبقى في طريقه إلى الإنهيار والتلاشي.   
 
لبنان، على المحك، وليس الطائف، ولا حقوق طائفة بعينها هي المستهدفة. وهذا ما يجعل الخارج يحذر من الزوال، ويبدو في الوقت نفسه مستغرباً من سياسيين يمضون في لعبة التدمير الذاتي، تحت شعارات صارت ممجوجة وعفا عليها الزمن.    
 
وكل من لا يقرب المسافة نحو ولادة حكومة بأي شكل كانت، يكون مشاركاً في لعبة الهدم، وكل من لا يرى أن المرحلة تستوجب معالجات استثنائية وتضحيات غير عادية، يكون قاصراً عن إدراك تبعات التداعي الحاصل، ويكون مساهماً من حيث يدري أو لا يدري في لعبة الفناء الجارية.   
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم