الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

محميّة أرز تنورين... وجهتك السياحيّة الأنسب لنهاية الأسبوع

المصدر: "النهار"
شربل بكاسيني
شربل بكاسيني
محميّة أرز تنورين... وجهتك السياحيّة الأنسب لنهاية الأسبوع
محميّة أرز تنورين... وجهتك السياحيّة الأنسب لنهاية الأسبوع
A+ A-

إذا كنت من محبّي رياضة المشي في الطّبيعة أو مراقبة النّجوم والأجرام السّماويّة وحركة الشّهب والمذنّبات، وإذا كنت مصوّراً محترفاً، أو مُلمّاً باستكشاف الحياة البرّيّة بمكوّناتها كافّةً ودراستها، "محميّة غابة أرز تنورين الطبيعيّة" تضمن لك تجربة استثنائيّة من شأنها إشباع فضولك، وفرصة سانحة للهرب من الضّوضاء والتّلوّث بأشكاله كافّة.

على بعد 90 كيلومتراً من العاصمة بيروت، تمتدّ على مساحة 620 هكتاراً واحدة من أكبر وأكثف غابات لبنان والمنطقة، إذ تضمّ مجموعة من أشجار "الأرز اللبناني" (Cedrus Libani)، الذي يعود إلى الغابة الكبرى التي كانت تغطّي جبال لبنان يوم قَطَن الفينيقيّون السّاحل الشّرقي للمتوسّط. ويزيد عدد أشجارها على 1.500.000 شجرة أرز تنمو على علو يتراوح بين 1400م و1850م، حسبما ورد في الدّليل السّياحي للمحميّة، وتمتدّ على مساحة 620 هكتاراً، وهي إذ تُوحّد مع غابات أرز حدث الجبّة، نيحا، كفور العربة وقنات، تتجاوز الأربعة ملايين شجرة أرز، أي حوالي ربع ما تبقّى من الأشجار الخالدة التي أتت على ذكرها التّوراة والمخطوطات الهيروغليفيّة والسّومريّة.

يمكن اعتبار محميّة أرز تنورين التي أنشئت بموجب القانون رقم 9 تاريخ 25 شباط 1999، مختبراً لآلاف العمليّات البيولوجيّة والبيئيّة، إذ تشكّل نظاماً بيئيّاً قائماً بحدّ ذاته. ويمكن اعتبارها كذلك عيّنة مصغّرة من النّظام البيئي الكلّي، فهي تشكّل موئلاً لأكثر من 16 نوعاً من الثدييّات، كالأرانب والسّنجاب والثّعالب، بالإضافة إلى الخنازير والقطط البريّة، الذّئاب، ابن عرس، الغرير، القنفد، الضّبع المخطّط وفأر الحقول. كما يعتبرها الطّيور مرتعاً هادئاً وغنيّاً. ففي العام 2006، منح المجلس العالمي للطيور الغابة لقب "منطقة هامّة للطّير"، وقد تمّ فيها إحصاء 80 نوعاً من الطّيور المهاجرة والأخرى المعشّشة، منها: الحجل – والذي بات اليوم مهدّداً بالانقراض – الشّحرور، الدوري، البلبل، الحسّون، أبو الحن، العقاب، القرقف الأزرق، الحمام البرّي، دجاجة الأرض، الصّقر، الورور...

يعتبر مدير المحميّة المهندس شلّيطا طانيوس أنّ "هذه الغابة تشكّل مختبراً للدّراسات العلميّة التي أقيمت فيها والتي لم تتوقّف حتى اليوم، وهي ثروة علميّة تتميّز بالتنوّع البيولوجي الذي تزخر فيه". فبين أغصان الأرز وارفة الظلال، وعند جذوعها المستقيمة، يعيش اليوم أكثر من 1000 نوع من الحشرات النّادرة، كفراشات الليل والنّهار، والأخرى المرقّشة والحمراء المصفرّة، والخنافس وغيرها... ولعلّ الحشرة التي هدّدت الغابة باليباس المحتّم والزّوال هي التي لفتت ولازالت أنظار الاختصاصيّين والباحثين البيئيّين، وقد اكتشفت للمرّة الأولى في محميّة أرز تنورين وأُعطيت الاسم العلمي "سيفالسيا تنوريننسيس" (Cephalsia Tannourinensis) نسبةً للأرز التنّوري.

كذلك، تغصّ الغابة بما يزيد على الـ20 نوعاً من الأشجار، ويبقى أهمّها الأرز اللّبناني، بالاضافة إلى السّنديان والعفص واللّزّاب والقيقب والفاكهة البرّية (خوخ، تفّاح، إجاص، كرز...)، وغيرها. وتفترش أرضها مجموعة نباتات يتخطّى عددها الـ500 نوع ومنها: النّرجس، والحيحون والزّنبق وتوليب حلب والبنفسج وخزامى الجبل... أمّا الفطر فيتواجد بكثافة بين الأشجار بأنواعه التي تزيد على 87 نوعاً، بين صالحٍ للأكل وسام. بفعل هذا الغنى الفريد، ودعوات الجمعيّات البيئيّة، تشهد محميّة غابة أرز تنورين الطبيعيّة رحلات وزيارات كثيفة تكثر في الفترة الممتدّة بين نيسان وأيلول، وتتراوح بين الـ15 ألف زائر والـ20 ألف زائر سنويّاً. هذه النّسبة في تزايدٍ ملحوظ، يرافقها تزايد غير مسبوق لزوّارها في فصل الشّتاء، وعلى وجه الخصوص محبّي رياضة

الـ snowshoeingوالـSki-Doo والمصوّرين المحترفين، تزداد عاماً بعد عام... كما يقصدها السيّاح الأوروبيّون، الفرنسيّون والإيطاليّون على وجه التّحديد، من عشّاق النّجمة الرّاحلة داليدا، لالتقاط الصور إلى جانب منحوتتها التّذكاريّة في السّاحة التي شُيّدت على اسمها.

يبقى "الهدف الأوّل من إنشاء محميّة طبيعيّة هو تنمية المجتمع المحيط بها، من خلال السياحة البيئيّة"، يقول طانيوس، "بالإضافة إلى الهدف التّثقيفي والتّعليمي والمحافظة على الكنز الطبيعي الوطني"، فلذلك تحظّر إدارة الغابة الصّيد ضمن نطاقها، أو إدخال المأكولات والمشروبات، وبالتّالي التّخييم فيها وإشعال النّار لتحضير الطّعام للنّزهة أو للتّدفئة. كما يمنع منعاً باتّاً، على أي جهةٍ كانت، قطع الاشجار للتّجارة أو ما شابه، والدّخول إلى الغابة بالدّراجات النّاريّة أومركبات الـATV رباعيّة الدّفع، وإدخال الحيوانات الأليفة. وبطبيعة الحال، كونها محميّة طبيعيّة، يمنع المسّ بأشجارها ونباتاتها وصخورها، ورمي النّفايات فيها حتّى تلك القابلة للتّحلّل. ولكن، يمكن الاستعاضة بالمراكز المتخصّصة المجاورة للمحميّة للقيام بهذه النّشاطات وممارسة الهوايات والرّياضات المتنوّعة، دون أن تشكّل بذلك عائقاً زمنيّاً أو جغرافيّاً أمام الزّائر، بالاضافة إلى إمكانيّة التّخييم في بعض المناطق المحدّدة أو استئجار غرفة في الفنادق وبيوت الضّيافة التي تعجّ بها المنطقة.

كلّ هذا وأكثر من شأنه أن يضمن لك رحلة موفّقة وعطلة نهاية أسبوع شيّقة وهادئة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم