الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"دم يسيل من حجر الطيب" الّذي وُضع عليه جَسد يسوع؟ إليكم الحقيقة

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
"دم يسيل من حجر الطيب" الّذي وُضع عليه جَسد يسوع؟ إليكم الحقيقة
"دم يسيل من حجر الطيب" الّذي وُضع عليه جَسد يسوع؟ إليكم الحقيقة
A+ A-

"خبر عاجل من القدس". "الدم يسيل من حجر الطيب"، الحجر الذي وُضِع عليه جسد المسيح قبل دفنه، وفقاً للتقليد المسيحي، في #كنيسة_القيامة في #القدس. الكاميرا تركّز على الحجر، وتقرّب العدسة المسافة شيئا فشيئا، لتُظهِر بقعا تميل الى الحمرة على الحجر. الفيديو حصد في اليومين الماضيين عددا كبيرا من المشاهدين على وسائل التواصل الاجتماعي، مع مشاركات واسعة له. ما قصة هذا الفيديو؟ ما صحته؟ وهل سال فعلا الدم من حجر الطيب، وفقا لما يزعمه؟

"النهار" دققت من أجلكم.

الوقائع: 35 ثانية... التّصوير يتم، وفقاً للمشاهد، في مكان محدّد في كنيسة القيامة بالقدس: "حجر الطيب". على وقع ضجيج ناس في الخلفية، تتلاحق الصور من الموقع: "ترايبود" مع كاميرا تصوير، حجر الطيب، وبدا قربه اشخاص، أحدهم حمل صليبا كبيرا. شخص يقف امام العدسة ليحجب الرؤية. الحجر مجددا مع تركيز عليه، لينتهي التصوير بلقطة اخيرة له.

وقد أُرفق الفيديو بتعليق بالإنكليزية: "خبر عاجل من القدس، من كنيسة القيامة. دم يسيل من حجر الطيب الذي وضع عليه جسد يسوع قبل دفنه. يمكن ان تسمعوا الشرطة الاسرائيلية وهي تغلق الموقع".

في الساعات الماضية، نشرت صفحات عدة على "الفايسبوك" الفيديو على انه حديث العهد، في وقت نشرته اخرى مع تعليق: "عاجل... أعجوبة حدثت اليوم 2018/4/6، الجمعة العظيمة بالقدس. وظهور دماء على حجر التطييب بعد صلاة الساعة السادسة صباحا".

التدقيق:

-بحث على الانترنت يبيّن ان هذا الفيديو المتناقل قديم، بحيث يظهر انه تم نشره اوّلا في 11 ايلول 2015 على موقع "يوتيوب"، مرفقا بالسرد الآتي: "الجمعة العظيمة بالقدس، وظهور دماء على حجر التطييب، بعد صلاة الساعة السادسة، يوم 18/4/2014 معجزة استعلان". الصفحة الناشرة: Bahgat Makar.

-نتابع البحث، ونجد صفحة تحمل الاسم نفسه في "الفايسبوك" نشرت مرارا الفيديو نفسه خلال الاشهر الماضية، نقلا عن صفحة أخرى اعادت نشر الفيديو (في 6 نيسان 2018) مع سرد مفاجىء جديد له: "الاعجوبة حصلت في 6 نيسان 2018، يوم الجمعة العظيمة بالقدس". وذلك يعارض في شكل فاضح الزعم الأول الذي حدّد عام 2014 تاريخ حصول هذه الواقعة المزعومة.


-الفيديو نفسه حقّق خبطة مماثلة على وسائل التواصل الاجتماعي، لدى نشره قبل نحو 6 اشهر مع زعم ان "الاعجوبة حصلت في 6 نيسان 2018". للتذكير، الفيديو نفسه نشر اولا عام 2015، مع زعم سابق ان الواقعة سُجِّلت يوم الجمعة العظيمة عام 2014!

في حينه، استوجب الامر ان يؤكد امين مفتاح كنيسة القيامة المقدسة اديب جودة الحسيني، في تصريح اعلامي، أن الزعم ان "دما سال من حجر الطيب لا صحة له... وهو تشويه للحقيقه واستهانة بعقول العامة. وهذا ما لا نقبل به".

-اثر اعادة احياء الفيديو نفسه في الايام الماضية على وسائل التواصل الاجتماعي، يجدد الحسيني تأكيد عدم صحة الزعم المرفق بالفيديو. في الشرح، ان "شبكات التلفزيون تضع خلال اسبوع الآلام، كاميرات مختلفة داخل كنيسة القيامة لنقل الوقائع. ما نشاهده في الفيديو اضاءة حمراء انعكست على المغتسل، فبان ما بان، ليتخيل للعين ان هناك دما يخرج من الحجر. وهذا ما لم يحدث اطلاقا".

ويقول: "نصرح دائما عن المعجزات التي تحصل في كنيسة القيامة. اما نشر مزاعم غير حقيقية عن حصول معجزة ما، فلا يجوز ان نسكت عنها، خصوصا في ظل التقوى الشعبية، وخطر دمج الحقيقة بالباطل. هذا الخطر من شأنه ان يخرّب الدين".

-للسائلين عن "حجر الطيب"، تجدونه أمامكم مباشرة لدى دخول كنيسة القيامة. وفقا للتقليد المسيحي، انه المقام "الذي أعدّ فيه نيقوديموس ويوسف الرامي جسد يسوع لتكفينه ودهنه بالطيب قبل دفنه". وهو حجر من الجير الأحمر، "مزين بالشمعدانات والمصابيح".

حجر بحمرة واضحة توزعت في ارجائه. للعارفين، على غرار رئيسة تحرير مجلة "Terre Sainte" في القدس ماري ارميل بوليو، تقتضي التقاليد ان "يحضر الحجاج زيوتا معطرة لتطييب حجر الطيب"، او ما يسميه ايضا المقدسيون "بلاطة المغسل". "عادة، يدلق الحجاج الزيت المعطر على الحجر، ثم يمسحونه جيدا بقماشة معهم"، على ما تشرح.

ما نشاهده في الفيديو المتناقل، في رأيها، هو "انعكاس زيت معطر بلون الزهر دلقه أحد الحجاج على حجر الطيب، ولكن من دون ان يمسحه جيدا، بعدما استعجله الجنود الاسرائيليون لاقفال الموقع في ذلك اليوم. فظهرت هذه البقع المائلة الى الحمرة، بما حرّك مخيّلة بعضهم ان دما يسيل من الحجر".

-بدورها، تؤكد حراسة الاراضي المقدسة ان اي دم لم يسل من حجر الطيب. وتربط ما يشاهد في الفيديو "بوجود القليل من الزيت الأحمر الذي يستخدمه العديد من المؤمنين الارثوذكس لدلقه على الحجر". وتقول: "لا شيء مختلفا حقا (لجهة ما نراه في الفيديو). وقد حصل ذلك مرارا من قبل".  

النتيجة: لا، الخبر ليس عاجلا من القدس، ولم تحصل اعجوبة. الفيديو المتناقل قديم، بحيث صوّر عام 2014، وفقا لزعم لا يمكن تأكيده او نفيه ارفق به لدى نشره للمرة الاولى عام 2015. وما نشاهده فيه ليس دما يسيل من "حجر الطيب"، كما يزعم السرد المرفق به، بل انعكاس الضوء على بقع زيوت معطرة ملونة ظهرت على الحجر بعد تطييبه. المؤكد ان اي دم لم يسل من الحجر، لا عام 2014، ولا عام 2018.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم