السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

البحث عن أمّ كلثوم وعن... واقع المرأة في الشرق الأوسط

القاهرة - ن.أ. حسين
A+ A-

شهدت دور العرض الألمانيّة والنمسويّة العرض الجماهيريّ الأوّل لفيلم "البحث عن أمّ كلثوم" للمخرجة الإيرانيّة شيرين نيشات والممثّلة المصريّة ياسمين رئيس، وسط حالة من الجدل النقديّ حول الفيلم، ووسط تخوّفات من الموزّعين من طرحه للعرض الجماهيريّ في مصر بعد ما أبداه النقّاد من اعتراضات عليه. 

عمل تضافرت فيه الجهود من بلاد مختلفة، من إخراج وتأليف إيرانيّين وبطولة وقصّة مصريّتين وإنتاج أوروبّيّ يجمع ألمانيا والنمسا وإيطاليا وفرنسا بالإشتراك مع قطر... ما سبق يلخّص فيلم "البحث عن أمّ كلثوم" للمخرجة شيرين نيشات، ومن تأليف نيشات وشوجا آزاري وأحمد ديبا، ومن بطولة ياسمين رئيس. وقد حقّق الفيلم نجاحاً جماهيريّاً مع بدء عرضه في دور العرض الألمانيّة في 7 حزيران الماضي، ثمّ النمسويّة في 14 منه، بعدما شارك الفيلم في عدد من المهرجانات السينمائيّة الدوليّة.

وتدور قصّة الفيلم حول المخرجة الإيرانيّة ميترا، وتجسّد دورها الإيرانيّة ندا رحمانيان، والتي تقدّم فيلماً عن السيرة الذاتيّة لكوكب الشرق المطربة المصريّة الأشهر أمّ كلثوم، وتسعى للعثور على بطلة لفيلمها وهي المصريّة غادة، وتقدّم دورها ياسمين رئيس. ومن خلال ميترا وغادة، يقدّم الفيلم مقارنة بين أوضاع المرأة في الوطن العربيّ والشرق الأوسط حاليّاً، وما تواجهه من قيود اجتماعيّة ودينيّة وعمليّة، مقابل أوضاع المرأة في عصر أمّ كلثوم وما تجاوزته كوكب الشرق من تحدّيات للوصول إلى مكانتها المحلّيّة والدوليّة.

وإلى جانب النجاح الجماهيريّ، شارك الفيلم في مهرجان البندقيّة السينمائيّ في شهري آب وأيلول 2017، وفي المهرجان الدوليّ للفيلم العربيّ في قابس في نيسان 2018، ومهرجان أسوان الدوليّ لأفلام المرأة في شباط 2018، إلّا أنّ شركة Match Factory المسؤولة عن توزيع الفيلم على مستوى العالم، كشفت في رسالة خاصّة إلى "المونيتور" من خلال صفحتها على موقع التواصل الاجتماعيّ "فايسبوك" أنّها أوكلت حقّ توزيع الفيلم في مصر إلى شركة MC Distribution، المتخصّصة في توزيع العديد من الأفلام الأجنبيّة في الوطن العربيّ.

وفيما كشفت الصفحة الرسميّة لـMC Distribution، من خلال رسالة خاصّة إلى "المونيتور" أنّها حصلت على حقّ عرض الفيلم وتوزيعه في مصر، إلّا أنّها لم تقرّر بعد موعد عرضه أو دور العرض التي سيعرض فيها. وتواصل "المونيتور" من خلال "فايسبوك" مع مصدر من العاملين في الشركة، فضّل عدم ذكر اسمه، كشف أنّ الشركة تعاقدت على حقّ توزيع الفيلم في الوطن العربيّ، إلّا أنّها ما زالت تدرس جدوى عرض الفيلم في مصر، مشيراً إلى أنّ هناك العديد من الشكوك حول قدرة الفيلم على تحقيق نجاح جماهيريّ في مصر ورغبة دور العرض المصريّة في استقباله، ورجّح أنّ عرضه سيقتصر على بعض دور العرض الخاصّة بالنخب المهتمّة بالسينما، مثل دار عرض زاوية أو سينما الزمالك ولفترات محدودة.

وعرض فيلم "البحث عن أم كلثوم" لأيام عدة في سينما الزمالك بالقاهرة ضمن أفلام الدورة الثانية لمهرجان "أيام القاهرة السينمائي"، في نيسان 2018. وتعليقا على فرص الفيلم في تحقيق نجاح جماهيري في مصر، قال سيد علي، مدير سينما الزمالك، لـ"المونيتور" إن الفيلم نجح في جذب الجمهور الشديد الاهتمام بحركة السينما وتطورها في كل دول العالم بما فيها إيران والدول الأوروبية، اضافة إلى المهتمين بقضايا المرأة في الشرق الأوسط، "إلا أنه لم ينجح في جذب الجمهور العادي المهتم بالأفلام التجارية المصرية والهوليوودية"، على قوله.

وأشار إلى أن فرص الفيلم في تحقيق النجاح الجماهيري لا يمكن توقعها اعتمادا على تجربة عرضه الأول في سينما الزمالك ضمن فاعليات الدورة الثانية لمهرجان "أيام القاهرة السينمائي" لأن الفيلم تعرّض لحملة واسعة من الانتقادات من النقاد المحليين بعد ذلك العرض رغم الترحيب النقدي الدولي به، ولأن المهرجان نفسه حديث التأسيس ولا يزال في دورته الثانية مما يجعله غير معلوم للعديد من المصريين المهتمين بالسينما. وتأتي تخوّفات شركة التوزيع من طرح الفيلم في مصر معقولة في ظلّ الحملة الشرسة التي شنّها عدد من النقّاد عليه في الصحف العربيّة، حيث تواصل "المونيتور" مع عدد منهم لاكتشاف آرائهم عن كثب. وقال صاحب مدوّنة "عين على السينما" الناقد السينمائيّ أمير العمري لـ"المونيتور" إنّ الفيلم يحاول أن يجيب عن تساؤل: "كيف صعدت أمّ كلثوم وأصبحت صوتاً يدخل كلّ بيت في المدن والريف والصعيد متربّعة على عرش الطرب لأكثر من 50 عاماً، على رغم ظروف مجتمعها الريفيّ المحافظ الذي يهمّش المرأة، ولا يعترف بحقّها في الغناء في مقابل معاناة بطلة الفيلم ومخرجته في تحقيق الصعود نفسه، على رغم حياتهما في وقت يبدو المجتمع أكثر انفتاحاً؟"، مشيراً إلى أنّ الفيلم فشل في الإجابة عن التساؤل في ما يخصّ أمّ كلثوم أو بطلة الفيلم ومخرجته.

وأوضح العمري الذي شاهد الفيلم في مهرجان البندقيّة السينمائيّ، أنّ الفيلم كان لا بدّ أن يرصد من خلال السيرة الذاتيّة لأمّ كلثوم أسباب صعودها، على رغم الظروف، مع مقارنة تلك الظروف بالوقت الحاليّ في المجتمعات الشرقيّة، "إلّا أنّ اختيار المواقف التي يمكن أن تجيب عن ذلك السؤال في حياة أمّ كلثوم كان عشوائيّاً وغير واضح في الإجابة عن التساؤل، حتّى أنّنا نجد بعض الشخصيّات يظهر ويختفي من دون أن نعرف دورها أو نعرف من هي"، على قوله.

وأضاف أنّ الفيلم اختلق مواقف لم تحدث لأمّ كلثوم، مثل موقف تلعثم أمّ كلثوم أثناء الغناء أمام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، من دون أيّ تبرير، ممّا جعله سيرة ذاتية غير دقيقة عن كوكب الشرق، وأنّ جمهور الفيلم خرج من دون أن يفهم معاناة البطلة أو المخرجة وهل تتعلّق بالعمل في الأساس أم بحياتهما الاجتماعيّة والأسريّة.

واتّفق مع العمري في الرأي الناقد في جريدة "الحياة" اللندنيّة والروائي المصريّ شريف صالح، الذي قال إنّ الفيلم مليء بالأخطاء التاريخيّة عن حياة أمّ كلثوم وعن تصوير الواقع المصريّ في شكل حقيقيّ في العديد من المشاهد، مشيراً إلى أنّ العديد من الممثّلين ظهروا كمصريّين ريفيّين بأزياء لا تمتّ إلى الريف المصريّ بصلة، كما ظهر فيه أحد جماهير أمّ كلثوم في حفل لها في نهاية الستينات مرتدياً طربوشاً، على رغم أنّ المصريّين توقّفوا عن ارتدائه قبل تلك الحفلة بحوالى عقد ونصف عقد من الزمن، كما ظهرت في الفيلم أمّ كلثوم في حفلات عدّة بفستان قصير الأكمام، وهو ما لم تفعله على الإطلاق.

بينما قالت الناقدة السينمائيّة في جريدة "المقال" هبة محمّد علي إنها تتّفق مع وجهات نظر العمري وصالح، في غياب الخطّ الدراميّ الواضح وفي غياب الإجابات عن العديد من التساؤلات مع عدم محاولة تصوير الواقع المصريّ في شكل صحيح، وأضافت أنّ الفيلم غير واقعيّ بسبب غياب العنصر المصريّ، فيما جسد إيرانيّون ومغاربة وفرنسيّون أدوار العديد من المصريّين، بمن فيهم أمّ كلثوم كطفلة وكعجوز، حيث إنّ رئيس تجسّد دورها في فترة الشباب فقط.

فيما قال المنتج المنفّذ في الفيلم والمشارك في كتابة حوار المشاهد العربيّة فيه أحمد عامر: "أحترم آراء النقّاد، إلّا أنّ الفيلم يجيب عن تساؤله من خلال رصد الفروق بين حياة أمّ كلثوم وحياة كلّ من غادة وميترا، كما أنّ عدداً محدوداً من النقّاد المصريّين شاهدوه، ولذلك سيكون الحكم عليه ظالماً، والدليل أنّ العديد من المهرجانات العالميّة دعته للمشاركة فيها، كما أنّ الفيلم لا يعرض حياة أمّ كلثوم ليكون دقيقاً في التواريخ والتفاصيل، وإنّما يروي قصّة مخرجة إيرانيّة وبطلة مصريّة تحاولان عمل فيلم عن أمّ كلثوم خارج مصر، لذلك ربّما يكون غياب الدقّة والعنصر المصريّ عن بعض التفاصيل مبرّراً، لأنّه يعبّر في النهاية عن رؤية البطلتين لأمّ كلثوم وليس حقيقتها".

(Almonitor)

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم