السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"الزمن الجميل" يتغيّر: "الملعب ليس مكاناً للنساء، لديهن مسلسلاتهن التلفزيونية"

المصدر: "أ ف ب"
"الزمن الجميل" يتغيّر: "الملعب ليس مكاناً للنساء، لديهن مسلسلاتهن التلفزيونية"
"الزمن الجميل" يتغيّر: "الملعب ليس مكاناً للنساء، لديهن مسلسلاتهن التلفزيونية"
A+ A-

في ما مضى، كانت النساء الجزائريات يقفن جنباً إلى جنب مع الرجال في مدرّجات ملاعب كرة القدم، لكن الحال لم يعد كذلك اليوم في ظلّ الخوف المستجدّ في العقود القليلة الماضية من تعرّضهن للاعتداء أو الشتم.

ويختصر أحد المشجّعين هذا الرأي الذي صار سائداً على رغم أن لا شيء في القانون يمنع النساء من حضور المباريات، قائلاً "ليس للنساء مكان في ملاعب كرة القدم".

وهكذا، بعدما كانت النساء الجزائريات يرتدن الملاعب مثل الرجال في "الزمن الجميل" حين كان الاختلاط الاجتماعي هو القاعدة، صارت الملاعب اليوم حكرا على الرجال، بحسب ما تقول جهيدة، السيدة الستينية المتخصصة بالتجميل.

ابتعدت هذه السيدة المحبة لكرة القدم من الملاعب بعد ولادة طفليها، ثم جاءت سنوات العنف والاضطرابات بين العامين 1992 و2002، فأقصيت النساء تماما عن الفضاء العام.

واليوم لم تعد جهيدة تفكر في العودة إلى الملاعب، فهي تخاف أن يشتهما أحد أو أن يعتدي عليها في المدرجات التي تخلو من النساء.

ويقول سيّد علي، وهو شاب عاطل عن العمل في الثانية والعشرين من العمر: "إن أرادت النساء مشاهدة مباراة لكرة القدم فعليهن أن يشاهدن فتيات يلعبن"، ويوافقه في ذلك جمع من الأصدقاء الملتفّين حوله أمام ملعب ناديه المفضّل "اتحاد الجزائر".

ويضيف: "نحن بحاجة إلى المرح"، ما يعني أن حضور النساء سيكون مزعجا، لا سيما عند تبادل الشتائم بين مشجّعي الفرق المتقابلة.

ويؤيّده كمال، وهو شاب في العشرين من العمر يناصر أيضا فريق الاتحاد كما يشير لباسه الرياضي باللونين الأحمر والأسود.

ويقول: "الملعب ليس مكانا للنساء. لماذا يردن غزونا بينما لديهن مسلسلاتهن التلفزيونية؟".

ويضيف: "النساء في كل مكان. فليتركن الملاعب لنا".

بعد سنوات من الانطواء عن المساحة العامة على إثر تصاعد المدّ الإسلامي المتشدد ثم سنوات العنف والاضطراب، تحاول الجزائريات أن يعدن شيئاً فشيئاً إلى الأماكن العامة.

وصارت النساء موجودات في أماكن ظلّت منذ "السنوات السوداء" حكراً على الرجال، منها المقاهي والمطاعم والمساحات في وسط العاصمة.

لكن كثيرا من الرجال والشباب يرون أن ملعب كرة القدم هو "قلعة" ذكورية و"متنفّس" للمشاكل التي يعانون منها، لا سيما العاطلون منهم عن العمل ومن لا تلوح أمامهم أية بارقة للمستقبل، بحسب ما تقول لوكالة "فرانس برس" الباحثة الاجتماعية يمينة رحو من مركز البحث في الانثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران.

ويبدو أن الملعب، في نظرهم، هو المكان الوحيد الذي يمكنهم فيه التعبير عن الغضب والاحتقان من دون أي ضابط، في مجتمع فيه الكثير من الضوابط والممنوعات، والقليل من وسائل الترفيه.

وتتمتع كرة القدم بشعبية واسعة في صفوف النساء الجزائريات، ويدلّ على ذلك خروج الكثير منهنّ احتفالاً بفوز فريق بلدهنّ، مع العائلة أو في مجموعات.

وتحضر النساء من دون أي مشكلة مباريات كرة اليد وكرة السلة وغيرها، لكن حضور مباراة كرة قدم هو بمثابة "انتحار" بحسب سامية ابرهيمي (25 عاماً).

فالمدرجات تتحوّل في لحظة إلى ميدان معركة وتراشق بشتى أنواع المقذوفات، أما أطراف المدرّجات فتكون مسرحا لمواجهات بين المناصرين وقوات الأمن.

ونددت رئيسة جمعية ترقية الرياضة النسوية دنيا حجاب بغياب الإرادة السياسية لتغيير هذا الوضع.

وأشارت إلى أن المسؤولين السياسيين ومنظّمي كرة القدم يجلسون في المنصة الشرفيّة، لكن لا يصطحبون نساءهم، علماً أن من شأن ذلك أن يصبح مثالاً يحتذى به.

وفي انتظار ذلك، تتابع النساء كرة القدم على التلفزيون، مثل لامية التي تتسمّر مع زوجها إلياس أمام الشاشة وقت المباريات.

وتقول لامية: "لا يمكن أن نذهب كعائلة إلى الملعب. كيف أشرح لابني أن رجالاً يسبون أمه بأقبح العبارات؟".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم