الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الثنائيان "اسمهان - فريد الأطرش"/ "أم كلثوم - عبد الوهاب"\r\nآن أوان قراءة تاريخ "النهضة النغمية" العربية

المصدر: "النهار"
Bookmark
الثنائيان "اسمهان - فريد الأطرش"/ "أم كلثوم - عبد الوهاب"\r\nآن أوان قراءة تاريخ "النهضة النغمية" العربية
الثنائيان "اسمهان - فريد الأطرش"/ "أم كلثوم - عبد الوهاب"\r\nآن أوان قراءة تاريخ "النهضة النغمية" العربية
A+ A-
خلال رمضان الذي انقضى، اكتشفت الاسطورة الممنوعة، الشيء الذي يجعل البلابل السموية تصير من جنس البشر وتموت ليس كمثل البشر، عاش سيد درويش 31 سنة فقط، ولم يعش السياب سوى 38عاما (للاخير اقران من العمر نفسه بالضبط مازالوا احياء الى الان بينما غادر هو مستعجلا منذ عام 1964)، موزارت عاش 35 عاما، واسمهان لم تعش سوى 27 سنة من الصخب والجمال، ورامبو انتهى من عمره الشعري الباهر وهو في العشرينات. كنت اقرأ الايام التي احترقت خلالها اسمهان وهي تتحسس برودة الماء القاتل، مجسدة، لا ادري لماذا، بخيال او بشبح امرأة سأراها امامي عياناً بالصدفة المحزنة (جاءت لتعزي بفقيدتنا رنده الشهال وبكت ولطمت) لتبدو لي غريمتها الحاضرة، التي لا تعرف لماذا يمكن ان تقحم في مثل هذا الأتون الاسمهاني. مع انها تفعل ماكانت اسمهان تفعله، بعد ان انتهت وابتعدت كثيرا، اسباب المراوحة بين الجموح والحلم الانثوي والموت.لكن اسمهان وهي عاشقة الشام، لم يتسنّ لها ان تجعل كل سوّاق التكسيات، يقدمون بالفطرة ومن من دون اتفاق، على ايقاف سياراتهم خلال لحظة من اللحظات، ليصيحوا معا "بوس الواوا بوس" بينما هم ينحنون ليقبلوا الارض (هل ظنوا ان الارض تعاني من الواوا). اسمهان بصفتها زوجة امير جبل العرب. ومن سلالة امراء، استطاعت للحظة ان تلعب دورا، وتجمع سياسيين متباعدين في بيتها (بيت الامير حسن الاطرش في المدينة الاقدم في التاريخ) وتؤالف بينهم، من دون ان تجعلهم يقبلون الارض. فهم كانوا في نظرها اقل من جمهور، وصفوة مجتمع، تستحق ان تكون وسيلة لاطفاء جموح ماوراء الحياة العادية بين تضاعيف نفس ملتاعة ومأخوذة، تتلهى بانتظار الموت، حتى لا تقتحمه كما فعلت مرات (يقال انها اقدمت على محاولة الانتحار مرتين) يوم كانت المهمة الكبرى في الفن والحياة اعظم من ان تدرك، والطرق ما بين الغناء او السلطة، لايمكن ركوبها بالقلق، وتناقضات واضاءات النسب والرغبة في الطيران "اتعرف ياحسن لماذا اغمض عيني حين اغني افعل ذلك لانني اكون في دنيا اخرى ارحمني ياحسن لقد كنت كريما معي فطلقني... طلقني ياحسن" (من مسلسل اسمهان).أرعبني، وانا اشاهد احدى القنوات المصرية وجه صلاح عيسى المتغضن، والذي يشبه وجه "عشماوي" جالسا مع شرطي قدموه كلواء في الامن، "ولكم ان تتخيلوا ما يعنيه هذا المنصب، مع نكرة من صحافيي التزلف، جيء بهم لكي يشتموا اسمهان "الفاجرة"، التي كانت في القدس لا همّ لها سوى ان تحصل على المال، وتفعل ما لا يعلم بخفاياه الا الله (هذا ما قاله المثقف اليساري صلاح عيسى، بوجه ينضح بالكبت الجنسي، والصفاقة اللائقة بسقط من متاع بن لادن). تصورت وقتها ثلاثة غير هؤلاء الثلاثة يتحدثون بفعل عدالة الاقدار المستحيلة، وهم من مصر لا من غيرها، عن اسمهان، لانهم يعرفونها بالروح، اولهم صلاح جاهين والثاني نجيب سرور والثالث الشاعر الموغل في الحزن امل دنقل. وقتها كانت الشاشة التي سودها وجه صلاح عيسى، والشرطي، والإمّعة، تشتعل بعالم لا يحتمله زمن الموت الذي يخيم علينا اليوم.كان محتما عليهما ان تتمايزا في المشابهة، ففي الفاصل الزمني الطويل بينهما تقلبات تكمن في طياتها صدمة معاني تاريخ ومآلاته. تقول هيفاء وهبي الاشياء بوضوح اليوم، بينما اسمهان تتوارى، وتترك التباسا، قد يبدو أقوى لاثارة المزيد من الخيال، ومن الرغبة الممنوعة، واشعال الرغبة (اهوى/ قهوة)... فاتنتان... ولاشك ان اسمهان كانت "مثيرة" ومرغوبة، غير انها لا تصل من هذه الناحيه الى مستوى هيفاء وهبي (للمناسبة كانت هنالك مطربة عراقية اسمها هيفاء وهبي واخرى اسمها احلام وهبي، غير ان الاولى اجمل ولها قصة سارويها عَرَضا في السياق) فلقد كُلِّف ضابط امن وسيم بمراقبتها ورصدت له ميزانية وراح يتردد على الملهى الذي تغني فيه وقد تمكن من التعرف عليها بالفعل وبعد اللقاء الثاني بينهما كتب مذكرة لرئيسه يطلب اعفاءه من...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم