2017... انتصارات نسائية منقوصة والبحث لا يزال في البديهيات

ندى أيوب

بعد أيام ستطوى سنة 2017 ومعها سنطوي فصلاً من فصول كتاب "تحديات #المرأة اللبنانية". كتاب غلبت السوداوية على صفحاته هذا العام مع وجود بعض الانجازات. للمتابعين، فان العام 2017 حمل أنصاف انجازات للمرأة اللبناينة، اما قانون الانتخاب فكرّس نكسة فظيعة.

جرائم طالت #نساء لبنانيات، لأسباب متعددة، تتفاوت بين #عنف أسري، جرائم شرف، أما أدوات القتل فتراوحت بين الطعن بالسكين، رصاص من مسدس، ضرب حتى الموت. الا أن المشهد المأسوي الأبرز كان قتل 5 نساء في غضون أسبوع. 

5 نساء خلال أسبوع

كانت أربع نساء قد لقين حتفهن في مناطق مختلفة من لبنان،  أولاهن يمن درويش (22 عامًا)، التي وجدت مقتولة بطلق ناري في صدرها، وضربة على رأسها، الأربعاء 13 كانون الأول، في بلدة عريضة بقضاء عكار، ولايزال زوجها رهن التوقيف. 


ووجدت نظيرة الطرطوسي (متزوجة، 15 عامًا) ميتة، يوم 15 كانون الأول، في بلدة جاموس في عكار، وقيل إنها "انتحرت". 

كذلك كانت الدبلوماسية البريطانية، ريبيكا دايكس، أشهر القتيلات، لما أثارته جريمة القتل من ردود فعل على وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي. وعثر على دايكس (29 عامًا) جثة هامدة على طريق المتن السريع، صباح السبت 16 كانون الأول، بعد تعرضها لمحاولة اغتصاب من قبل سائق التاكسي الذي كان يقلها إلى مكان سكنها، وهو الآن موقوف على ذمة التحقيق. 


وآخر ضحية هذا الأسبوع كانت فاطمة أبو حسنة، والتي قتلها صهرها، الاثنين 18 كانون الأول، في بلدة مشمش في عكار، وهو موقوف حاليًا.

وللغاية دعت حملة "كان فيها تكون أنا" المناهضة للعنف ضد المرأة، إلى تجمع لإضاءة الشموع حداداً على مقتل أربع نساء. وجاءت الدعوة عبر صفحة الحملة على "فايسبوك"، على أن يكون موعد التجمع يوم السبت 23 كانون الأول 2017 الساعة الخامسة عصرا، تعبيرًا عن الحزن والغضب على مقتل أربع نساء خلال أسبوع واحد، من 13 الى 18 كانون الأول. 


ولم يمضِ 4 أيام على وفاة الضحية الاخيرة، فاطمة أبو حسنة، في 18 كانون الأول حتى سُجِلَت جريمة جديدة بحق ملاك المقداد التي وصلت الى مستشفى المقاصد مطعونة في بطنها وفارقت الحياة. زوج الضحية يقول انها قتلت نفسها، وهو الآن موقوف ويجري التحقيق معه، أما عائلتها فتؤكد أن زوجها كان يضربها ضربا مبرحا. الأكيد أن ملاك قتلت بطريقة وحشية والجميع بانتظار ان تكشف القوى الأمنية عن الوحش المتخفي بقناع على شكل انسان.


تحرش بـ"الجملة"
 


على الرغم من أن ظاهرة التحرش الجنسي تطفو على السطح مجددا بعدما كثرت حوادث التحرش في لبنان، فإن قانون معاقبة الـ #تحرش لم يقر بعد في مجلس النواب. ففي 8 آذار 2017 أقر مجلس الوزراء مشروع القانون الذي تقدمت به وزارة الدولة لشؤون #المرأة والذي ينص على فرض عقوبات على جريمة التحرش الجنسي. وأهدى الوزير جان أوغاسابيان هذا الإنجاز إلى المرأة اللبنانية في يوم المرأة العالمي، إلا أن مشروع القانون لا يزال لدى اللجان النيابية ولم يبدأ البحث فيه بعد. 


بعد 3 سنوات... قاتل منال عاصي حُكِم 


أخيراً قال القضاء كلمته في قضيّة ضحية العنف الأسري منـال عاصي التي قتلت على يدّ زوجها محمد النحيلي عام 2014 بأبشع الطرق. ثلاث سنوات ونصف السنة مرتّ على اليوم الدموي الذي شهد واحدة من أفظع الجرائم في لبنان، من دون ان ترتاح منال في قبرها، بحكم يأخذ حقها من زوج ضربها حتى الموت على مرأى من والدتها وشقيقها، الى أن قضت محكمة التمييز برئاسة القاضية سهير حركة في 2 تشرين الثاني بسجن النحيلي 18 عاماً أشغالاً شاقة في قضية قتل زوجة. 


وفي هذا السياق تشدد المحامية في جمعية "كفى" ليلى عواضة على ضرورة المحاكمات السريعة والعقوبات الرادعة، قائلة "لا يمكن الانتظار 3 سنوات لصدور حكم بحق قاتل، هذا الامر بحد ذاته يشكل معاناة لأهل الضحية".

قانون الانتخاب... النكسة الفظيعة 


الطريق مقطوعة أمام الكوتا النسائية في لبنان المتأخر أصلاً، عن دول عربية أخرى اعتمدتها قبله من أعوام. فعندما يتعلق الأمر بالمرأة وبحقوقها يصبح كل طرح متعثر الاتفاق، وهذا ما شهدناه في موضوع الكوتا النسائية، إذ إنّه على الرغم من كل الاصرار الذي أظهرته بعض القوى السياسية على أن يكون هنالك كوتا نسائية في القانون الانتخابي العتيد الذي اقرته الحكومة في 14 حزيران، وعلى الرغم من كل الآمال والاطمئنان الذي اوحى بهما رئيس الحكومة سعد الحريري للمرأة حين قال ان "الوقت حان لكي تكون المرأة حاضرة في المجلس النيابي وبنسبة لا تقل عن 30 في المئة ، إلا أنّ كل هذه الطروحات والتطمينات قد سقطت بعد أن قال الحريري عقب الاتفاق على قانون الانتخاب "للأسف لم ننجح بإقرار الكوتا النسائية". 

وتعلق عواضة على موضوع الكوتا قائلة "ممانعة ذكورية فظيعة حرمت المرأة اللبنانية من حقها في الكوتا، علما أنه من المعيب الاستمرار بالمطالبة بالبديهيات التي تتعلق بالمواطنة الكاملة للمرأة اللبنانية، شأنه شأن موضوع منحها الجنسية لأولادها".


إلغاء المادة 522 إنجاز منقوص؟ 


ألغى مجلس النواب في جلسته التشريعيّة، في 16 آب المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني، التي تعفي المُغتصب من العقوبة في حال زواجه من الضحية، ما يحرمه من أيّ سبب تخفيفي للجريمة. "لبنان لم ينتصر للنساء، والمادة 522 لم تُلغَ بالكامل، والنواب يحاولون إلهاءنا بانتصارات جزئيّة"، هذا ما عبّرت عنه عواضة، موضحة "تمّ إلغاء مفعول المادة 522 عن جريمة الاغتصاب فقط، بعد أن كانت تطبّق على كلّ الجرائم الواردة بين المادتين 503 و521 (بما تتضمّن من مجامعة قاصر وفضّ بكارة بوعد الزواج والخطيفة) وتعفي مرتكبها من العقاب في حال تزوّج الضحيّة، ومن دون أن ينسحب على المادة 505 المتعلّقة بمجامعة قاصر أتمّت الخامسة عشرة من عمرها. 

وتضيف عواضة "لا شكّ في أن إلغاء المادة ينطوي على تقدّم خطوة واحدة، ولكنّها ليست كافية، هناك ثغرات لن نساوم عليها، تكرّس مبدأ التزويج المبكر والزواج بالإكراه". 

دور الإعلام والمجتمع المدني 


تشير عواضة الى أن "حالة من الوعي بدأت تنتشر في المجتمع اللبناني حيال قضايا المرأة، والمعركة اليوم بين من وصلوا إلى هذه المرحلة من الوعي والإدراك من جهة والمجتمع الذكوري من جهة أخرى". وتصف هذه الحالة بالانجاز الصغير الذي حققته الجمعيات والمجتمع المدني. 


"الإعلام شريك في المعركة أيضاً، وعبره يصل الصوت أسرع" تقول عواضة، مؤكدة على التمسك بالشراكة معه. 


وفي نهاية العام لا بد من توجيه تحية لنساء لا يعلم أحد بمعاناتهن، لنساء يتحملن الظلم ويفضلن التكتم عن معاناتهن خوفا من مجتمع تسيطر عليه العقلية الذكورية. لتتحلى نساؤنا بالشجاعة الكافية وتفضح الممارسات ضدها من تحرش وعنف وانتقاص في الحقوق وتمييز ولتواجه السلطة وتنتزع حقوقها بإقرار قوانين تكرس مواطنتها الكاملة وتحميها من اي فعل يمكن ان يمس كرامتها وكيانها. على امل ان يحمل العام 2018 انجازات وانتصارات في مسيرة النضال هذه.

اقرأ أيضا: التحرش الجنسي ثقافة مجتمع "برعاية قانونية"