هدايا الميلاد... "على قد بساطك"

زحمة السير واكتظاظ المحال التجارية ليسا بالضرورة دليلاً على ازدياد العمليات الشرائية في شهر كانون الأول خلال الأعياد، خصوصاً هدايا الميلاد. فقد بات جلياً الركود الاقتصادي في البلاد، نظراً إلى أن معظم المستهلكين يميلون إلى اقتناء الأرخص ويحاولون قدر استطاعتهم التوفير للتوفيق بين وضعهم المعيشي وتقاليد العيد المفروضة عليهم.

‎تبلغ قيمة الإنفاق على هدايا الميلاد نحو راتب شهر لأي فرد، وهي تتفاوت بين هدايا باهظة الثمن لأفراد العائلة وهدايا أرخص إجمالاً للأقارب والأصدقاء. طوني أنفق 1200 دولار على هدايا الميلاد هذا العام، أي راتبه بكامله، نظراً إلى أنّه ينتمي إلى إحدى العائلات المتوسطة، وقادر على ابتياع بعض الهدايا الباهظة، فاشترى لزوجته ساعة من الذهب مقابل 450 دولاراً، ولابنته ألعاباً بقيمة 300 دولار. ولأهله تلفازاً سعره 250 دولاراً ولأهل زوجته برادي منزلية بقيمة 200 دولار.

الحد الأدنى لكلفة الهدايا

‎رامي يعيش مع عائلته في الخارج، لكنه يأتي مع زوجته وابنتيه إلى لبنان للاحتفال بعيد الميلاد ورأس السنة مع الأقارب. ويقول: "نحن نكتفي بشراء الهدايا للأولاد ونفضل إنفاق باقي النقود على النزهات، باعتبار أننا نعمل بجهد العام بأكمله في المهجر لتحمل نفقات إجازة ممتعة في بيروت".

‎العام الماضي أنفق رامي وليال (زوجته) نحو 200 دولار أميركي على هدايا ابنتيه، والتي كانت بمعظمها ألعاباً. وتقول والدته التي استضافت العائلة إلى العشاء إنها أيضاً أنفقت ما يقارب 150 دولاراً أميركياً هدايا للأطفال، إضافة إلى نحو 200 دولار أميركي كلفة العشاء والحلويات.

‎لاحظنا في زيارتنا مجمعات تجارية عدة أنها مزدحمة بالزبائن، لكن المشترين قليلون، بحسب أحد العمال في محل للإلكترونيات. ويشير إلى أن الناس تميل إلى شراء الهدايا الأرخص بسبب الوضع الاقتصادي في البلاد. وهذا ما أكده بائع في محل للملابس، معتبراً أن عملية البيع مرتفعة في محله حيث يمكن إيجاد هدايا بأقل من 50 دولاراً أميركياً. وأكد أن معظم الهدايا التي يشتريها الزبائن تراوح أسعارها بين 30 و100 دولار.

‎المتاجر مكتظة والقدرة الشرائية متدنية

‎خلال تجوالنا في أحد المجمعات، صادفنا هنادي التي كانت تتسوق لعيد الميلاد، فاشترت قميصاً لزوجها مقابل 60 دولاراً، وألعاباً لابنيها بقيمة 100 دولارً، ولوالديها قسيمة شرائية بقيمة 100 دولار، موضحةً: "لا يعجبهما ذوقي في الملابس، لذلك أفضل أن أهديهما قسيمة شرائية ويختاران ما يعجبهما بنفسيهما". كما ابتاعت بيجاما لطفلة أخيها بقيمة 30 دولاراً.

‎راتب هنادي لا يتجاوز 800 دولار في الشهر، لذلك تحاول قدر المستطاع أن تُقدّم هدايا للعائلة بما يتوافق مع حالتها المادية، ذاكرةً أن زوجها يتحمل باقي النفقات من إيجار المنزل ومصاريفه ومدارس الأولاد، لذلك تحاول أن لا تستعمل راتبه خلال فترة الأعياد بالأخص، بل تبدأ بالإدخار من راتبها منذ شهر أيلول إلى كانون الأول.



‎تعيش مايا مع والديها وأخيها، ويقضيان العيد في المنزل حيث تزورهما أيضاً أختها مع زوجها وابنتها الصغيرة. وتقول مايا: "لم نعتد نحن الكبار جلب الهدايا لبعضنا البعض منذ سنوات طويلة، بل نجلب فقط لابنة أختي كونها طفلة، فنعتقد أن لا حاجة لجلب الهدايا للأهل والاخوة وما من سبب وراء هذه العادة بل نعتقد أن كلاً منا لديه أو يجلب ما يحتاج إليه". راتب مايا لا يتخطى 800 دولار وهي تدفع أقساطاً للجامعة. لذلك لا تستطيع أن تُقدّم الكثير من الهدايا، خصوصاً أنّها تحتاج إلى شراء الملابس وحاجيات البنات الخاصة.

‎تتفاوت المبالغ التي تنفقها العائلات اللبنانية على ابتياع هدايا الميلاد. فالعائلات الفقيرة قد لا يقرب منها العيد. أما العائلات المتوسطة فيمكنها تحمّل تحمل ثمن الهدايا الاساسية إلى حد ما. والعائلات الغنية إجمالاً لا يقلقها شهر الأعياد ولا قيمة الهدايا. وعلى الرغم من الهوّة الكبيرة بين الطبقات الاجتماعية في لبنان، فلا يمنعها هذا الفرق ولا غلاء المعيشة وتدني الرواتب من التأقلم مع وضع البلاد والاحتفال والتحلي بالأمل والسعادة.

‎وهنا قد يصح على هدايا الميلاد المثال الشعبي القائل "على قد بساطك مد تجربة".

اقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن حسومات مواقع التجارة الالكترونية خلال فترة الأعياد؟