السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

حاولنا إفهام الكونغرس ان صدام هدد عصب الحياة الإقتصادية في الغرب

المصدر: "النهار"
Bookmark
حاولنا إفهام الكونغرس ان صدام هدد عصب الحياة الإقتصادية في الغرب
حاولنا إفهام الكونغرس ان صدام هدد عصب الحياة الإقتصادية في الغرب
A+ A-
في الحلقة 13 من مذكرات وزير الخارجية الاميركي جيمس بايكر التي تنشرها "النهار" و"الشرق الاوسط"، يتوسع بايكر في شرح الجهود التي بذلها لاقناع الكونغرس الاميركي باجازة استعمال القوات التي ارسلت الى السعودية ودول الخليج الاخرى في الحرب التي ستعلن ضد صدام حسين لاخراجه من الكويت وتدمير آلته العسكرية واحباط خططه للتدمير الشامل. انها لضرورة مطلقة ان نتعاون. اننا نواجه تحديا صعبا جدا وعظيم الخطر. علينا ان نرسل الى صدام الاشارة الاقوى الممكنة الى انه عاجز عن احداث انقسام لدى الاميركيين. (بايكر الى قيادة الكونغرس في البيت الابيض، تشرين الثاني 1990). الرأي العام في هذا البلد هو كل شيء (ابراهام لنكولن 1859) في السابع من تشرين الثاني 1990، اي في اليوم الرابع من ايام رحلة شملت 11 بلدا واستهدفت اقناع شركاء التحالف بدعم قرار "جميع الوسائل اللازمة" في الامم المتحدة، وصلت الى موسكو بعد وقت قصير من الساعة الخامسة، وكنت في جناحي بفندق "ميغدونا رودنايا" بعد ساعة من الوصول. وقد اغتنمت فرصة وجود امسية لم تكن لدي خلالها ارتباطات، لتناول العشاء داخل الجناح ومن ثم التمتع بالتدليك. وقبل العودة ذهبت الى غرفة بوب كيميت حيث كان الموظفون المرافقون مجتمعين لتبادل الملاحظات في نهاية يوم كان قد بدأ في انقرة قبل 14 ساعة. كان كيميت يتحدث مع واشنطن بالهاتف. وكما هو شأن معظم افراد طاقمي، كنت ارتدي ملابس للجري وأضع خفين رياضيين، الزي المفضل خلال رحلات الطيران الطويلة. وفي وقت ابكر من اليوم نفسه، علمت خلال رحلتي بالطائرة الى موسكو للاجتماع بغورباتشيوف وشيفاردنادزه، من ريتشارد هاس ممثل مجلس الامن القومي في الرحلة، ان البيت الابيض خطط للاعلان في اليوم التالي، عن اعادة نشر واسعة للجنود الاميركيين في الخليج العربي. وكان الرئيس قد اصدر قرارا بذلك في 31 تشرين الاول، اي قبل ستة ايام من موعد الانتخابات التي تجرى عادة في منتصف الفترة. ولكي تسنح لنا فرصة التشاور مع شركائنا في التحالف والحيلولة دون تحول خبر نشر القوات مسألة حزبية تطرح في معركة الانتخابات فقد قررنا ارجاء الاعلان عن الخبر رسميا حتى موعد لاحق. كان التوقيت مريعا. فلا الكونغرس ولا حلفاؤنا كانوا مستعدين الاستعداد الكافي لسماع الخبر، فضلا عن انه لن يسر السوفيات. فأنا اعرف ان شيفاردنادزه الذي كان ضد الحل العسكري بشدة، سيغضب في حال شعوره مرة اخرى بأنه ابلغ بالخبر بعد صدوره. اذن فالافضل الانتظار اياما عدة للتأكد من انه تم الاتصال بجميع الافرقاء. ونظرا الى انني كنت منزعجا بسبب عدم التشاور معي حول قرار تقديم موعد اعلان الخبر، فقد عبرت عن التبرم والضيق امام هاس، الضحية المناسبة لذلك، وتساءلت: "لماذا بحق الجحيم لدي مسؤول من لجنة الامن القومي يرافقني في الرحلة؟". اذكر انني شكوت طالبا من هاس ان يشكو بدوره لسكوكروفت مباشرة وذلك بالنيابة عني. كما ارسلت في الوقت نفسه اعتراضاتي الى سكوكروفت نفسه بعدما اضفت اليها تنبيها حول فوائد تأجيل الاعلان عن الخبر ينطوي على دلالة رمزية مفادها ان الاعلان الذي يوشك من حيث المبدأ ان يجعل البلاد تفكر في الحرب على نحو جدي ربما كان من الافضل عدم اصداره في يوم المحاربين القدامى. اعاد كيميت سماعة الهاتف الى مكانها واكد ما كنا علمنا به بصورة غير رسمية على متن الطائرة في وقت مبكر من اليوم. وفي اليوم التالي اعلن الرئيس في واشنطن نبأ قرار زيادة عدد القوات. وكانت توصيتي الداعية الى ارجاء الاعلان حتى تستكمل المشاورات مع الكونغرس والتحالف، قد رفضت. ونظرا الى الحساسية الواضحة التي ينطوي عليها القرار، فقد تأجلت اذاعته بعض الشيء. ولكن عندما خشي البيت الابيض ان يتسرب من البنتاغون قررت تقريب الموعد الاصلي لاعلان النبأ. لقد افترضت ان البيت الابيض كان سينظم على الاقل عمليات شرح وتوضيح للخبر امام اعضاء الكونغرس الكبار، وذلك قبيل الاعلان الرسمي بواسطة الرئيس. ولكنني كنت مخطئا كما اوضحت مخابرة كيميت الهاتفية. وكنت مفعما بالدهشة والاستياء ازاء الخبر. غير ان جانيت مولينز ضابطة ارتباطي مع الكونغرس سرعان ما احست كأنها اصيبت بصاعقة عندما علمت بأن قرارا مهما كهذا ربما اذيع دون ابلاغ الكابيتول هيل به على النحو المطلوب. قالت: "لا اصدق اننا نقوم بما نقوم به دون ان يكونوا مطلعين على شيء. اذ ليس لديهم فكرة اننا نعد للحرب. انهم سيصابون بالجنون. سيكون لديك الكثير من الهراء الذي سيشغلك عندما تعود". كانت مولينز ذكية دائما في تقديراتها للكيفية التي سيكون عليها رد فعل الكونغرس حيال تطور معين. فمن الصعب على الكونغرس حتى الموافقة على ممارسة الضغط الديبلوماسي والعقوبات الاقتصادية. لكن التزام قوة عسكرية هائلة، التزاما جديدا، كان مسألة اخرى. واذكر انني فكرت في ان الحصول على دعم الكونغرس سياسة في الخليج اشد جسارة من ذي قبل، سيكون اصعب بكثير من تأمين موافقته على مشروع شامل للاصلاح الضريبي في فترة ريغان الثانية. اتصلت بالرئيس لأحضه على مهاتفة قادة الكونغرس شخصيا وزف النبأ الذي لن يكونوا سعداء بسماعه. كذلك اقترحت تنظيم برنامج على الفور يقدم الرئيس بموجبه عرضا للموضوع امام هؤلاء القادة بمجرد عودتهم الى واشنطن في الاسبوع التالي. والحال كما اسلفت فان مولينز تدرك رد الفعل، فحتى دون اشعار مسبق كان الكثير من اعضاء الكونغرس سيعربون عن معارضتهم قرارنا. غير انهم كانوا يستشيطون غيظا لانهم اخذوا على حين غرة. وقد استغرقت عملية اقناع المشرعين بفكرة دعم خيار التدخل العسكري الاميركي شهرين من الضبط وتقليل الاذى الحاصل، واصدار قرار من الامم المتحدة وشن حملة ديبلوماسية اخيرة من الرئيس كانت ذروتها المحادثات المباشرة بيني وبين وزير الخارجية العراقي. فهذا الخيار كان الكونغرس ينظر اليه بحذر منذ قام ليندون جونسون باستغلال قراره المتعلق بخليج تونكين والصادر في عام 1964...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم