الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هل تلحق 14 آذار بـ "8 آذار إلى باب الحوار لكشف حقيقة نياتها أمام الناس؟

اميل خوري
A+ A-

ترى أوساط سياسية مراقبة أن ليس من الحكمة رفض خطوة مد اليد للسيد حسن نصرالله ولا رفض العودة إلى طاولة الحوار حتى من دون شروط مسبقة، لأن من يرفض ذلك يصور للناس انه لا يسعى الى تحصين الوحدة الوطنية والحفاظ على السلم الاهلي، وانه يحاول حشر "حزب الله" في الزاوية وهو في مأزق ولا يفتح له باب الخروج منه بهدوء لئلا يضطر الى فتحه بالقوة ويكون من رفض فتحه بالتفاهم مسؤولا عما يحل بالبلاد لأنه كان صلباً ولم يكن مرناً.


لكن يجب ان يسبق العودة الى طاولة الحوار تفاهم على المواضيع التي ستطرح فيها ضمانا لنجاحه، لأن فشل الاجتماع للحوار أخطر من عدم الاجتماع. فإذا كانت النيات صافية، فالتفاهم يمكن ان يتم على عقد جلسة واحدة للحوار يعلن في ختامها الاتفاق على سحب مقاتلي "حزب الله" من سوريا تأكيدا لسياسة النأي بالنفس والتزام "اعلان بعبدا" والموافقة على الاستراتيجية الدفاعية التي اقترحها الرئيس سليمان، وعندئذ يفتح الباب واسعا امام تشكيل حكومة "وحدة وطنية" تنأى بنفسها نأياً تاماً عما يجري في سوريا وتنقذ لبنان من تداعيات الأزمة السورية.
أما إذا لم يكن في نية "حزب الله" الموافقة على كل ذلك وكانت مشاركته في المعارك الدائرة في سوريا أهم بنظره من مشاركته في الحكومة، فإن عليه عندئذ ان يعلن انه لا يعارض تشكيل حكومة لا تتمثل فيها 8 و14 آذار لتقطيع المرحلة التي تفصل عن موعد انتخابات رئاسة الجمهورية بأمن وأمان.
واذا كانت نية "حزب الله" سليمة حيال لبنان الا ان الظروف لا تسمح له بأن يعلن في اجتماع هيئة الحوار ما هو مطلوب منه، فلا حاجة عندئذ لعقد هذا الاجتماع لأن لا جدوى منه سوى جعل المتحاورين يدخلون في سجال لا طائل منه حول الازمة السورية وحول الاستراتيجية الدفاعية ويكون عدم الحوار عندئذ افضل من هكذا حوار ينتهي الى مزيد من الخلافات والانقسامات. وما على الحزب في هذه الحالة سوى ان يصدر بيانا يعلن فيه موقفه الصريح والواضح. فإذا كانت يريد تسهيل تشكيل حكومة منتجة فما عليه سوى ان يعلن اعتذاره عن عدم المشاركة فيها ويعتبر ان تمثيل الاحزاب والكتل في قوى 8 آذار هو تمثيل له ولا سيما حليفه حركة "أمل" بحيث تعطى حصة الحزب لهذه الحركة. اما اذا كان لا يريد تسهيل تشكيل الحكومة بأن يظل مصرا على مشاركته فيها رغم استمرار مشاركته في الحرب السورية وادراج الاتحاد الاوروبي الحزب على لائحة الارهاب وهذا الموقف السلبي يجعل غالبية الشعب اللبناني يحمله مسؤولية ضرب الوحدة الوطنية والسلم الاهلي، ويصير من حق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام الاقدام على تشكيل حكومة المصلحة الوطنية.
واذا اعلن "حزب الله" رفضه المشاركة في حكومة بدعوى ان سياستها هي غير سياسته، فلن تكون المرة الاولى التي يعلن فيها حزب الله ذلك، بل سبقته احزاب من قبل اضطرت رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف الى تشكيل حكومة من خارج مجلس النواب، فالكتلة الوطنية رفضت المشاركة في حكومة تألفت على اساس تطبيق اتفاق القاهرة، ورفضت المشاركة في حكومة تشكلت على اساس "اتفاق الطائف" وانسحبت من حكومات عندما تعارض موقفها وموقف الحزب من مشاريع مهمة وكانت احزاب اخرى تفعل الشيء نفسه في زمن تطبيق النظام الديموقراطي تطبيقا صحيحا، فلا ضير اذاً إن أعلن "حزب الله" رفضه المشاركة في حكومة تكون سياستها بحكم الظروف مغايرة لسياسة الحزب.
لذلك يمكن القول ان "حزب الله" هو الآن امام خيارين لا ثالث لهما: اما ان يعلن عدم مشاركته في حكومة سياستها هي غير سياسة الحزب ولا سيما بالنسبة الى الازمة السورية، أو يعلن مشاركته في الحكومة اذا التقت سياستها مع سياسته خصوصا بالنسبة الى الازمة السورية. اما ان يفرض الحزب سياسته على اي حكومة يتم تشكيلها ويفرض مشاركته فيها، والا فلا حكومة، فإن الشعب لن يغفر له اي موقف عنفي قد يتخذه من اي حكومة لا لشيء سوى ان الحزب غير ممثل فيها. واذا اضطر رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على تشكيل حكومة من خارج مجلس النواب فليست هي المرة الاولى، بل ان رؤساء سابقين لجأوا الى تشكيل مثلها. والجدير بالذكر ان حكومة الزعيم الراحل صائب سلام كانت حكومة من خارج المجلس في مستهل عهد الرئيس سليمان فرنجيه عندما تعذر عليه تشكيلها من داخله وعرفت يومها بحكومة الشباب، وكذلك فعل الرئيس الياس سركيس عندما تعذر تشكيل حكومة اتحاد وطني لأن الرئيس حافظ الاسد وضع "فيتو" على مشاركة الزعيم الراحل كمال جنبلاط فيها فهل يكون لـ"حزب الله" الموقف الوطني الشجاع الذي يخرج لبنان من ازمته فيسجل له في التاريخ؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم