السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

ضمانات استقلالية السلطة القضائية

المحامي فؤاد مطر
A+ A-

إن القضاء في لبنان لم يرتق بعد إلى مستوى السلطة والاستقلالية، وبغية أن يصبح في منأى عن السلطة السياسية، وخارج من تبعيتها، وتصنيفها الوظائفي، وتحويلها جهازاً أمنياً يحمي السلطة السياسية من المعارضة الشعبية والحراك المدني، إزاء ذلك لا بد من التعاون خصوصاً بين الحقوقيين لوضع الأطر والآلية القانونية للخروج من هذه المأساة والهرطقات التي تمس روح الدستور والقانون والعلم والنزاهة والحيادية والأخلاق.
وبما أنّ السلطة القضائية هي سلطة دستورية مستقلة ومتوازنة ومتعاونة مع بقية السلطات، فلا بد من جعل رأس هذه السلطة القضائية منوطاً بمجلس القضاء الأعلى، وجعل رئيس هذا المجلس رئيسًا لهذه السلطة، فهو يحسن السهر على حسن سير القضاء، وكرامته، واستقلاله.
إن الاصلاح يبدأ بقضاء مستقل عن السياسة، وتوفير كل الضمانات الضرورية التي تمكّنه من التصدي لكل مخالف يسيء في تطبيق القوانين مهما علا شأنه، وتأمين أكبر قدر من الفصل بين عمل القضاء وبين تدخل السياسة في شؤونه وأموره وقضاياه، وصدّ أصحاب النفوذ، المرتكبين مهما عظم مقامهم، وردع المتطاولين والمتدخلين في شؤون القضاء، وملاحقة المعتدين على الحق العام والأملاك العامة والمال العام.
أمام هذا الواقع، وابتغاءً للمرتجى، لابد من إقرار آلية واقعية لتثبيت استقلال القضاء والقضاة، وإلغاء التأثير السياسي عنهم، وهذا يحتاج إلى مناخ سياسي لئلا يبقى القضاء عرضة للتجاذبات، أقلها، وبشكل واضح وفاضح في تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى، والنائب العام التمييزي، ونقترح الآتي:
1 - رفع وصاية السلطة التنفيذية التي تجعل القضاء وظيفة إدارية تسلبه مقومات السلطة المستقلة.
2 - استقلال مجلس القضاء الأعلى واعتباره المرجع الصالح لكل شؤون السلطة القضائية والمسؤول عنها.
3 - تأمين استقلالية القضاء عن طريق انتخاب كامل أعضاء مجلس القضاء الأعلى، وتخصيص القضاء بموازنة مستقلة عن موازنة الدولة، بإعتبار أنّ صندوق قصر العدل يدخل أموالاً من الرسوم وغيرها تفوق النفقات الإدارية السنوية لوزارة العدل، وذلك عن طريق مجلس القضاء الأعلى الذي يحدِّد موارد هذه الموازنة وأوجه انفاقها ويحصر به إعدادها وإدارة كل الشؤون المالية والمادية الخاصة بالسلطة القضائية.
4 - تحصين القضاء من المداخلات السياسية في شأن التعيينات في المناصب عبر إعادة تنظيم واقع النيابات العامة وقضاة التحقيق، وإدراجها ضمن النظام القضائي، وتأمين استقلالها الكامل عن السلطة التنفيذية.
5 - اختيار القضاة عن طريق المباراة ورفع يد السلطة السياسية عن المناقلات.
6 - إعادة النظر جذريًا في تأليف وتشكيل مجلس القضاء الأعلى، واعطائه كل الصلاحيات المتعلقة بالقضاء، حيث تحصر به عمليات اختيار القضاة، وتأهيلهم وتعيينهم ونقلهم وتأديبهم وعزلهم، على أن يشمل قضاة النيابة العامة.
7 - إن تتوافر وحدة السلطة القضائية وشموليتها، بحيث يكون القضاء صاحب الولاية الشاملة في كل عمل قضائي بما فيه القضاء الاستثنائي والخاص.
إنّ الحق حتماً سينتصر، والمواطن يطمئن إذا توافرت سلطة قضائية مستقلة عن تدخل السلطة السياسية التي تغرق بالفساد والمفسدين.
ونتذكر هنا السؤال الموجّه إلى رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل في أعقاب الحرب العالمية الثانية عن كيفية الصمود فيما لندن تقصف بالطائرات، فأجاب: ما دام القضاة يجلسون على أقواس المحاكم، فإن البلاد ستنتصر.
إن بلدنا عزيز علينا، وهو في حاجة إلى سلطة قضائية مستقلة لمكافحة سوس الفساد الذي ينخر هيكلية الدولة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم