السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

أغرقن أنفسهن في نهر الفرات... كي لا يصبحن سبايا

فرج عبجي
فرج عبجي
أغرقن أنفسهن في نهر الفرات... كي لا يصبحن سبايا
أغرقن أنفسهن في نهر الفرات... كي لا يصبحن سبايا
A+ A-

بخطى ثابتة تعبر عن صمود قضية شعبها الارمني تسير باتجاهنا لتتحدث عن معاناة انسانية يتذكرونها ويبكونها لكنهم لا ينسوها ويتعلمون منها. اولغا برصوميان ابنة زقاق البلاط والمتجذرة من مدينة عنتاب الارمنية اساسا والتي تسيطر عليها تركيا الآن، تفتخر بانها تنتمي الى جماعة متحدة ومتحابة قائلة لـ"النهار":"افتخر انني انتمي الى هذا الشعب الحي، الذكي والناجح والفنان والمثقف، وهذا كان السبب الاساس للابادة التي ارتبكها بحقنا العثمانيون، لانهم كانوا يشعرون بالغيرة مننا ومن نجاحنا". وتضيف: "نحن شعب نتقن كل شيء، الزراعة والصناعة والتجارة والثقافة والفن، معظمنا كان من طبقة رجال الاعمال وهذا الوجه كان يرفضه العثمانيون همسا، لكنهم لاحقا اظهروه للعلن واخرجوا احقادهم القديمة".


اولغا التي باتت على مشارف التسعين عاما، وتتقن الفرنسية كالارمنية، تخبر عن النهضة التي اطلقها الارمن في تركيا على جميع الاصعدة الثقافية والمعمارية، لدرجة اصبحوا محرك الاقتصاد التركي، لكنها في الوقت نفسه تأسف لان العمثانيين ارتكبوا المجازر بحق شعبها بعدما انتهى دوره في ازدهار تركيا. وتقول "كنا نعيش معا ولم تكن هناك مشكلة، لحين بدأ الصراع يتصاعد دون اي سبب جوهري، لان العثمانيين كانوا بحاجة لنا وهم المتضرر الاكبر من رحيلنا، والقرار الذي اتخذه طلعت باشا وانفر باشا وجمال باشا في البرلمان العثماني وقضى بابادة شعبي كان عبثيا ويجب ان يدفعوا ثمنه".


اولغا، خزان من المعلومات منبعه الاساسي والدتها التي هربت من الابادة، فيما قضت شقيقتها الكبرى والوسطى في نهر الفرات قرب دير الزور. وتقول: "والدتي تمكنت من الهرب مع اهلها، لكن شقيقتيها لم تنجحا بذلك، لانه عندما حاصرهما الجيش العثماني ومئات الفتيات الارمنيات وعلمن انه عندما سيصل اليهن سيغتصبهن ويجبرهمن على العيش كسبايا لديه، قررن ان يرمين انفسهن في مياه نهر الفرات حيث قضين لانهن لا يجدن العوم، وهكذا فضلن الموت علىالعيش كسبايا عند العثمانيين".


تصمت اولغا التي تحمل على اكتافها اوزار التاريخ الارمني الاليم، لتعود وتخبرنا قصة حصلت خلال المجازر قائلة:" كانت هناك ام اضاعت ابناءها الثلاثة خلال الهرب وعادت لاحقا لتفتش عنهم واستغرقت مسيرة البحث اعواما عدة، لحين نصحها احد الاتراك بان تسأل احد الشيوخ الموجودين في المنطقة التي فقدتهم فيها، وبعدما توجهت الى الشيخ واخبرته قصتها، اتضح ان الشيخ ابنها بعدما اطلعها على اسمي شقيقيه، وهنا كانت المفاجأة لانه بقي على قيد الحياة، بعدما اخذوه وعلموه اللغة العربية والدين الاسلامي".


هذه عينة من مسلسل دموي اخرجه العثمانيون الذي برعوا في التعذيب والقتل والتنكيل بالشعب الارمني، والمؤرشف في كتب التاريخ وبالصور ولا زالت تتناقلها الاجيال الارمنية. وختمت اولغا قائلة:" مأساة شعبي شعرت بها منذ صغري عندما كنت اجلس الى جانب امي التي كانت تبكي عندما كانت تتذكر الالام التي عاشها شعبنا، وكنت اشاركها البكاء حينها من دون ان اعلم السبب، لكن عندما كبرت وعلمت السبب تحول ذلك الى مفخرة عندي، واصبح تاريخا نقلته الى اولادي واحفادي ليفتخروا به ويتعلموا منه ويكملوا القضية لحين ان تعترف تركيا حفيدة العثمانيين بالجريمة".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم