رضا وحيد... من الزمن السياسي الجميل

رحل اليوم الوزير والنائب الاسبق رضا وحيد، رحل الرجل العصامي المخطط الآدمي، الذي ربما يجهله كثيرون من الجيل الحالي، كونه ابتعد منذ فترة من الاضواء، ولكن جيل الستينات والسبعينات يعرفه ويعرف انه "والد" الضمان الاجتماعي والصحي، وهي المؤسسة الوارفة التي انتجها العهد الشهابي كثمرة من خيرة ثماره، وهي التي ظللت حسنات آلاف اللبنانيين بعطاءاتها وتقديماتها المتنوعة.

الضمان كان الشغل الشاغل لوحيد كيف لا وهو الآتي من الجنوب، ومن صور حاملاً هم ذوي الدخل المحدود والطبقات الفقيرة، وحمل ايضاً فكراً وتوجهاً تنويرياً تحديثياً تلقنه في فرنسا حيث درس في السوربون وتزوج من احدى بناتها، والواضح ان هذا الهم وهذا التوجه في شخصية وحيد وجد من يحتضنه ويهتم به ويجسده، وجد في الرئيس الراحل فؤاد شهاب ضالته الكبرى، فآمن كل منهما بالآخر وآمنا معاً بمشروع بناء دولة عبر ارساء مداميك مؤسساتها الحديثة المتطورة.
وهكذا أعطي وحيد فرصة ارساء أسس الضمان الاجتماعي على صورة علمية دقيقة صارت لاحقاً مثالاً يحتذى في العالم أجمع.
والى جانب ذلك كان للراحل وحيد تجربة سياسية مميزة، فهو خرق لعبة "الإقطاع" السياسي في الجنوب ليصير نائب عن صور لمرة واحدة 1957. وان لم تطل تجربته النيابية إلا انها اتصفت بالنزاهة والشفافية والخدمة العامة. وثمة مآثر أخرى تذكر للراحل اليوم وهي انه وضع أسس وزارة المغتربين التي ألغيت لاحقاً وهو أرادها تجربة مميزة تصل بين عالمي لبنان المقيم والمنتشر.