الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الثورة... و"حزب الله"

"ما تخوفونا بالحرب ومطالبكم الطائفية" (تعبيرية- "النهار").
"ما تخوفونا بالحرب ومطالبكم الطائفية" (تعبيرية- "النهار").
A+ A-
كتب بول ناصيف عكاري

كلّ قرن وأنتم بخير! أحوال البلاد تؤكّد نظريّة ابن خلدون بأنّ عمر الدولة هو مئة عام. البلد سوف يموت حتماً ولكن كيف ستكون قيامته؟ عسى أن تكون خيّرة غير دمويّة ومأسوية!

الأحزاب والتيّارات والمنظمات وما شابهها فعلت فعلتها بلبنان وما زالت تمعن.هذه الفرق تتحمل القسم الأعظم من المسؤوليّة عما آلت اليها الأمور. أسوأ ما فعلته أنّها تخلّت عن وطنيّتها (الخيانة) ورهنت نفسها وجمهورها لخارج ما (المرتزقة*) وتناطحت فيما بينها (الحروب المجّانيّة) من أجل الظفر المبين لهذا الغريب ووصولها الى السلطة كمكافأة لخدماتها (...). ماذا قدمّت هذه الأحزاب للبنان غير المآسيّ والدمار والتهجير والجهل والإفلاسات والانهيارات على كلّ الأصعدة؟

من أهداف الثورة الأساسية إعادة إنتاج منظومة من الأحزاب الوطنيّة الصرفة تكون غاية إنشائها ورؤيتها وأهدافها مبنية على اسس اتفاق الطائف والدستور اللبناني. بالإضافة، تكون سلميّة وطنيّة عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق من أجل تحقيق دولة أهل الخير وفقاً لبرامج وطنيّة واضحة المعالم وأن يكون تمويلها داخليّ ذاتيّ بالليرة اللبنانيّة فقط. عند وصول أيّ منها الى السلطة/الحكم فلتمارسه وفقاً لبرنامج اقتصاديّ اجتماعيّ سياسيّ، لا دينيّ لا خارجيّ، من اجل إعلاء شأن المواطن وعزّة الوطن.

في العقدين الأخيرين، تمكّن حزب الله من السيطرة على ديناميكيّة الحركة اللبنانيّة بجميع مفاصلها وبات الحالل والرابط. مؤخراً تمكن من السلطة بإيصال، عبر "بندقيّة المقاومة"، رئيس البلاد ألا وهو "حفيد من أحفاد الإمام علي(ع)" وحكومة تابعة له تعمل بظلاله ومجلس نيابيّ حدّث ولا حرج. ناهيك بالقضاء والأمن ووضع اليد على قرار الطائفة الشيعيّة. النتيجة جاءت كارثيّة والأوضاع تتجه الى الأسوأ وبالتأكيد الحزب وحلفاؤه يتحمّلون المسؤولية الكبرى. الغريب في الأمر أنّ من هزم الجيش الإسرائيليّ والتكفيرييّن انهزم في بناء دولته مناصراً حامياً "أمراء الفُجر" حتّى أصبح واحداً منهم. ألا تجدر محاربة الأعداء والوطن متعافى مستقر لا مديون لا غارق في الحرام ولا منقسم؟

إنّ أخطر ما يمثله الحزب على الصعيد الوطنيّ والمجتمعيّ هو عقيدته الخاصة "بولاية الفقيه" المستوردة من ايران وثورتها والتي تتنافى مع الفقه العامليّ اللبنانيّ ومعظم الحوزات. هذه العقيدة تعلو الدستور اللبنانيّ وتناقض اتفاق الطائف ووثيقة الحزب السياسيّة عام 2009. أمّا الإمرة للحزب فهي في الخارج " وتنفيذ أوامر ولي الفقيه واجباً إجبارياً". أمّا "اعتقاده بولاية الفقيه ففاق إعتقاد الإيرانيين أنفسهم". وبفائض القوة التي تكونت لديه فرض إرادته بنجاح على مختلف المكونات بسبب سؤ إدارتهم وتفككهم. فإذا الوصول الى السلطة/الحكم هو هدف كلّ حزب وغايته واضعاً ما يؤمن به من مبادئ وعقيدة موضع التنفيذ فليعلن دويلته الإسلاميّة ولينتصر لمشروعه. هذا بالتأكيد لن يحصل لأنّ الحزب هو عامليّ لبنانيّ بحت وعليه الإندماج مجدداً بالمواطنة والإنسانيّة لأنّ "كلّ شيئ دون هذا فهو مشروع فتنة أو فخّ للاستخدام والاستدراج والتورط".

من ناحية اخرى، أضحى الحزب أسير تحالفاته "وطبائعه المستجدّة" ومواقفه بحيث لا يرى شرعيّة إلّا لأقواله وأفعاله وسلوكيّاته ولا يريد أن يقارب الحقيقة. "الإستبداد يمهد للإنقسام وصانع للتجزئة والحروب الأهليّة والفتن...". أين الحزب من قيام الدولة المرتبطة بمصالح الناس وحقوقهم من حفظ الأموال وصون الأعراض وإقامة العدل فيما بينهم والعيش بأمن وأمان وسلام؟ أين الحزب من "الوطن النهائيّ لجميع أبنائه ودولة المشاركة في مجتمع تعدديّ"؟ ماذا ينفع لو ربح الحزب عالم الممانعة وخسر لبنان؟

قبل فوات الأوان ومن أجل الحفاظ على لبنان التنوع والحريّة والمساواة ومن أجل قيامة خيّرة، يجب على الحزب بكلّ صراحة ومن دون مواربة وقبل كلّ شيء تحديد مفهومه للبنان ومفهومه من عروبة لبنان، بالإضافة الى موقفه من اتفاق الطائف ومدى خضوعه للدستور. من ثم نطلب منه:

1. الطلب من الفقهاء العاملييّن تحديد موقفهم من "ولاية الفقيه في لبنان" لمساعدة الحزب على أخذ قرار العودة.

2. العودة الطوعيّة الى الوطن كحزب سياسيّ وطنيّ والإنخراط في المنظومة السياسيّة الوطنيّة (الحزب العامليّ اللبنانيّ؟) والتخلّي عن جميع انشطته السياسيّة والعسكريّة الخارجة على الوطن والعسكريّة في الداخل.

3. الغاء "ورقة تفاهم مار مخايل" لأنّها تناقض مفهوم العيش المشترك ومبادئ الدستور واستبدالها بتفاهم وطني وفقا لأسس اتفاق الطائف والدستور والدخول في حوار وطنيّ مع كلّ المكونات من دون أي أفكار وشروط مسبقة.

4. صيانة استراتيجية دفاعية وطنيّة سياديّة تشكّل مظلّة الحماية للبنان وفقاً لاحكام اتفاق الطائف والدستور وبالتنسيق مع الجيش اللبنانيّ من أجل حماية الوطن من أيّ عدو، وخصوصاً الصهيونيّ.

5. المساهمة الفعّالة في معالجة الأزمات الماليّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة من منطلق المصلحة الوطنيّة العلميّة والعمليّة والمساهمة في إنشاء دولة أهل الخير.

6. من أجل إثبات انسجامه مع مبادئه، المساهمة النشطة في محاربة الفساد ورفع الغطاء عن نفسه والحليف قبل الخصم والعدو.

7. رفع الغطاء والحماية والدعم وكلّ ما شابه عن جميع القضاة والقضاء والضباط والرتباء والأفراد وموظفيّ الدولة التابعين وغير التابعين.

8. المبادرة بفعّاليّة بأطلاق ورشة عمل تشريعيّة وطنيّة من أجل إصدار القوانين النائمة في الأدراج ومتابعة تنفيذها حسب الأصول ولا سيما المتعلقة بالقضاء والفساد والمحاسبة لأن "الساكت عن الحقّ شيطان أخرس".

عسى الله خيراً...
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم