السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

الغطاء السنّي ليس غطاءً عربياً

المصدر: النهار
عبدالوهاب بدرخان
عبدالوهاب بدرخان
الغطاء السنّي ليس غطاءً عربياً
الغطاء السنّي ليس غطاءً عربياً
A+ A-

الخلاف طبيعي ومتوقّع على مغزى اختيار مصطفى أديب، وليس على شخصه، فسواء تجاهل أهل السياسة والسلطة أو اعترفوا بأن الواقع اللبناني بعد انفجار المرفأ وقبله انفجار الغضب الشعبي ليس كما قبله، ستبقى الثقة بهم وبخياراتهم مفقودة. الفارق بين الحكومة المستقيلة وتلك العتيدة، أن الأولى ذات اللون الواحد بدأت عرجاء وانتهت فاشلة، وأن الثانية "الجامعة" كما وصفها مكلّفها ستعيد "كلّن يعني كلّن"، أو تقريباً "كلّن"، الى الواجهة. وإذ تنطلق "حكومة أديب" من دعم فرنسي وقبول إيراني، فضلاً عن غطاء سنّي يدعمه الثنائي الشيعي و"التيار العوني"، فإن أقصى طموحها أن تحظى بقبول شعبي ومجتمعي. لكنها لن تحصل عليه إلا بـ"معجزة"، لأن للدعم الدولي والدور الفرنسي محدّدات أميركية، ولأن القبول الإيراني مرتبط بأجندات طهران فقط.
لا جدال في أن "نظام حزب الله" هو المستفيد الوحيد من الحراك الفرنسي حتى الآن، إذ أتاح له إنعاش "عهده" وأشعره بأن الحصار فُكّ عنه، بل أعطاه ذريعة "تاريخية" للمحاججة بأن لبنان في حاجة الى "عقد سياسي جديد" وليس الى "الحياد" الذي يدعو إليه البطريرك بشارة الراعي. وتتمثّل تاريخية هذا الطرح بكونه يأتي من فرنسا التي أسست "لبنان الكبير" واعترفت له بـ"الحياد" كمبدأ جوهري لاستقلاله. قبل مئة عام تبنّت باريس "لبنان البطريرك الياس الحويّك"، وتبدو حالياً كأنها تتبنّى "لبنان الولي الفقيه"! ربما تأمل فرنسا بمصالح مباشرة في لبنان ولاحقة مع إيران، أو تطمح الى إحياء نفوذ اقليمي، أو تبحث عن توازنات بين اميركا وإيران تحت شعار "انقاذ لبنان"... كل ذلك وارد، لكنها لن تجد اليوم لبنانياً واحداً (خارج الحاضنة المذهبية الضيّقة) يعتقد بأن "حزب الله" عنوان "انقاذي" أو مصدر للاستقرار، لا في لبنان ولا في أي بلد تنشط فيه خلايا "نيتراتية" لهذا "الحزب". 
الأكيد أن الغطاء السنّي، المغلوب على أمره، لا يعني بأي شكل استعادة للغطاء العربي، بالأحرى الخليجي، طالما أن لبنان الدولة مغيّب، وأن حسن نصرالله ساهر أبداً على احباط وإفساد أي عودة عربية، يتساوى في ذلك أن يكون وزيره للخارجية جبران باسيل أو أحد آخر. ولا يختلف العرب عن اللبنانيين في تقويمهم بأن شيئاً لن يتغيّر "ايجابياً" في لبنان ما دام "حزب الله" مهيمناً. وعلى عكس ما يمكن أن يعتقده ايمانويل ماكرون، فإن التوصّل الى "عقد سياسي" أو "صيغة" جديدين في ظل السلاح غير الشرعي هو استحالة خالصة، إلا إذا أُريد فعلاً "زوال" لبنان، وهذا ليس هدفاً فرنسياً - حتى الآن.
لم يتغيّر شيء بالنسبة الى اللبنانيين مع تكليف شخص آخر لترؤس حكومة. يحدوهم طبعاً بعض من الأمل لكنهم خبروا "الحزب" وعهده والحكومات التي تلعب على ملعبهما. والأهم أن طريق الاصلاحات طويل وشائك، بل زادت صعوباته من "دياب" الى "أديب".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم