دوّامة الحنين

- ماذا تفعل عندما يستوطن الحنين قلبك يا صديقي؟!

- أبتعد

- ماذا!!!!

- أحجب نفسي عن الجميع لاسيما الذين أحنّ إليهم، لأنني أعلم أنني حينما أكون في ذروة اشتياقي، ستصدر مني أفعال لن يرضى عنها عقلي لاحقاً، وستلومني كرامتي حين أفيق... فأنا حين أشتاق أبادر بالصلح، وأتنازل عن حقي، أسامح للحد الذي يوهم أحدهم أنه ليس بمخطئ، وأن الأمر لا يتوجب منه الاعتذار، وقد يصل بي الأمر إلى أن أظن أنني من تفهّمت الأمر بشكل مغلوط، وأنني من أساءت الظن به... كل هذا يمكنني أن أفعله رغماً عني حينما يداهمني الحنين ويجتاحني الاشتياق، فما إن استيقظت من تلك الغفوة شعرت بالندم الشديد من فرط ما آل بي الحنين من تضحيات. ولذلك أخبرتك أنني حين اشتاق أغيب عن أعين الجميع، وأدلف إلى كهف عزلتي، حيث يتصارع قلبي وعقلي هناك خلسة، ولا أخفي عليك سراً، كثيراً ما كان قلبي ينتصر، ولطالما كنت أضعف وأبكي، إلى أن ينتهي بي المطاف وينتصر عقلي في الجولة الأخيرة ويحسم الأمر كله لصالحه، وحينها فقط يمكنني أن أغادر ذلك الكهف مطمئناً، فلم يعد يهمني أمر الاقتراب، ولم يخيفني كذلك أمر الابتعاد، لأنني تمكنت من اجتياز هذا الأمر بنجاح، وصرت لا أحمل لهم أي مشاعر على الإطلاق.