الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

خواطر عن مأزق لبنان

المصدر: "النهار"
فؤاد ميلان عبيد
خواطر عن مأزق لبنان
خواطر عن مأزق لبنان
A+ A-

تعلمنا في المدرسة غيباً، ظروفَ نشوب الحرب العالميّة الأولى.

لم نكن يومها على درجة من الوعي الكافي لنعلم كم هو لافت للنظر الفارق بين تلك "القصة" و"خبرية" "الحرب اللبنانية من ١٩٧٥ حتى ١٩٩١.

"القصة" كان فيها عرض للسبب المباشر وتفنيد دقيقاً للأسباب غير المباشرة لاندلاع الحرب الكبرى؛ هذا التفنيد ما هو إلا تحليل في السياسة وفي التموضع الجيوسياسي السائد آنذاك.

ما معناه أنّ المؤرخ (وعبره أمّته) توصّل الى نوع من الوعي الفكريّ والنضج السياسيّ سمح له أن يتجرأ بتقديم تحليلٍ سياسيٍ موضوعي يدرج في كتاب تاريخ تتعلّم من خلاله الأجيال القادمة أخطاء الأجيال الماضية حتى لا تتكرّر.

أما "خبرية" "الحرب اللبنانية" فقد بقيت كذلك، "خبرية"، لم يتجرأ حتى اليوم أي من أرباب ما يسمّى بالمنظومة الحاكمة، أكان داخل المؤسسات أو خارجها، أن يخلّدها بإدراجها في كتاب تاريخ موحّد، يذكر فيه أسبابها المباشرة وتلك غير المباشرة.

السبب هو أنّ الأسباب غير المباشرة تخيفهم.

تلك المباشرة معروفة تدين، لكن بعض الشيء، أما غير المباشرة فهي الأساس، ومن شأن الاتفاق عليها طيّ صفحات الماضي، وربما إقصاء المنظومة الحاكمة.

الأسباب غير المباشرة هي التي تحاكِم وتحاسِب، تبني ومن ثم تسامح، هي تُعلي من شأن فلان وتُدْني من شأن آخر، تُخرج هذا من رِحاب المؤسسات وتُدخل ذاك في قاعة شرف خدمة الوطن والمواطنين.

فلنسحب ذلك على واقعنا اليوم، على الدّرك الذي نحن فيه؛

الأسباب المباشرة لحراك ١٧ تشرين معروفة!

الأسباب المباشرة لانتفاضة ٨/٨/٢٠٢٠، معروفة ايضاً!

من سيأتي ليعلن ما هي الأسباب غير المباشرة لما يحصل معنا اليوم وأمامنا؟

هل كنّا بحاجة لنرى عاصمة بلدنا تتدمّر، لنبدأ الحديث عن الأسباب غير المباشرة؟

هل كنّا بحاجة لتُطحن لؤلؤة البحر الأبيض المتوسط لنقول إنّ المنظومة عينها التي ورثت لبنان بعد حربه الاهلية، مباشرةً او بعد حين، ومن ثم أخفت أسبابها غير المباشرة حتى تضمن وجودها وبقاءها، قد أفرغت دولتنا من كل شيء؟ قد عملت حتى تهترئ مؤسساتها؟ قد اجتهدت في تحويل لبنانيّ يبحث عن طريقة لتجاوز محنه الى بطاريّة تشحن المنظومة، لا تعلم ولا تقدر ان تحاسبها حتى لا تفرغ من الطاقة ويموت المواطن ليحلّ محلّه آخر لا تزال في روحه بعضاً من الطاقة تكمل عمليّة الشحن هذه؟

سوف نتعلم كيف نحكم أنفسنا، كيف لا نضيّع الفرص، كيف نحاسب، كيف نكافئ، والأهم، متى نكافئ!

ليتنا نتعلّم قبل أن يبرد دم الضحايا، وقبل أن تجد هذه المنظومة الخبيثة لدى الدول الأجنبية سبيلاً آخر لإعطاء اللبناني مزيداً من الطاقة ليعيد شحنها من جديد.

محام بالاستئناف

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم