الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ما موقف الدولة اللبنانية من قرار المحكمة وهل ستقوم بتوقيف المدان؟

الدكتور صلاح رعد
ما موقف الدولة اللبنانية من قرار المحكمة وهل ستقوم بتوقيف المدان؟
ما موقف الدولة اللبنانية من قرار المحكمة وهل ستقوم بتوقيف المدان؟
A+ A-

بعد صدور القرار عن قضاة الغرفة الدرجة الأولى في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والذي أدان فيه عدد من عناصر من حزب الله اللبناني ، يعود السؤال ليطرح من جديد ما موقف الدولة اللبنانية من هذا القرار وهل ستقوم بتوقيف سليم عياش بموجب قرار المحمكة ؟

أولاً : لا بد أن نشير إلى أن القرار الصادر اليوم عن غرفة الدرجة الأولى ليس نهائياً بل يجوز للمدعي العام أو للدفاع وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة الخاصة بلبنان تقديم استئناف طعنًا بالحكم ، و/أو العقوبة المفروضة، وأن الإستئناف اذا قدم يوقف تنفيذ أي قرار بالإدانة \\حتى صدور حكم غرفة الاستئناف. ولا تعيد غرفة الاستئناف المحاكمة بل تفصل في السببين التاليين: وجود خطأ في مسألة قانونية يبطل قرار غرفة الدرجة الأولى أو وجود خطأ في الوقائع تسبب في الاستنكاف عن إحقاق الحق .

وفي ظروف استثنائية، يجوز لغرفة الاستئناف أن تأذن للمدعي العام أو للدفاع بتقديم أدلة إضافية لم تكن متاحة خلال المحاكمة وذات صلة وموثوقة.كما يجوز لغرفة الاستئناف تصديق أو فسخ الحكم الابتدائي و/أو العقوبة أو إعادة النظر فيهما. ويجوز لها، عندما تقتضيه مصلحة العدالة، أن تأمر بمحاكمة المتهم من جديد من قبل غرفة الدرجة الأولى

ثانياً : بالرغم من الصلاحيات الواسعة التي تسمح للمحاكم الجنائية الدولية اتخاذ تدابير مباشرة، تبقى مساعدة الدول أمراً جوهرياً لا بديل عنه، إذ لا يمكن تنفيذ مذكرات الاعتقال إلا بمساعدة الدولة المعنية بالأمر، كما لا يمكن تجاهل البعد السياسي الكامن وراء ضمان تعاون الدول . أي أن افتقاد المحكمة لسلطة التنفيذ المباشر "يدخل المحكمة حكما في عالم السياسة .

إذاً ومع ابقاء فرضية استئناف القرار الصادر اليوم عن المحكمة الخاصة بلبنان تبقى الدولة اللبنانية ملزمة بالتعاون لتنفيذ مذكرة الإعتقال بحق " سليم جميل عياش " وفق القرار الإتهامي الصادر بتاريخ 10 حزيران 2011 عن المدعي العام الدولي القاضي دانيال بلمار والمصادق عليه من قبل قاضي الاجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية دانييل فرانسين ، وذلك وفقاً للإتفاقية المبرمة بين الأمم المتحدة والجمهورية اللبنانية بشأن محكمة خاصة بلبنان والمرفقة بقرار مجلس الأمن 1757 أو في نظام الإجراءات والاثبات الخاصة بالمحكمة أو في بروتوكول الاتفاق بين حكومة الجمهورية اللبنانية ومكتب الدفاع بشأن سبل التعاون بينهما.

معلوم ان لبنان كان قد ابلغ المحكمة انه لم يجد المتهمين الاربعة في اول تقرير رفعه ، عند انتهاء المهلة المعطاة له بعد تبلغه اسماء المتهمين الأربعة.

ما مدى إلزامية طلبات التعاون للسلطات اللبنانية والنتائج المترتبة عن عدم التنفيذ ؟


ما هي أحكام التعاون ما بين السلطات اللبنانية والمحكمة الخاصة بلبنان؟ هل يمكن اعتبار طلبات المحكمة ملزمة للدولة اللبنانية ؟ أم للأخيرة هامش للحرية في التقدير وتنفيذ هذه الطلبات؟ بكلام آخر هل أن صلاحية الحكومة اللبنانية في هذا الإطار مقيدة أو إستنسابية ؟

نصت المادة 15 من الاتفاق بين الأمم المتحدة والجمهورية اللبنانية بشأن إنشاء محكمة خاصة بلبنان والمرفقة بقرار مجلس الأمن 1757، أن على الحكومة اللبنانية أن تتعاون مع جميع أجهزة المحكمة الخاصة ، ولا سيما المدعي العام ومحامي الدفاع، في جميع مراحل الدعوى . وتسهل وصول المدعي العام ومحامي الدفاع إلى ما يتطلبه التحقيق من مواقع وأشخاص ومستندات ذات صلة . وعلى الحكومة أن تستجيب دون تأخير لا مبرر له، لأي طلب للمساعدة تقدمه المحكمة الخاصة أو امر تصدره الدوائر، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر : تحديد هوية الأشخاص وأماكن تواجدهم ، تبليغ المستندات ، القبض على الأشخاص أو احتجازهم، إحالة المتهم إلى المحكمة .

وقد نصت مذكرة التفاهم ما بين الحكومة اللبنانية ومكتب النائب العام في المحكمة الخاصة من أجل لبنان فيما يتعلق بصيغ التعاون بينهما بتاريخ 5 حزيران 2009 على أن تؤمن النيابة العامة التمييزية الممثلة بالنائب العام لدى محكمة التمييز في لبنان أو من ينوب عنه وبتفويض منه لهذه الغاية، وفقاً للأصول المقررة في القوانين اللبنانية، حصول التنسيق المناسب، بين مكتب النائب العام في المحكمة الخاصة والوزارات اللبنانية ذات الصلة، والمراجع القضائية اللبنانية والمؤسسات الرسمية الأخرى حسب الضرورة.

أما الإشكالية المطروحة فتكمن في معرفة ما ستؤول عليه النتائج والتبعات إذا لم تقم السلطات اللبنانية بتنفيذ طلبات المدعي العام أو رئيس مكتب الدفاع الصادرة عن المحكمة؟

جاءت المادة 20 من نظام الإجراءات والاثبات كجواب على هذا التساؤل، وميزت ما بين الطلب في الفقرة "أ" والأمر في الفقرة "ب" . وفي كلا الحالتين، إذا لم تمتثل السلطات اللبنانية الى الطلبات أو للأوامر المنبثقة عن المحكمة، ترفع هذه المسألة أمام السلطة القضائية التابعة للمحكمة. وفي هذه الحالة يكون القاضي أو الغرفة الأولى مناطة به (بها) صلاحية النظر بهذه القضية، وذلك بهدف دراستها وتقديم التوصيف الضروري لما ينتج عن عدم امتثال لبنان لأي من هذه الطلبات أو الأوامر. يؤدي هذا الاجراء الى "تنظيم محضر قضائي".

بعدها ذلك، يتدخل رئيس المحكمة الخاصة بلبنان ليتشاور مع الحكومة اللبنانية وذلك بهدف دراسة المشاكل والتوصل الى التعاون المطلوب. يؤدي هذا الاجراء الذي اتخذه الرئيس الى " تنظيم محضر قضائي آخر" تتم من خلاله عملية توصيف الأحداث بعد المشاورات التي تكون قد حصلت مع السلطات اللبنانية. وإذا اقتضى الحال، يقدر رئيس المحكمة إذا ما كانت الحكومة اللبنانية قد أخلت بالتزاماتها اتجاه المحكمة. وفي هذه الحالة، يحيل رئيس المحكمة المحضر القضائي الى مجلس الأمن الدولي الذي يبقى حراً في تقدير الوضع واتخاذ الإجراء المناسب.

الواقع العملي لتعاون الدولة اللبنانية مع المحكمة الخاصة بلبنان

عملياً ومنذ العام 2005، لم تتوقف الطبقة السياسية في لبنان عن استخدام القضاء الدولي كوسيلة في خدمة مصالحها السياسية البحتة، بعيداً عن أي رؤية موضوعية للأمور، كون هذه الموضوعية الضمانة الوحيدة لمقاربة سير عمل المحكمة بشكل سليم وذلك لمصلحة العدالة وإحقاق السلام. فقد تمحورت إحدى التحديات الأساسية للمحكمة الخاصة بلبنان حول غياب توافق بالنسبة الى عملها والتعاون معها . فالأفرقاء السياسيون في لبنان استخدموا المحكمة وعملها تلبية لرغباتهم ومصالحهم السياسية الضيقة . فعند أي خلاف بينهم يبدأ التهويل بالمحكمة والقرارات التي ستصدر عنها وتداعياتها ، وعند توافق الأفرقاء يخفت الصوت المهدد بالمحكمة وبالعدالة الدولية .

في الواقع لم يتمكن لبنان من توقيف المشتبه فيهم الخمسة ( والذي أصبح عددهم أربعة بعد وفاة المتهم مصطفى بدر الدين ) للمحكمة الخاصة بحجة عدم العثور عليهم ، مع العلم أن المحكمة على قناعة أن تنفيذ هكذا قرار يتطلب موافقة حزب لبناني على ذلك ( حزب الله )، وان هذه الموافقة شبه مستحيلة في ظل مواقف هذا الحزب الرافضة للمحكمة ، والتهم التي وجهها لها أنها مسيسة هدفها تشويه صورته في الداخل والخارج ، خدمة لأعدائه وأن هذه المحكمة هي شكل آخر من أشكال الحرب عليه .

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم